تُعد الولايات المتحدة واحدة من أسرع دول العالم نمواً في كرة القدم. وعلى مدار الثلاثين عاماً الماضية، كنا نأمل، بل وربما نصلي، من أجل ظهور لاعب عظيم يقود المنتخب الأميركي، على غرار كريستيانو رونالدو مع البرتغال، ونيمار مع البرازيل، وليونيل ميسي مع الأرجنتين. لكن الولايات المتحدة لن تمتلك أبداً لاعباً بهذه الجودة، أو على الأقل كنا نعتقد ذلك، وكان يتعين علينا دائماً أن ننجح كفريق جماعي بدلاً من الاعتماد على لاعب واحد فقط يمتلك قدرات استثنائية. لكن يبدو أن الله قد استجاب لدعواتنا وقبل صلواتنا. لقد اشتهرت الولايات المتحدة دائماً بحراس المرمى المميزين، وأحياناً بلاعبين جيدين في مركز الظهير الأيسر، لكن قد يكون الجيل الحالي هو الأفضل في تاريخ الولايات المتحدة، وربما يكون قادراً على المنافسة على الفوز بكأس العالم. وأعتقد أن فولارين بالوغون قد أدرك هذا الأمر؛ ولهذا السبب قرر مؤخراً تمثيل الولايات المتحدة الأميركية - البلد الذي وُلد فيه – على حساب إنجلترا، التي نشأ بها ولعب لها على مستوى منتخبات الشباب. وبالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون من هو بالوغون، اسمحوا لي أن أقدم لكم واحداً من أبرز النجوم الصاعدين في كرة القدم العالمية. تخرج هذا اللاعب، البالغ من العمر 21 عاماً، في أكاديمية آرسنال للناشئين (جنباً إلى جنب مع لاعبين من أمثال بوكايو ساكا) ويعدّ النجم الفرنسي تييري هنري مثله الأعلى، وقضى موسماً متميزاً للغاية في الدوري الفرنسي الممتاز، وسجل 20 هدفاً في الدوري هذا الموسم مع نادي ريمس الذي يلعب له على سبيل الإعارة. كان يتعين على بالوغون أن يتخذ قراراً صعباً؛ فالمنتخب الإنجليزي يشارك في جميع البطولات والمسابقات الكبرى، بشكل يفوق المنتخب الأميركي. وهناك توقعات عالية من جانب الجمهور الإنجليزي لما يمكن أن يحققه منتخب بلادهم في كل بطولة يشارك فيها؛ وهو الأمر الذي يصيبهم بالإحباط وخيبة الأمل في كل كأس عالم تقريباً منذ عام 1966. ولا يزال الإنجليز يعتقدون أن كأس العالم «ستعود إلى الوطن»، كما لو كان هذا هو المكان الذي تنتمي إليه! ومع ذلك، عندما تفشل إنجلترا في الفوز بالبطولات والألقاب، ينقلب قطاع أحمق من القاعدة الجماهيرية الإنجليزية على اللاعبين، ولعل خير مثال على ذلك ما حدث بعد نهائي كأس الأمم الأوروبية 2020 والمعاملة التي تلقاها اللاعبون الإنجليز ماركوس راشفورد وجادون سانشو وبوكايو ساكا بعد إهدارهم ركلات الترجيح أمام إيطاليا. لقد تعرّض هؤلاء اللاعبون الثلاثة لإساءة عنصرية مثيرة للاشمئزاز من قِبل عدد من المشجعين الإنجليز الذين يمكن وصفهم بأنهم أبشع مشجعين يمكن رؤيتهم على الإطلاق. لذلك؛ كان من الطبيعي أن يتساءل المرء عما إذا كان بالوغون قد وضع هذه الأمور في الحسبان أم لا عندما اتخذ قراره بشأن المنتخب الذي سيمثله. ربما سأل نفسه ما هي القصة الأفضل: أن تكون جزءاً من فريق من المتوقع أن يفوز، أو أن تكون جزءاً من حلم. ومن الواضح أنه اتخذ قراره بأن يكون جزءاً من الحلم الأميركي. لقد أثبت تفضيله المنتخب الأميركي قبل أشهر عدة عندما زار الولايات المتحدة، كما رفض الانضمام إلى قائمة المنتخب الإنجليزي تحت 21 عاماً. وزار أورلاندو، بينما كان المنتخب الأميركي يستعد لخوض مبارياته التالية. وأثناء وجوده في فلوريدا، شاهد مباراة ودية لفريق نيويورك يانكيز