حقق رواد فضاء بعثة "شنتشو-15" الصينية العديد من الإنجازات البارزة التي تعد الأولى من نوعها بالنسبة للصين، وذلك خلال رحلتهم الفضائية التي استغرقت 186 يوما، وكان أحدها إجراء بحث علمي حول إنتاج خلايا الدم البشرية في مراحلها المبكرة على متن محطة الفضاء الصينية في المدار. وبعد أن التحمت سفينة الشحن الفضائية "تيانتشو-6"، بمحطة "تيانقونغ" الفضائية في مايو الماضي، ساعد رواد فضاء "شنتشو-15" الفريق العلمي في الموقع على إجراء تجارب زرع الخلايا لمدة من ستة إلى 15 يوما في المدار. وتضمنت التجارب استخدام الخلايا الجذعية متعددة القدرات، والتي لديها القدرة على التجدد ذاتيا والحفاظ على إمكانية التطور إلى أنواع أخرى من الخلايا. فهي مصدر خلوي ممتاز للطب التجديدي، الذي يركز على تجديد الخلايا والأنسجة والأعضاء البشرية لاستعادة الوظائف الطبيعية التي تضررت بسبب الشيخوخة أو المرض أو الحوادث. وقبل العودة إلى الأرض، أجرى طاقم "شنتشو-15" تجربة للتمييز بين الخلايا الجذعية المكونة للدم والشبيهة بالحصى، والتي يمكنها أن تنتج خلايا الدم. وقال لي شياو هوا، عضو فريق تصميم التجربة، في معهد شنتشن للتكنولوجيا المتقدمة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، إن هذه الخلايا الجذعية قد نضجت وتمايزت إلى مجموعة من الخلايا الجذعية للدم تشبه عنقودا من العنب. وفي معرض حديثه إلى وسائل الإعلام قال لي: "لقد حققنا هدفنا التجريبي الأول: لأول مرة، يتم تخليق خلايا الدم في المختبر من الخلايا الجذعية الجنينية البشرية في الفضاء". وفي عام 2017 ، أجرى العلماء الصينيون أبحاثا حول تكاثر وتمايز الخلايا الجذعية الجنينية للفأر على مركبة الشحن "تيانتشو -1". وأظهرت النتائج أن الخلايا الجذعية المزروعة في الفضاء أظهرت نموا ثلاثي الأبعاد أفضل من تلك الموجودة على الأرض وحافظت على مستويات أعلى من التعبير الجيني متعدد القدرات. وقال لي إن العلماء الأجانب أجروا أيضا أبحاثا حول نمو الخلايا الجذعية وتجديد الأنسجة خلال الرحلات الفضائية في السنوات الأخيرة، بما في ذلك أبحاث على خلايا الدم الجذعية لرواد الفضاء الذين يعانون من فقر الدم، مما يشير إلى أنه يمكن استخدام التجارب في المدار لاستكشاف كيف تحسن الجاذبية الصغرى صحة الإنسان. وأعاد ثلاثة رواد فضاء الخلايا إلى الأرض على متن سفينة الفضاء "شنتشو-15" يوم الأحد الماضي. وقال لي إن فريقه سيقارن الخلايا المنتجة في الفضاء مع الخلايا الموجودة على الأرض، في محاولة لفحص الجينات التي تؤثر على تمايز خلايا الدم في مراحلها المبكرة في بيئة الفضاء. وسيواصل الباحثون إجراء تجارب على النمو ثلاثي الأبعاد للخلايا الجذعية خلال بعثتي الشحن المقبلتين "تيانتشو -7" و "تيانتشو-8". وتتمثل إحدى وظائف برنامج الفضاء المأهول الصيني في البحث عن كواكب محتملة صالحة للسكن، حسبما قال تسانغ هواي شينغ، كبير باحثي التجارب العلمية للمحطة الفضائية، في مركز التكنولوجيا والهندسة لاستغلال الفضاء التابع للأكاديمية الصينية للعلوم. وقال تسانغ في مقابلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)): "تتمتع بيئة الفضاء بجاذبية صغرى وإشعاع عال، لذا فإن كيفية السفر والبقاء على قيد الحياة وإنجاب أطفال في مثل هذه البيئة هي المهمة الرئيسية في بحثنا".
مشاركة :