دخلت شركات الصناعات البتروكيماوية السعودية، في مرحلة جديدة من شأنها إعادة هيكلة منتجاتها، والأسواق المستهدفة، يأتي ذلك بعد أن شهدت الأسعار تراجعات كبيرة خلال الفترة الماضية، في محاكاة مباشرة لانخفاضات أسعار النفط التي بلغ مداها أكثر من 45 في المائة خلال 12 شهرًا. وألمحت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أمس، إلى أن شركات البتروكيماويات السعودية، خفضت بشكل ملحوظ خلال الشهرين الماضيين من حجم إنتاج بعض منتجاتها التي تراجعت أسعارها إلى مستويات غير مجدية اقتصاديًا، معتمدة بذلك على توجيه ما يجري إنتاجه نحو الأسواق الرئيسية التي تسعى الشركات السعودية إلى إمدادها بالطلبات في كل حين، حماية لمصالحها التجارية وحصتها السوقية. وفي الإطار ذاته، أنهى مؤشر سوق الأسهم السعودية تعاملات يوم أمس الاثنين على ارتفاع بنسبة 1.7 في المائة، لينهي تداولاته عند مستويات 5978 نقطة، بارتفاع بلغ حجمه 97 نقطة؛ وسط تداولات بلغت قيمتها نحو 6.3 مليار ريال (1.6 مليار دولار). وجاء ارتفاع مؤشر سوق الأسهم السعودية يوم أمس، مدعومًا بالارتفاع الكبير لقطاع الصناعات البتروكيماوية الذي قفز بنسبة 4 في المائة، وسط تداولات سيطر فيها اللون الأخضر على معظم أسهم الشركات المدرجة. إلى ذلك، أصدرت شركة «الخبير المالية»، المتخصصة في إدارة الأصول والخدمات الاستثمارية التي تتخذ من مدينة جدة مقرًا لها، يوم أمس، تقريرها السنوي «النظرة المستقبلية للأسواق 2016»، الذي يتضمن تحليلاً معمقًا لآفاق نمو أضخم اقتصاد في المنطقة. ورصدت «الخبير المالية» في تقريرها، أداء الأسواق والتطورات الاقتصادية خلال العام الماضي، مسلّطة الضوء على المؤشرات والاتجاهات الرئيسية خلال العام الحالي. وقال التقرير: «شهد عام 2015 تقلبات كبيرة وتطورات متسارعة، وأتاحت الأشهر الاثنا عشر الماضية، فرصة سانحة للسعودية لتعزيز مقوماتها الاقتصادية من جهة، والمضي قُدمًا نحو المزيد من التنويع من جهة أخرى، وإذا ما تطلعنا إلى عام 2016، نجد في الأفق عددًا من التحديات التي ستواجه الأسواق الإقليمية والعالمية، وتتطلب إدارة حذرة واستعدادًا دقيقًا من أجل التصدي الفعّال لانعكاساتها». ويقدم التقرير رؤية شركة الخبير المالية تجاه الأسواق الرئيسية على الصعيدين الإقليمي والعالمي، ويشمل ذلك عددًا من فئات الأصول، تتضمن الأسهم والدخل الثابت والسلع والعملات، كما يتطرق التقرير إلى العوامل التي ستؤثر على الأعمال خلال العام، إضافة إلى مراجعة توقعات تقرير العام الماضي. وتبعًا لتقرير «الخبير المالية»، تأثرت ميزانيات دول مجلس التعاون الخليجي بالتراجع المتواصل في أسعار النفط، مما ساهم في خفض حكومات المنطقة لإنفاقها غير الأساسي مع الاستمرار في الإنفاق على مبادرات البنية التحتية والتعليم والبرامج الاجتماعية. وتتوقع «الخبير المالية»، قيام دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2016، بتنفيذ سلسلة من الإصلاحات الإضافية للمساعدة على زيادة الإيرادات غير النفطية، مضيفًا: «تأثر نمو نشاط القطاع غير النفطي في دول الخليج بشكل جزئي نتيجة لتراجع أسعار النفط، إلا أنه حافظ على مرونته إلى حد كبير، وعلى الرغم من اتجاه أرقام مؤشرات