هجر الأوكرانيون منازلهم بعدما غمرت مياه الفيضانات مساحة شاسعة من جنوب البلاد اليوم الأربعاء جراء تدمير سد كاخوفكا الضخم على خط المواجهة بين القوات الروسية والأوكرانية التي تلقي كل منها بالمسؤولية في ذلك على الأخرى. وخرج السكان إلى الشوارع، التي غمرتها المياه، حاملين أطفالهم على أكتافهم ومتعلقاتهم في أكياس بلاستيكية، بينما استخدم رجال الإنقاذ قوارب مطاطية لتمشيط المناطق التي ارتفع فيها منسوب المياه لنحو مترين. وقالت أوكرانيا إن الفيضانات ستتسبب في حرمان مئات الآلاف من مياه الشرب وستغمر أراضي زراعية تصل مساحتها إلى عشرات الآلاف من الهكتارات. وقال أولكسندر ريفا، الذي كان ينقل ممتلكات عائلته من قرية على ضفة نهر دنيبرو إلى منزل لجار له مقام على أرض مرتفعة “إذا ارتفع منسوب المياه مترا آخر، فسنفقد منزلنا”. وشوهد سطح منزل وقد جرفه السيل إلى النهر. وتتزامن كارثة انهيار سد نوفا كاخوفكا مع هجوم مضاد على وشك أن تشنه القوات الأوكرانية ويُنظر إليه على أنه المرحلة الرئيسية التالية من الحرب. وتبادل الجانبان الاتهامات بمواصلة القصف في منطقة الفيضانات وحذرا من انجراف الألغام الأرضية التي طفت على السطح بسبب الفيضانات. وقالت كييف اليوم الأربعاء إن قواتها في الشرق تقدمت بأكثر من كيلومتر حول مدينة باخموت المدمرة في شرق أوكرانيا، في أوضح زعم بإحراز تقدم منذ إعلان روسيا بدء الهجوم الأوكراني هذا الأسبوع. وذكرت موسكو أنها صدت الهجوم. وأفاد سكرتير مجلس الأمن القومي الأوكراني أوليكسي دانيلوف بأن الهجمات الجارية لا تزال محدودة، وبأن الهجوم الواسع النطاق لم يبدأ بعد. وقال لرويترز “عندما نبدأ الهجوم المضاد، سيعرف الجميع وسيرونه”. واتهم سكان في منطقة الفيضانات بجنوب البلاد القوات الروسية بتفجير السد، وهي التي سيطرت عليه من مواقعها على الضفة المقابلة. وأردف ريفا “إنهم يكرهوننا… إنهم يريدون تدمير الأمة الأوكرانية وتدمير أوكرانيا نفسها”. وفرضت روسيا حالة الطوارئ في مناطق بإقليم خيرسون الذي تسيطر عليه وحيث يقع العديد من البلدات والقرى في الأراضي المنخفضة أسفل السد. وقال سكان هناك لرويترز عبر الهاتف إن القوات الروسية، التي تجوب الشوارع، تهدد من يقترب من المدنيين. وقال نائب رئيس ديوان الرئاسة الأوكرانية أوليكسي كوليبا إن أوكرانيا تتوقع توقف ارتفاع منسوب مياه الفيضانات بحلول نهاية اليوم الأربعاء بعد أن وصل إلى نحو خمسة أمتار الليلة الماضية. وأجلت السلطات ألفي شخص حتى الآن من الجزء الخاضع للسيطرة الأوكرانية من منطقة الفيضانات، ووصل منسوب المياه إلى أعلى مستوى له في 17 منطقة سكنية تضم 16 ألف شخص. وقالت أوكسانا (53 عاما) التي تسكن بمنطقة منخفضة في مدينة خيرسون “المياه غمرت شيء، كل الأثاث، والثلاجة، والطعام، وكل الزهور، كل شيء يطفو. لا أعرف ماذا أفعل”. وأفادت وكالة تاس الروسية للأنباء بأن منسوب المياه قد يظل مرتفعا في بعض الأماكن لمدة تصل إلى عشرة أيام. هجوم مضاد يشكل نهر دنيبرو الواسع، الذي يقطع أوكرانيا، خط المواجهة في الجنوب. وشكل الخزان الضخم خلف السد أحد المعالم الجغرافية الرئيسية في البلاد، وكانت مياهه تروي أجزاء كبيرة من أوكرانيا، إحدى كبريات الدول المصدرة للحبوب في العالم، ومن بينها شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014. وصرح مسؤول المساعدات في الأمم المتحدة مارتن جريفيث لمجلس الأمن بأنه “الحجم الهائل للكارثة لن يتضح إلا في الأيام المقبلة”. وتحظر اتفاقيات جنيف بشكل صريح استهداف السدود في الحروب. ولم يقدم أي من الجانبين أدلة علنية تكشف المسؤول عن انهيار السد. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطابه أثناء الليل “العالم بأسره سيعرف بجريمة الحرب الروسية هذه”، واصفا إياها بأنها “قنبلة دمار شامل بيئية”. وصرح دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين أمس الثلاثاء بأن أوكرانيا دمرت السد لصرف الانتباه عن هجوم مضاد جديد قال إنه “يتعثر”. وقالت واشنطن إنها لا تزال تجمع أدلة لتحديد المسؤول، لكن أوكرانيا لن يكون لديها سبب لإلحاق مثل هذا الدمار بنفسها. وقال روبرت وود نائب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة للصحفيين “لماذا تفعل أوكرانيا ذلك بأراضيها وشعبها وتغمر أراضيها (بمياه الفيضانات) وتجبر عشرات الآلاف من الناس على ترك منازلهم؟ هذا غير منطقي”. وحتى مع استمرار عملية الإجلاء، قصفت روسيا الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا عند النهر. ودفعت الانفجارات الناجمة عن القصف المدفعي الناس التي تحاول الفرار إلى الاحتماء في خيرسون. وسمع مراسلو رويترز دوي أربعة انفجارات ناجمة عن القصف بالمدفعية قرب حي سكني كان المدنيون يخلونه مساء أمس الثلاثاء. وقال حاكم المنطقة إن شخصا قُتل. ومن جهتها، قالت روسيا إن طائرة مسيرة أوكرانية ضربت بلدة على الضفة المقابلة خلال عمليات الإجلاء هناك واتهمت الجانب الأوكراني بمواصلة القصف رغم الفيضانات. ويوفر خزان التفريغ المياه التي تُبرد مفاعلات زابوريجيا، أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا. وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة إن المحطة يجب أن يكون لديها ما يكفي من المياه من بحيرة منفصلة لتبريد مفاعلاتها على مدى “بضعة أشهر”.
مشاركة :