سلمى حسن ـ القاهرة قال فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف «حسنا فعلت دولة كازاخستان بقيادة الرئيس قاسم جومارت توقايف، عندما تعاونت مع الدولة المصرية بقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومع مؤسساتها الدينية والدعوية والعلمية لتعريف الأجيال الحالية بهذا القائد العظيم، الذي ينبغي على الشباب أن يتمثلوا سيرته، و يتدبروا أخباره وأحواله، بحسبانه نموذجا أمثل في القيادة والريادة وفي التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل، والتمسك بقيم المروءة وشيم الرجولة وغير ذلك من القيم والفضائل التي نحن في أمس الحاجة إليها». وأكد شيخ الأزهر خلال كلمته اليوم الأحد، في احتفالية افتتاح مسجد الظاهر بيبرس بالقاهرة؛ أن من بين رجالات التاريخ الإسلامي، وقادته العظام الذين توقف التاريخ في رحابهم، ووقف خاشعا أمام مآثرهم الكبرى، وانتصاراتهم الخالدة، الملك: الظاهر بيبرس، المولود في عام 625ه، والمتوفي عام 676ه، ودوره الرائد في السياسة والاقتصاد والعمران في العالم العربي عامة، وفي ربوع مصر خاصة، وأن علماء التاريخ الإسلامي أفردوا ترجمات عديدة للملك الظاهر بيبرس، ولإنجازاته التاريخية وانتصاراته المدوية، وخصصوا له مساحات واسعة في كتبهم ومصنفاتهم قديما وحديثا، لافتا إلى أن في مقدمة هؤلاء، ومن أبرزهم: المؤرخ: ابن الوردي (المتوفي عام 749ه) في كتابه: تاريخ ابن الوردي ومنهم: شيخ المؤرخين، وأستاذ علم الاجتماع الأشهر: عبد الرحمن بن خلدون (المتوفي 808ه) في موسوعته التاريخية والاجتماعية الذائعة الصيت: «ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر» وغيرهم الكثير والكثير من علماء التاريخ القديم والمعاصر أيضا. وعرف الإمام بصاحب هذه الذكرى تعريفا موجزا- مشيرا إلى ما ورد في كتاب الأعلام للزركلي، حيث يقول: «تولى الظاهر بيبرس سلطة مصر والشام سنة: 658ه، وكان شجاعا يباشر الحروب بنفسه، وشهد عصره فتوحات عظيمة، وفي أيامه انتقلت الخلافة إلى الديار المصرية (سنة 659ه) وآثاره وعمائره وأخباره كثيرة جدا، توفي في دمشق، ومرقده فيها معروف، وأقيمت حوله المكتبة الظاهرية التي نسبت إليه»، وقد وصفه ابن خلكان بأنه: «كان ملكا عالي الهمة، شديد البأس، لم نر في هذا الزمان ملكا مثله في همته وسعادته، فتح من حصون الفرنج ما أعيا من تقدمه من ملوك، وذلك في مدة مملكته». وأضاف أن الظاهر بيبرس يعد «المؤسس الحقيقي لدولة المماليك في مصر والشام أيضا، وإليه يرجع الفضل في ابتكار الكثير من نظم تلك الدولة ووضع القواعد التي سارت عليها بعد ذلك عدة قرون»، لافتا أن المؤرخين أكدوا أن الظاهر بيبرس شغل كرسي السلطنة (سبعة عشر عاما)، وهي مدة طويلة لم يبلغها أحد من سلاطين دولة المماليك البحرية، باستثناء السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وفي بقاء السلطان الظاهر بيبرس مدة طويلة في سدة الحكم، دليل على قوته ونجاح سياسته في الحكم من ناحية، وهو -أيضا- دليل على استقرار المجتمع واستتباب الأمن -في عهده- من ناحية أخرى، ويجمع المؤرخون على أن الظاهر بيبرس هو أكبر مؤسس للنظام الإداري، وهو واضع أصوله وقواعده في مصر والشام في العصر المماليكي، وهو رائد الإصلاحات المتنوعة في شتى المجالات في ذلكم العصر. وأضاف، أن هذا كله يشهد بعظم دوره وجميل فضله فيما أسداه للإسلام من خدمات عظمى يسجلها التاريخ، ومن إسهامات كبرى في القيام بواجب الأخوة الإنسانية التي توجبها الشريعة الإسلامية؛ وقد مثل موقفه في مواجهة التتار موقف دفاع شامل عن بني الإنسان ممن عاشوا على أرض الحضارة الإسلامية دون نظر إلى دينهم أو لونهم. واختتم شيخ الأزهر كلمته: «بأنها لمناسبة طيبة ومباركة، أن أتقدم بخالص الشكر الجزيل والعرفان بالجميل إلى السيد الرئيس قاسم جومارت توقايف- رئيس دولة كازاخستان، على تكرمه بتقليدي وسام الصداقة من الدرجة الأولى، والذي هو في الحقيقة تكريم للأزهر وعلمائه: تاريخا ورسالة وعطاء، ثم هو تكريم يحمل اهتمام دولة كازاخستان بوسطية الإسلام، ومؤسساتها العلمية، وبمناهجها التعليمية في حفظ الأديان وصيانة الإنسان ورفع البنيان». و يُعد مسجد الظاهر بيبرس من أهم مساجد القاهرة التاريخية، أنشأه الملك الظاهر بيبرس البندقداري سنة 665ه/1267م، وأكمل بناءه في شهر شوال سنة 667هـ، الموافق يونيه 1269م، و تسلمت لجنة حفظ الآثار المسجد في عام 1918، وبدأ مشروع ترميمه عام 2007، ثم توقف عام 2011، و استؤنف عام 2018. وشهد الافتتاح عدد من الوزراء والقيادات الدينية، وسفراء الدول، الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، والدكتور أحمد عيسى وزير السياحة والآثار، والدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، والدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والسفير خيرات لاما شريف، سفير كازاخستان بالقاهرة، ووفد رفيع المستوى من القيادات المصرية وقيادات جمهورية كازاخستان الشقيقة.
مشاركة :