مديري المشتريات في القطاع غير النفطي، المستخدم لقياس قوة النشاط في قطاع الصناعات التحويلية، نحو الانخفاض في الأشهر القليلة الماضية، إلا أن القطاع استمر في التوسع بشكل كبير نتيجة لاستفادة هذه الدول من ثمار جهود التنويع التي بذلتها في السابق». وتناول تقرير النظرة المستقبلية للأسواق بين صفحاته، حالة الاقتصاد العالمي، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والأسواق الناشئة، وقال: «قيام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي - أخيرًا - برفع أسعار الفائدة الأساسية مع نهاية عام 2015، يمثل خطوة مغايرة للسياسات التيسيرية لليابان ومنطقة اليورو، وقد شهد الدولار الأميركي ارتفاعًا كبيرًا على مدى السنة الماضية في ظل التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يواصل ارتفاعه في العام الحالي مع استمرار الاحتياطي الفيدرالي بالزيادة التدريجية لتكاليف الاقتراض». وأضافت «الخبير» في تقريرها: «نرى أن الاقتصاد الأميركي قد يتفوق في أدائه على اقتصادات دول أخرى، إلا أننا لا نزال قلقين من ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي وضعف الأسواق الخارجية، الذي يمكن أن يؤدي إلى استمرار الضغط باتجاه تقليص النشاط في الاقتصاد الأميركي، وفي ظل تنامي توقعات رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، اتخذت العوائد على سندات الخزينة الأميركية اتجاهًا صاعدًا في بداية العام الماضي، ولكنها تراجعت مع تراجع أسواق الأسهم الصينية وتوجه أنظار المستثمرين إلى هذه السندات كملاذ آمن، وفيما يبدو الاقتصاد الأميركي سائرًا بخطى ثابتة نحو تحقيق الانتعاش، لا تزال شركة الخبير المالية متخوفة من احتمال هبوب رياح معاكسة لتوقعات التضخم، مع استمرار أسواق السلع الأساسية بالتراجع». ولفت التقرير إلى أنه في منطقة اليورو، تبقى المؤشرات مدعومة بالسياسة النقدية شديدة المرونة التي يتبعها «البنك المركزي الأوروبي»، مضيفًا: «في إطار تسليط الضوء على الواقع المحلي، شهدت أسواق الأسهم الخليجية موجة بيع حادة بالتزامن مع استمرار أسعار النفط الخام بالتراجع، كما أننا نوصي المستثمرين بالاستثمار الانتقائي في الأسواق الخليجية، مع التركيز بشكل خاص على الشركات التي لا تعتمد بشكل رئيسي على القطاع الهيدروكربوني». ووفقًا للتقرير، توصي «الخبير المالية» المستثمرين أيضًا بالتركيز على الشركات التي تمتاز بميزانيات عمومية جيدة وبالقدرة على الاستمرار في توزيع الأرباح لفترة أطول. وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي ألزمت فيه هيئة السوق المالية السعودية، الشركات المدرجة في تعاملات سوق الأسهم المحلية، بضرورة الإعلان عن أي مستجدات وتفاصيل وقرارات يتوصل إليها قبيل افتتاح تعاملات السوق بساعتين على أقل تقدير، بهدف رفع معدلات الشفافية والإفصاح مع مستثمري الشركات المدرجة، ومنحهم الفرصة كاملة للاطلاع على هذه القرارات. وفي هذا السياق، أكدت هيئة السوق المالية السعودية في بيان صحافي سابق، أنها تولي أهمية قصوى لملف إفصاح الشركات المدرجة في السوق المالية، يأتي ذلك لكون الشفافية عنصرًا أساسيًا في إيجاد بيئة آمنة وجذابة للمستثمرين.
مشاركة :