أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس، أن حكومته المعينة حديثا ستعود إلى السياسات الاقتصادية الأكثر تقليدية، حينما عين محمد شيمشك في حكومته للتصدي لأزمة غلاء المعيشة ومشكلات أخرى. وقال محللون إن تعيين شيمشك وزيرا للخزانة والمالية قد يمهد الطريق لرفع أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة في تحول ملحوظ في سياسة أردوغان التي ينتهجها منذ وقت طويل والمتمثلة في خفض أسعار الفائدة رغم ارتفاع التضخم. وبعد الفوز بجولة الإعادة في انتخابات الرئاسة الأسبوع الماضي، بدأ أردوغان (69 عاما)، الذي يحكم منذ أكثر من عقدين، ولايته الرئاسية الجديدة ومدتها خمسة أعوام بدعوة الأتراك إلى تنحية الخلافات جانبا والتركيز على المستقبل. وتضم حكومة تركيا الجديدة جودت يلماز، وهو مدير اقتصاد تقليدي آخر، نائبا للرئيس، وهاكان فيدان، الرئيس السابق لجهاز المخابرات التركي، وزيرا للخارجية بدلا من مولود تشاووش أغلو، وفقا لـ"الفرنسية". ويأتي التحول الواضح في السياسات الاقتصادية عبر الفريق الوزاري الجديد في الوقت الذي يقول فيه كثير من المحللين، إن تركيا ذات السوق الناشئة الكبيرة تتجه إلى الاضطراب، نظرا لنفاد الاحتياطيات الأجنبية والتوسع في خطة الودائع المحمية المدعومة من الدولة وعدم صحة التوقعات المتعلقة بالتضخم. وحظي شيمشك (56 عاما) بتقدير كبير من المستثمرين عندما شغل منصبي وزير المالية ونائب رئيس الوزراء بين عامي 2009 و2018. من قصر جانكايا في أنقرة الذي اختاره مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك 1923، أعلن أردوغان أن محمد شيمشك (56 عاما) الذي كان اسمه متداولا منذ أيام عدة سيتولى وزارة الاقتصاد. وبعد إعادة انتخابه بـ 52 في المائة من الأصوات في 28 أيار (مايو) في دورة ثانية غير مسبوقة للانتخابات في تركيا، أدى أردوغان البالغ 69 عاما والموجود في السلطة منذ عقدين، اليمين الدستورية أمام البرلمان رئيسا لولاية ثالثة تستمر خمسة أعوام، وسط تفاقم المشكلات الاقتصادية في بلاده. وشيمشك خبير اقتصادي سابق لدى مؤسسة ميريل لينش الأمريكية سبق أن شغل منصب وزير المال (2009-2015) ثم منصب نائب رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية (حتى 2018). ووفقا لـ"الفرنسية"، الوزير الجديد شخصية تحظى بمكانة دولية وسيتمثل دوره في إقرار نهج تقليدي بهدف ترميم ثقة المستثمرين ويرتقب أن يبعث وصوله إلى هذا المنصب الاطمئنان في الأسواق المالية. وإلى تضخم جامح تخطى 40 في المائة تحت تأثير الخفض المتواصل لمعدلات الفائدة بتوجيهات من أردوغان، هبطت العملة الوطنية بشكل حاد إلى أكثر من 20.95 ليرة تركية للدولار رغم إنفاق مليارات الدولارات خلال الحملة الانتخابية لإبطاء انهيارها. وعين أردوغان نائبا جديدا للرئيس هو جودت يلماز، العضو المخلص في حزب العدالة والتنمية والنائب عن ديار بكر (جنوب شرق). وفي المجموع، تضم الحكومة التي تجتمع الثلاثاء للمرة الأولى، 17 وزيرا. ويوضح محللون إنه بعد حالات سابقة تحول فيها أردوغان إلى السياسات التقليدية وما يلبث أن يعود سريعا إلى أساليبه في خفض الفائدة، فإن أشياء كثيرة ستعتمد على مدى الاستقلالية التي سيتمتع بها شيمشك. وقال إيمري بيكر، المدير في مجموعة أوراسيا، التي تغطي الشؤون التركية "من المرجح أن يحظى شيمشك بتفويض قوي في وقت مبكر من فترة ولايته، لكنه سرعان ما سيواجه رياحا سياسية معاكسة شديدة السرعة لتنفيذ السياسات مع اقتراب الانتخابات المحلية في مارس 2024". وشدد برنامج أردوغان الاقتصادي منذ 2021 على التحفيز النقدي واستهدف الائتمان لتعزيز النمو الاقتصادي والصادرات والاستثمارات، متسببا في الضغط على البنك المركزي للتحرك ومقوضا الثقة باستقلاله. إلى ذلك، قال محمد شيمشك، وزير الخزانة والمالية التركي المعين حديثا، أثناء مراسم توليه منصبه الجديد في أنقرة، إن "تركيا ليس أمامها أي خيار سوى العودة إلى صنع السياسة العقلانية". ونقلت وكالة "بلومبيرج" للأنباء، أمس، عن شيمشك القول، إن "مبادئنا الأساسية" ستكون هي الشفافية والتجانس والقدرة على التكهن والتوافق مع المعايير الدولية. وأضاف: "أنا على علم بالواجب الثقيل الذي تم إسناده إلي، وآمل أن نخرج منه سويا". يذكر أن محمد شيمشك كان مسؤولا إلى حد كبير عن الاقتصاد في مناصب مختلفة خلال الفترة بين عامي 2007 و2018، واكتسب سمعة طيبة بين المستثمرين الغربيين. وبعد انتقال تركيا إلى الرئاسة التنفيذية في تموز (يوليو) 2018، تمت إقالة شيمشك من مجلس الوزراء. ومنذ مغادرة شيمشك، فقدت الليرة التركية أكثر من 75 في المائة من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي وسط سلسلة من التخفيضات في أسعار الفائدة.
مشاركة :