حذّر جوسيب غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي الإنجليزي، لاعبيه من خطر تكرار «الأخطاء» التي أدت لهزيمة فريقه أمام تشيلسي في نهائي دوري أبطال أوروبا 2021، عندما يستعد لخوض نهائي هذا العام ضد إنتر ميلان الإيطالي (السبت). وانتزع فريق المدرب الإسباني لقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الخامسة في 6 مواسم، كما هزم جاره مانشستر يونايتد، ليحصد كأس الاتحاد الإنجليزي الأسبوع الماضي، وبات يتطلع لقيادة سيتي للتتويج بطلاً لأوروبا للمرة الأولى في تاريخه. لا شك في هيمنة سيتي على البطولات المحلية، لكن ما زال طموح النادي الغني مالياً والمتخَم بنجوم الصفوة منقوصاً من التتويج القاري، والآن بات على بُعد خطوة من التتويج بالثلاثية التاريخية ومضاهاة إنجاز الجار اللدود مانشستر يونايتد في عام 1999. ولا شك أن تحقيق هذه الثلاثية من شأنه أن يقطع شوطاً طويلاً في التخلص من أي شعور بالنقص والذي أصبح في الحمض النووي لسيتي عندما كان يتعثر بعيداً عن دوري الأضواء، وكان جيرانه المتألقون يهزمون الجميع. وبمعنى أدق، سيضع مُلّاك سيتي في أبوظبي أيديهم أخيراً على الكأس الأوروبية التي دفعتهم إلى الاستثمار المالي الضخم في النادي منذ 2008 من أجل الفوز بها. واقترب سيتي من اللقب القاري الأبرز في 2021 عندما خسر في المباراة النهائية أمام تشيلسي في بورتو -وهي الهزيمة التي ما زالت تلاحق غوارديولا الذي يتطلع للفوز باللقب للمرة الثالثة بعد أن قاد برشلونة لحصده عامي 2009 و2011. وهذه المرة، يدخل غوارديولا النهائي وهو مرشح فوق العادة للتتويج على حساب إنتر الذي لم يتخيل سوى القليلين وصوله إلى هذه المرحلة منذ فوزه على بايرن ميونيخ 2-صفر عام 2010. ويدخل سيتي المباراة كمرشح للفوز بها، بعدما تفوق على كبار القارة التقليديين بايرن ميونيخ وريال مدريد في طريقه إلى النهائي، ولديه لاعبون سيقومون بتدفئة مقاعد البدلاء في استاد أتاتورك الأولمبي بإسطنبول لا يقلّون مهارةً، بل يمكنهم أيضاً التلاعب بالفريق الأول لإنتر ومعظم فرق أوروبا. وفي وجود الهداف النرويجي العملاق إرلينغ هالاند، الذي أحرز 52 هدفاً في المسابقات كافة، في الهجوم، وخلفه البلجيكي كيفن دي بروين، محرّك الأوركسترا، والقائد الألماني الملهم إلكاي غندوغان، ربما في مباراته الأخيرة مع الفريق، فإن المهمة التي سيواجهها إنتر ستكون شاقة للغاية. لكنّ غوارديولا قضى وقتاً طويلاً بما يكفي في سيتي ليعرف أن اتخاذ الخطوة الأخيرة ليس إجراءً شكلياً، وحذّر خلال الاستعداد للمباراة قائلاً: «النهائي ضد فريق إيطاليّ ليس دائماً أفضل هدية، ربما يكون فخاً علينا الحذر منه». واحتل إنتر بقيادة المدرب سيميوني إنزاغي المركز الثالث في الدوري الإيطالي بفارق 18 نقطة عن نابولي البطل. لكنه سيكون سعيداً كون فريقه غير مرشح للفوز باللقب، كما فعل في 2010 عندما نصب الفريق بقيادة المدرب البرتغالي المحنك جوزيه مورينيو كميناً لبايرن من خلال عرض دفاعي رائع وهجمات مرتدة خطيرة. واستقبل إنتر 3 أهداف فقط في 6 مباريات بالأدوار الإقصائية خلال دوري أبطال أوروبا العام الحالي، وتغلب على بورتو وبنفيكا البرتغاليين ثم مواطنه ميلان ليبلغ النهائي. وقال إنزاغي (47 عاماً) قبل التوجه إلى إسطنبول لخوض النهائي: «إنها المباراة الأكثر أهمية بالنسبة لي على الإطلاق، وكذلك الحال للاعبين، سيكون ذلك تعويضاً لكل الجهود التي بذلناها، كان عاماً طويلاً وصعباً». وفي وجود أليساندرو باستوني ولاعب مانشستر يونايتد السابق ماتيو دارميان، وفرانشيسكو أتشيربي، يمتلك إنتر ثلاثياً متمرساً في أفضل الأساليب الدفاعية الإيطالية، وسيستمتع بالتحدي المتمثل في محاولة إيقاف سيتي. وقال دارميان: «بما إني كنت لاعباً سابقاً في يونايتد ربما يكون ذلك دافعاً إضافياً. سيكون من الجيد اللعب ضدهم. ستكون بمثابة مباراة قمة لي. لن تكون مباراة سهلة. إنهم أفضل فريق في العالم حالياً، لكن