يشهد السوق العقاري خلال الفترة الحالية، حالة من التراجع، خاصة على مستوى التمويل العقاري من قبل الأفراد الذي يشهد انخفاضا كبيرا متتاليا خلال الشهور الأخيرة الماضية وصل فيها إلى أدنى مستوياته منذ ديسمبر 2018 في شهر أبريل 2023. وأرجع محللون ومتخصصون -استطلعت "أرقام" آراءهم- ذلك لعدة أسباب يأتي في مقدمتها أسعار الفائدة المرتفعة، إضافة إلى ارتفاع أسعار المساكن العقارية والسياسات التشريعية وتباطؤ الإجراءات داخل جهات التمويل بالإضافة إلى أن تراكم قوائم الانتظار أدت إلى تراجع التمويل العقاري للأفراد في المملكة. وأضاف المحللون أن أسعار الفلل والشقق السكنية مرتفعة بشكل كبير وعليه سيواجه بعض الملاك الصعوبة في التسويق على الرغم من تفاوت الأسعار في بعض الأحياء والمناطق السكنية. تراجع مبيعات التمويل العقاري بنسب تصل إلى 44% قال محمد مخاشن، استشاري تمويل عقاري وعضو الأكاديمية العربية العقارية، إن تراجع التمويل العقاري في المملكة بسبب ارتفاع نسبة الفائدة من قبل جهات التمويل وانخفاض مبلغ الدعم السكني وارتفاع أسعار العقارات بشكل كبير، بالإضافة إلى ضخ مشاريع من قبل وزارة الإسكان بأسعار مناسبة ومواقع جيدة. وأوضح مخاشن في اتصال مع أرقام، أنه يوجد تراجع كبير على مبيعات التمويل العقاري خلال الشهرين الماضيين بنسبة تتراوح من 30% إلى 44%، ولكن لم تؤثر على بعض المشاريع الخاصة أو الاتفاقيات الخاصة بين بعض جهات التمويل والجهات الشبه حكومية. وقال الرئيس التنفيذي لشركة منصات العقارية، خالد المبيض، إن انخفاض التمويل العقاري للأفراد جاء كرد فعل متوقع بسبب ارتفاع أسعار الفائدة بشكل كبير خلال السنة والنصف الماضية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المساكن العقارية نتيجة للتضخم ما أدى إلى تقليل حجم الشريحة المستهدفة. وبيّن المبيض أن ارتفاع أسعار الفائدة ساهم في ارتفاع القسط السنوي للقرض العقاري على المستفيد، بالإضافة إلى ارتفاع قيمة العقار بعد التمويل على المستفيدين، ما أدى إلى عدم كفاية الدخل الشهري لشراء المنازل بالتمويل، موضحا أن تضخم أسعار الوحدات السكنية أدى لانخفاض حجم الشريحة القابلة للتمويل. من جانبه أرجع إبراهيم الصحن، المتخصص في التمويل والاستثمار العقاري، ذلك إلى سياسة الدعم الجديدة من قبل وزارة الإسكان والإجراءات الطويلة أو المتباطئة داخل الجهات التمويلية، ولذلك الصندوق العقاري يواجه تراكما في أعداد المقبلين على التمويل بشكل كبير ما أدى لضعف إنجاز عملية التمويل، نتيجة أن الإجراءات لدى الجهات التمويلية أصبحت تستغرق وقتا أطول من السابق. وبين الصحن أن رفع أسعار الفائدة أدى إلى إحجام الأفراد عن طلب التمويل العقاري وأيضا التشدد في السياسة والتشريعات من قبل البنوك وصندوق التنمية العقاري أثرت بشكل كبير أكثر من ارتفاع الفائدة. أسعار المتر تصل إلى 4500 ريال.. ولا تطوير في الأراضي البيضاء أوضح مخاشن أن أسعار الفلل والشقق السكنية مرتفعة بشكل كبير في بعض الأحياء السكنية ومعتدلة في بعض الأحياء، حيث إن الفرق بين تلك الأحياء في المتر للأراضي يتراوح من 3000 ريال إلى 4500 ريال في المتر. وقال المبيض إن أسعار الفلل والشقق السكنية أصبحت مرتفعة مشيرا إلى أن ملاك العقارات سيواجهون صعوبة في التسويق بشكل تدريجي مع ارتفاع سعر الفائدة. ولفت إبراهيم الصحن إلى أن أسعار الشقق والفلل السكنية قد تتأثر إذا استمر التراجع للسنة القادمة، ولكن هناك فرصة للتفاوض والتخفيض بنسبة 5% لمن لديه القدرة الشرائية للفلل السكنية، حيث إن الشقق لديها طلب جيد في حين أن البديل لها أن تؤجر بعوائد جيدة تصل إلى 8%. وتابع أن الأراضي البيضاء لا يزال أصحابها متمسكين بها ولكن إن استمر التراجع سيؤثر على الملاك. في حين لا يعتقد الصحن نزول الأسعار بسهولة بسبب اعتقاد كثير من الملاك أن مدينة الرياض تواجه طفرة عقارية قوية ومقبلة على وضع عقاري ممتاز، ولن يستمر الهدوء والتراجع لفترة طويلة. متى يعود الطلب على التمويل العقاري؟ وتوقع محمد مخاشن، استشاري تمويل عقاري وعضو الأكاديمية العربية العقارية، عودة الطلب على التمويل العقاري نهاية شهر يوليو المقبل حيث سيكون هناك بعض العروض لوجود بعض الاتفاقيات مع جهات شركات التمويل. ومن جهته، توقع خالد المبيض أن الطلب على التمويل العقاري لدى الأفراد سيعود مع انخفاض أسعار الفائدة أولاً، ودخول منتجات سكنية منخفضة القيمة كما أعلنت سابقا وزارة الإسكان. وأوضح إبراهيم الصحن أن الزخم سيعود عند انخفاض أسعار الفائدة وسياسات التمويل في بداية 2024، بالإضافة إلى طرح بعض البنوك لمنتجات جديدة للتمويل العقاري وإعلان استراتيجية الرياض خلال نهاية الربع الأخير من 2022، مبينا أن الإقبال الكبير من قبل المستثمرين في مدينة الرياض والمشاريع الضخمة سيساهم في عودة السوق العقاري.
مشاركة :