تشريع لاستبدال عقوبة خلع الحجاب يفجر جدلا في إيران

  • 6/6/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

طهران - أثار مشروع قانون جديد يتعلق بالحجاب في إيران جدلا حادا، إذ عارضه المتشددون باعتباره تضمن إلغاء عقوبة السجن بحق اللواتي يرفضن تغطية رؤوسهن والاقتصار على تسليط عقوبات مالية مشددة عليهن وحرمانهن من حقوقهن الاجتماعية، ما يؤشر على أن النظام الإيراني استوعب الدرس من الاحتجاجات التي هزت الجمهورية الإسلامية لأشهر طويلة إثر وفاة الشابة مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق الحميدة. واقترح القضاء والحكومة الإيرانية في مايو/أيار مشروع قانون بعنوان "دعم ثقافة العفة والحجاب" من أجل "حماية المجتمع وتمتين الحياة الأسرية"، حيث ينصّ على تشديد العقوبات المالية خصوصًا على أي امرأة تخلع حجابها في الأماكن العامة أو على الإنترنت، لكن من دون الذهاب إلى حد السجن. وستتسلم المخالِفات أولاً رسالة نصية تحذيرية من الشرطة وفي حالة تكرار المخالفة يمكن أن تفرض عليهن غرامة تتراوح بين 500 ألف وستة ملايين تومان (نحو 10 إلى 120 يورو) وهو مبلغ كبير بالنسبة إلى العديد من الإيرانيين، بينما يضاف إلى ذلك الحرمان من الحقوق الاجتماعية ومصادرة سيارة السائقات المخالفات مدة عشرة أيام، وفق النص القانوني الجديد الذي نُشر في وسائل الإعلام التابعة للحكومة. وقال عالم الاجتماع عباس عبدي إن "مشروع القانون يقترح إعادة تصنيف نزع الحجاب من جناية إلى جنحة على غرار ارتكاب مخالفة مرورية ولكن بغرامات أشد"، مضيفا أنه "منذ وفاة مهسا أميني لم يعد المجتمع يقبل أن تُسجن امرأة لأنها لا ترتدي الحجاب". ويدافع المحافظون الذين يمسكون حاليا بمختلف مفاصل الحكم في الجمهورية الإسلامية عن إلزامية الحجاب معتبرين أن رفعها سيطلق العنان لعملية تغيير عميقة في "الأعراف الاجتماعية". وفي الأشهر الأخيرة، اتخذت السلطات سلسلة من المبادرات تتراوح من إغلاق شركات ولا سيما مطاعم إلى تركيب كاميرات في الشوارع لتعقب النساء اللواتي يتحدين المحظور، كما فُصل أو أوقف ما لا يقل عن ثلاثة مسؤولين مؤخرا لأنهم لم يمنعوا نساء غير محجبات من دخول مواقع تاريخية. ودافع رئيس القضاء غلام حسين محسني إيجائي عن النص القانوني الجديد الذي اعتبره متوازنًا، مؤكدا ضرورة عدم استقطاب المجتمع مع قوله إنه يتفهم "مشاغل المؤمنين" الذين عبروا عن استيائهم من عدم احترام ارتداء الحجاب. وفي انتظار أن ينظر فيه البرلمان، أثار مشروع القانون غضب المحافظين المتشددين الناشطين في مجلس النواب الحالي والذين يعتبرونه "غير رادع بما فيه الكفاية"، بينما رأت صحيفة كيهان أن ذلك سيشجع على "انتشار ظاهرة بغيضة" من خلال "إزالة الحواجز القانونية" من أمام النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب. وأضافت أن مؤيدي القانون "لا يعلمون أن العدو يسعى من خلال العمل على إلغاء الحجاب إلى تدمير مؤسسة الأسرة وفي النهاية مهاجمة أسس النظام الإسلامي". ويرى بعض المحافظين المتشددين أن مثل هذه الدعوات إلى "العصيان الاجتماعي" إنما تطلقها الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام الأجنبية، ولا سيما القنوات التلفزيونية التي تبث باللغة الفارسية. وقال عبدي إنه داخل السلطة "لا يوجد إجماع على الحجاب" بين أولئك الذين يؤيدون الوسائل القمعية وأولئك الذين "يعتقدون أنه يجب تجربة وسائل أخرى"، مضيفا "في هذا السياق فإن مشروع القانون لا يرضي أنصار فرض إلزامية الحجاب ولا بالطبع أنصار حرية ارتدائه أو عدم ارتدائه". ويقارن بعض المراقبين المشروع مع قانون صدر في التسعينات لحظر استخدام أطباق الأقمار الاصطناعية. وأشار عبدي إلى أنه "طُبق لفترة قصيرة فقط قبل التخلي عنه".  وتعرضت النساء اللواتي يرفضن ارتداء الحجاب طيلة العقود الماضية للملاحقة من شرطة الأخلاق التي تنتشر في سيارات تتجول في الأماكن العامة المزدحمة. وكانت الطواقم المؤلفة من نساء ورجال تراقب مدى التزام الفتيات بضوابط اللباس التي يفرضها النظام الإيراني.  لكن منذ أشهر باتت رؤية شابات يتجولن عاريات الرأس في شوارع إيران مشهدا مألوفا، في وقت تصرّ فيه العديد من النساء على خلع الحجاب متمسكات بما تعتبرنه "حقهن" في التحرر من أحد أكثر قوانين الجمهورية الإسلامية صرامة. وعمدت السطات الإيرانية إلى تثبيت كاميرات في الشوارع لرصد النساء غير المحجبات قبل ملاحقتهن قضائيا، فيما قدّمت الشرطة الإيرانية مؤخرا قضايا بحق عدد من الممثلات بتهمة "ارتكاب جريمة خلع الحجاب في مكان عام".   وحذر عدد من السياسيين من أن الاحتجاجات قد تستيقظ مجددا في حال استمرت السلطات في التركيز على معاقبة النساء اللائي يعارضن فرض الحجاب عليهن.

مشاركة :