تونس - وصلت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني اليوم الثلاثاء إلى تونس في زيارة خاطفة محورها الأساسي قضية الهجرة غير القانونية، في ظل مساعي روما لدعم السلطات التونسية لمجابهة الأزمة الاقتصادية مقابل لعب دور حارس في البحر الأبيض المتوسط والتصدّي للتدفّق المتصاعد للمهاجرين انطلاقا من سواحلها. وأعلنت رئاسة الحكومة التونسية على صفحتها بموقع فيسبوك أن "رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان استقبلت صباح اليوم الثلاثاء بالجناح الرئاسي بمطار تونس قرطاج الدولي رئيسة مجلس الوزراء بالجمهورية الإيطالية جورجيا ميلوني، التي تؤدي زيارة صداقة وعمل بدعوة من رئيس الجمهورية قيس سعيّد". وأعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني ساعات قبل وصول ميلوني إلى تونس إنه "سيتحدث مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا حول استقرار تونس خلال زيارته لواشنطن التي ستبدأ الأحد المقبل"، وفق وكالة "اكي" الإيطالية. وتابع أن موقف بلاده بخصوص الأزمة التونسية واضح، مشددا على أن روما ترى أنه "من المفيد مساعدة تونس على تجنب أي أزمة مالية"، مشيرا إلى أنه "يتعين على صندوق النقد الدولي أن يبدأ في صرف أموال للسلطات التونسية". وتحدث عما أسماه "وجود أدلة على التزام قوي من جانب تونس بوقف تدفقات الهجرة غير النظامية وأسواق التهريب البشرية"، مستدركا "هذه حقيقة إيجابية، لكن ينبغي علينا أن نجد حلا مستداما في كل من تونس وليبيا". وقبل وصول ميلوني إلى تونس كان لوزير الخارجية التونسي نبيل عمار اتصال هاتفي مع نظيره الإيطالي الذي أكد له أنه سيحمل خلال زيارته إلى واشنطن رسالة مفادها "ضرورة التزام واضح من المجتمع الدولي بدعم تونس مع الاحترام الكامل لسيادتها وملاءمة الإصلاحات الهيكلية للاحتياجات الاجتماعية للتونسيين". وتحشد روما منذ مدة دوليا لدعم تونس مدفوعة بهاجس طوفان من المهاجرين انطلاقا من سواحلها، بينما تعثّرت مفاوضات الحكومة التونسية مع صندوق النقد الدولي حول برنامج تمويلي بـ1.9 مليار دولار وانضمت إليها فرنسا مؤخرا بعرضها مساعدة مالية مقابل الشروع الفوري في الإصلاحات التي يشترطها الصندق. وجدد الرئيس التونسي في آخر اتصال هاتفي جمعه نهاية الأسبوع الماضي بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رفضه القاطع لرفع الدعم الذي يتصدّر شروط صندوق النقد الدولي، مؤكدا أن السلم الأهلي لا يقدر بثمن. وترى روما أن التخلّف عن دعم تونس سيضعف جهودها في مكافحة الهجرة غير الشرعية، في وقت تتسارع فيه وتيرة تدفق المهاجرين انطلاقا من سواحلها. وتشير بيانات وزارة الداخلية الإيطالية إلى وصول أكثر من 42 ألف شخص إلى إيطاليا هذا العام عبر البحر المتوسط، مقابل نحو 11 ألفا خلال الفترة نفسها من العام 2022. وأعلن الحرس الوطني التونسي في آخر إحصائياته أنه أنقذ أو اعترض خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي أكثر من 14 ألف مهاجر معظمهم من أفريقيا جنوب الصحراء، أي ما يفوق خمسة أضعاف العدد المسجل في الفترة نفسها من عام 2022. ونظم عدد من النشطاء التونسيين اليوم الثلاثاء وقفة احتجاجية أمام المسرح البلدي بالعاصمة تونس نددوا خلالها بزيارة ميلوني إلى تونس، رافضين ما اعتبروه "مساعي روما لتحويل تونس إلى حارس حدود". وقال رمضان بن عمر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تصريح لإذاعة "موزاييك" المحلية إن "زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية إلى تونس ستؤدي إلى تسليط مزيد الضغط الأوروبي على الدولة حتى تلعب دور حارس للسواحل". وكان وزير الخارجية التونسي نبيل عمار واضحا عقب لقائه نظيرته الفرنسية كاترين كولونا الأسبوع الماضي، بتأكيده على موقف تونس التي ترفض أن تتحوّل إلى حارس لأوروبا في البحر الأبيض المتوسّط. وشدد عمّار على أن حل قضية الهجرة غير القانونية لا يتمّ إلا في إطار نظرة شاملة وعبر التطرق إلى جميع النقاط المتعلقة بها، مذكّرا بمقترح الرئيس التونسي بعقد قمة تشارك فيها كل الدول المعنية بالظاهرة لبحث سبل تطويقها.
مشاركة :