قال مسؤول عراقي لـ«الشرق الأوسط» إن إيران أوفدت قائد فيلق القدس ومسؤول الملف العراقي قاسم سليماني لبغداد للدخول على خط الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي ينوي رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تنفيذها. وقال المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن اسمه إن العبادي انتصر في معركته الأخيرة مع البرلمان السبت الماضي حول ما وصفه بـ«التغيير الجوهري» في الحكومة، من خلال إعادة تشكيله لما سماه حكومة «تكنوقراط». المصدر قال إن سليماني في بغداد حاليًا لضبط توازنات البيت الشيعي ومنعه من الانهيار بعد أنباء عن خلافات بين قيادات شيعية وحيدر العبادي، وحصول مناوشات بعد تعيينات جديدة في قيادة الميليشيا المسلحة «الحشد الشعبي» ونوايا الحشد بتسريح 30 في المائة من منسوبيه بسبب ضائقة مالية. وأضاف المسؤول بقوله: «العبادي بدأ يلعب على وتر خلافات الكتل السياسية حين أعاد الكرة إليها هذه المرة من خلال طلبه منها مساعدته في اختيار فريق وزاري منسجم حيث كانت هذه القوى قد أخذت عليه عدم مشاورتها خلال إطلاقه حزم الإصلاحات الأولى خلال شهر أغسطس (آب) عام 2015، وهو ما يعني توفير المزيد من الضغوط عليها فضلا عن إحراجها أمام الشارع والمرجعية الدينية لا سيما للكتل الشيعية منها، والجمهورية الإسلامية الإيرانية دخلت على خط الأفكار الجديدة التي يتبناها حاليا العبادي، خصوصا بعد أن شعرت أن أول المتمردين على العبادي هذه المرة هم أطراف من داخل البيت الشيعي لا سيما التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم حيث يملك كل واحد منهم ثلاثة وزراء في الحكومة الحالية». وكشف المصدر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن زيارة يقوم بها حاليا إلى بغداد الجنرال قاسم سليماني من أجل ضبط التوازنات داخل البيت الشيعي المتمثل بالتحالف الوطني ومنع انهياره تحت أي ظرف. وأضاف: «سليماني حمل معه ثلاث رسائل حاسمة، الأولى الإعلان عن دعم إيران للعبادي، وهو ما يعني رفع الغطاء عن أي شخصية أخرى في البيت الشيعي كانت تراهن طوال الشهور الماضية بأنها يمكن أن تكون البديل للعبادي على خلفية ما بدا فشلا في تحقيق الإصلاحات، ولعل أولى الشخصيات المشمولة برفع الغطاء عنها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والرسالة الثانية هي تحذير التيار الصدري والمجلس الأعلى بعدم الانسلاخ عن التحالف الوطني، حيث إن هناك تحركات لدى الصدريين والمجلس الأعلى بتشكيل حكومة أغلبية سياسية لكن لا تقوم على أرقام المقاعد النيابية، حيث يمتلك التحالف الوطني الأغلبية بل أغلبية مكونات بحيث يشارك فيها السنة والأكراد، وهو ما يعني إزاحة العبادي وترشيح شخصية أخرى سواء من المجلس الأعلى أو التيار الصدري». وأكمل المصدر معلوماته التي أدلى بها في حديثه للصحيفة بقوله: «هذا الخيار من شأنه أن ينهي التحالف الوطني الشيعي ويجعل رئيس الوزراء الجديد حتى وإن كان شيعيا خاضعا لإرادة وطنية وليست طائفية، وهو ما يتعارض مع مصالح إيران في العراق». وبشأن الرسالة الثالثة التي حملها سليماني معه فإنها من وجهة نظر المسؤول الرفيع المستوى «لا تقل أهمية إن لم تكن الأهم، وهي توجيه قيادات الحشد الشعبي بعدم التمرد على العبادي، وهو ما يعني تكريس سلطة العبادي كقائد عام للقوات المسلحة». وفي إطار الصراعات الحالية وما تواتر عن أبناء مؤخرا بشأن عزل نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس أكد المسؤول العراقي أن «هذه القضية جرت تسويتها، حيث تم الإبقاء على المهندس في منصبه مع سحب الكثير من صلاحياته وأضافتها إلى الفريق الركن محسن الكعبي الذي تسلم مهام نائب رئيس الحشد للإدارة والمالية والتفتيش ومع وجود الفريق حميد الشطري نائبا لشؤون المعلومات فإن العبادي نجح في زج قادة عسكريين محترفين إلى جهاز الحشد الشعبي من أجل ضبط إيقاعه ومنع حالات الانفلات بين صفوفه، وهو ما أدى إلى عدم رضا من قبل الكثير من قيادات الحشد التي تريد لها مساحة أكبر من التحرك». وكان المتحدث الرسمي باسم الحشد الشعبي أحمد الأسدي، أعلن أمس الاثنين، أن أبو مهدي المهندس ما يزال في منصبه كنائب لرئيس هيئة الحشد الشعبي. وقال الأسدي في تصريح صحافي إن «الفريق الركن محسن الكعبي لم يتم تعيينه بدلا من أبو مهدي المهندس، وأن الأخير لا يزال بمنصبه كنائب لرئيس هيئة الحشد الشعبي». وأضاف أن «الكعبي لم يتسلم مهامه بشكل رسمي لغاية الآن، وأنه تم منحه بعض الصلاحيات بموجب أمر ديواني، وأن ذلك الأمر من صلاحية القائد العام للقوات المسلحة». وبين المتحدث باسم الحشد أن «التغييرات في هيكلية الهيئة، هي لغرض رفع أداء الحشد الشعبي للمرحلة المقبلة».
مشاركة :