للبيسيبول، وكان محاطاً طوال الوقت بالمشجعين الأميركيين، وقال في وقت لاحق إنه كان مغموراً بـ«الحب» الذي شعر به من الجمهور الأميركي. من المؤكد أنه من الرائع أن تشعر بأنك شخص مرغوب جداً. وفي الوقت نفسه، قال المدير الفني للمنتخب الإنجليزي، غاريث ساوثغيت، لوسائل الإعلام: «لا يمكننا أن نستدعي لاعباً للانضمام إلى المنتخب الإنجليزي لمجرد أننا لا نريده أن يمثل منتخباً آخر!» إنني أعتقد أن ساوثغيت قد ندم على هذا التصريح ويتمنى لو أنه لم يُدل به في ذلك الوقت! لقد رأينا هذا الأمر من قبل، حين فضّل لاعبون مزدوجو الجنسية اللعب لصالح الولايات المتحدة - بما في ذلك تيمي تيلمان - لكن الأمر مختلف هذه المرة، فهذه هي المرة الأولى التي لا يكون فيها اللاعب المعني في سن المراهقة، ويحمل جنسية مزدوجة لدولة أفضل من الولايات المتحدة في كرة القدم، وما زالت هذه الدولة تريد منه الانضمام إليها. (لم يكن هذا هو الحال مع لاعبين سابقين يحملون جنسية ألمانيا أو هولندا أو أي مكان آخر، بما في ذلك بعض الذين اختاروا اللعب للمكسيك). لقد اتخذ كريستيان بوليسيتش قراراً وهو في السابعة عشرة من عمره بتمثيل الولايات المتحدة على حساب كرواتيا بعد تدخل كبير من والده، لكن بالوغون شخص بالغ الآن ويتخذ قراراته بنفسه بعيداً عن أي ضغوط. وسواء كان الأمر عبارة عن مفارقة أو صدفة، ففي الفترة التي اختار فيها بوليستش تمثيل المنتخب الأميركي فشلت الولايات المتحدة في التأهل إلى كأس العالم بينما وصلت كرواتيا على المباراة النهائية. لكننا نأمل أن نطوي هذه الصفحة في حالة بالوغون. أنا حقاً أحب المنتخب الحالي للولايات المتحدة الأميركية، خاصة وأنه يضم عناصر مميزة للغاية لديها القدرة على التفوق على أي فريق آخر – وكان المهاجم القوي هو القطعة المفقودة التي ستجعل هذه الآلة بأكملها قادرة على سحق المنافسين. إنني لا أريد أن أضع الكثير من الضغوط على هذا اللاعب الشاب البالغ من العمر 21 عاماً، لكنني أؤكد على أنه سيكون إضافة قوية للغاية إلى المنتخب الأميركي، وسيساهم بشكل كبير في تعزيز حظوظه في المسابقات والبطولات الكبرى. إنني أعتقد أن بالوغون يعرف أكثر مما أعرفه أنا الآن - يعرف من هو المدير الفني القادم للولايات المتحدة، وأجرى مقابلة معه، وأتمنى أن يكون قد قال له: «أنا هنا لتسجيل الأهداف، وليس لألعب في الدفاع». لن يلعب بالوغون مع الولايات المتحدة هذا الصيف فحسب، لكنه سيلعب أيضاً في كأس العالم عام 2026. دائماً ما كان لدينا نحن الأميركيين آمال كبيرة، لكن ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي نرغب فيها في رفع سقف توقعاتنا. وبصفتي شخصاً لعب مع منتخب بلاده على أرضه في كأس العالم، فإنني أتفهم ذلك الشعور بالفخر عندما يدافع اللاعب عن ألوان منتخب بلاده في المحافل الدولية. وأنا شخصياً لا أطيق الانتظار لأرى ما يمكن لهذه المجموعة من اللاعبين أن تفعله في ظل هذه الظروف. وأود أن أتوجه بالشكر للمشجعين الأميركيين الذين يقدمون كل الدعم اللازم لمنتخب بلادهم، خاصة وأن هذا الدعم قد لعب دوراً كبيراً في منحنا اللاعب الذي كنا في أشد الحاجة إليه لكي ينقلنا إلى مستويات وآفاق جديدة، بل وربما يقودنا إلى المنافسة على الفوز بكأس العالم 2026! - إريك وينالدا سجل 34 هدفاً في 106 مباريات مع الولايات المتحدة الأميركية وشارك في ثلاث نهائيات لكأس العالم
مشاركة :