وكان غروسي قد رحّب لدى عودته من زيارة إلى الجمهورية الإسلامية أجراها في آذار/مارس، بتعهّد طهران إعادة تركيب أجهزة المراقبة التي تم تفكيكها في حزيران/يونيو 2022 في سياق تدهور العلاقات مع القوى الغربية. بعد ثلاثة أشهر، اعتبر غروسي في افتتاح اجتماع لمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مقر الهيئة الأممية في العاصمة النمسوية فيينا أن "التقدّم أقل بكثير مما كان متوقّعا". وشدّد في مؤتمر صحافي عقده لاحقا على أن "هذا الأمر يسير ببطء كبير". وتابع "في الحقيقة ركّبنا كاميرات، أنظمة مراقبة في مواقع عدة لكن يتعين القيام بأكثر من ذلك بكثير"، خصوصا وأن إيران تواصل تصعيدها النووي على الرغم من نفيها السعي لحيازة قنبلة ذرية، وأضاف "علينا أن نسير بشكل أسرع". وشدّد غروسي على أن ما تحقق ليس إلا "جزءا ضئيلا مما كنا نتطلّع إليه". وتابع "حتى وإن أعيد تركيب كل الكاميرات، سيتعين على إيران أن توفر شتى أنواع المعلومات لسد الفراغ و"تجميع" كل قطع الأحجية لإكمال الصورة. ولدى سؤاله بشأن انتقادات وجّهتها إسرائيل، العدو اللدود لإيران، بعد قرار الوكالة وضع بعض النزاعات جانبا، ولو مؤقتا، وفق تقريرين تم تقديهما إلى الدول الأعضاء، قال غروسي "نحن لا نخفّض معاييرنا إطلاقا ... لقد كنا صارمين ونزيهين من الناحية التقنية وعادلين، لكن حازمين". وفي ما يتعلّق بموقع مريوان غير المصرّح عنه والواقع على مقربة من منطقة آباده جنوب إيران، قال غروسي إنه تلقّى "تفسيرات معقولة من جانب إيران" التي عزت وجود مادة نووية إلى "أنشطة تعدين نفّذت إبان الحقبة السوفياتية". ونظرا إلى تعذّر "إثبات أو نفي" هذه المعلومات، بات يعتبر أن هذا الملف الذي بقي سنوات عالقا "قد تمت تسويته في هذه المرحلة". لكن الوكالة تتمسك بتقييمها السابق والذي تعتبر فيه أن "اختبارات تفجيرية أجريت في الماضي". ويعد هذا الملف إحدى المسائل الخلافية التي أعاقت مفاوضات فيينا العام الماضي الهادفة لإحياء الاتفاق التاريخي المبرم في العام 2015 بين طهران والقوى الكبرى (بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة)، والمعروف رسمياً بـ"خطة العمل الشاملة المشتركة". ويحد هذا الاتفاق الأنشطة النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الدولية. وهذه المفاوضات متوقّفة منذ صيف العام 2022، ولا مؤشرات إيجابية تدل على استئنافها على الرغم من أن طهران تؤكد تأييد هذا الاستئناف.
مشاركة :