لدينا القدرة على الفوز عليهم». ولاعب الوسط الأرميني هنريك مخيتاريان سبق أيضاً ولعب في مانشستر يونايتد ولن يحتاج إلى أي دافع إضافي لمواجهة سيتي، بينما في الهجوم لن يحتاج البوسني إيدن دزيكو إلى تعريف لمشجعي ناديه السابق سيتي، بينما يشكل الأرجنتيني لاوتارو مارتينيز ومعه البلجيكي روميلو لوكاكو التهديد الأكبر للفريق الإنجليزي. وقال إنزاغي: «مسيرة إنتر كانت بمثابة حلم»، لكنهم لم يصلوا إلى إسطنبول لتحسين الأرقام، وإذا أراد لاعبو سيتي تحقيق الخلود الرياضي، فسيتعين عليهم إنهاء حلم المنافس. من جهته حذر الألماني الدولي إلكاي غوندوغان، نجم خط وسط سيتي، زملاءه من خطورة إنتر الذي سبق له الفوز باللقب القاري ثلاث مرات، وقال: «إنتر ميلان لم يصل إلى النهائي من أجل الخروج خالي الوفاض، لديهم صفات رائعة رغم أنها لم تكن كافية للفوز بلقب الدوري الإيطالي هذا العام، لكنهم فازوا بكأس إيطاليا، إنه فريق يعرف كيف يفوز بالألقاب، لديهم صفات دفاعية مذهلة ولا يستقبلون كثيراً من الأهداف، ولذلك لن يكون الأمر سهلاً». ومن المتوقع ان تشهد المباراة ثلاث معارك خططية رئيسية بين الفريقين، أولاها هي قدرة دفاع إنتر على إيقاف هالاند الذي سجل 52 هدفاً في أول موسم له في إنجلترا، بينها 12 في دوري الأبطال. ورغم علامات الاستفهام حول تكيفه مع طريقة لعب غوارديولا، أثبت هالاند براعته في أداء دور المهاجم الحاسم والهداف بل أحياناً صناعة الأهداف. ومهمة الحفاظ على شل خطورة هالاند ستقع على عاتق المدافع أتشيربي، ولن يكون ذلك مجرد معركة بين رجلين من طوال القامة ولكن أيضاً سيكون صراعاً بين الأجيال، حيث يواجه النرويجيَّ البالغَ من العمر 22 عاماً مخضرمٌ إيطالي يبلغ 35 عاماً. ولا يحتاج إنتر إلى النظر أبعد من مباراة ذهاب قبل النهائي لسيتي، لتدوين ملاحظات حول كيفية قيام أنطونيو روديغر مدافع ريال مدريد، بتقييد حركة هالاند، بمساعدة من زميله ديفيد ألابا. وفي خط الوسط، ربما يكون غندوغان قد خطف الأضواء والإشادة بتسجيل الأهداف في نهاية الموسم التي ساعدت سيتي على الفوز بالدوري وكأس الاتحاد الإنجليزي، لكن في معركة النهائي ستكون الأنظار على دي بروين ضد مارسيلو بروزوفيتش. وبتسجيله 10 أهداف و31 تمريرة حاسمة مذهلة هذا الموسم، ليس هناك شك في أن كيفن دي بروين هو الرجل الذي سيعتمد عليه سيتي لفتح دفاع إنتر. وتجاهل إنزاغي تجربة إنتر الفاشلة في الضغط العالي ليعود إلى أسلوب اللعب كفريق متماسك مع الاعتماد على الهجمات المرتدة، ووضع خط وسطه المكوَّن من 5 لاعبين بالقرب من قلب دفاعه، لينجح الفريق في الفوز 11 مرة من آخر 12 مباراة في كل المسابقات. وسيكون بروزوفيتش هو مركز ثقل خط وسط إنتر ميلان، ليس فقط في إحباط محاولات الدولي البلجيكي، ولكن أيضاً في الاختراق من العمق وتمرير الكرات الأمامية للمهاجمين. أما في الهجوم فربما تناسب خطط سيتي المهتم بالاستحواذ منافسه الإيطالي، حيث يريد إنزاغي استغلال هذا في شن الهجمات المرتدة. ونجح ثنائي هجوم إنتر المكون من دزيكو ومارتينيز في العمل معاً جيداً، وسيكون الأخير -الذي يتصدر قائمة هدافي الفريق برصيد 28 هدفاً هذا الموسم- متعطشاً لإضافة لقب دوري أبطال أوروبا إلى فوزه بكأس العالم مع الأرجنتين نهاية العام الماضي. وفي غضون ذلك، يبلغ دزيكو 37 عاماً، وربما تكون هذه فرصته الأخيرة للفوز بميدالية أوروبية بعد أن حقق نجاحاً في ثلاث بطولات أوروبية محلية كبرى خلال آخر 16 عاماً. وساعد المهاجم البوسني سيتي في الفوز بلقبين للدوري وكأس الاتحاد الإنجليزي وسيشكل تهديداً دائماً في الكرات الثابتة، لكنه يجد نفسه في مواجهة مدافع بارز مثل روبن دياز. وفي حين أن مراقبة دزيكو هي مهمة في حد ذاتها لأنه يُبقي قلب الدفاع مشغولاً دائماً، فإن الأرجنتيني مارتينيز يبدو منافساً أكثر صعوبة عندما يتم الدفع به كمهاجم ثانٍ، وستكون مشاركة لوكاكو إضافةً قوية حال بدأ مكان دزيكو أو كبديل.
مشاركة :