الدمعة الحمراء بين الطبعة المعدلة والمسلسل المعدل - قاسم الرويس

  • 2/24/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

تداولت وسائل الإعلام ما نشرته جريدة الاقتصادية قبل أيام حول تحويل تلك القصة المستلهمة من حياة البادية في الجزيرة العربية التي أبدعها فكر الأمير الشاعر محمد الأحمد السديري (ت 1399ه) ونشرها بعنوان (الدمعة الحمراء) إلى مسلسل تلفزيوني تنتجه إحدى القنوات الفضائية المعروفة المشاهدة على نطاق واسع في العالم العربي، وبقدر سروري بهذا الخبر الذي ربما يعكس توجهاً جميلاً لخدمة تاريخنا وتراثنا الوطني من خلال إعادة النظر إليه وتوظيفه في الدراما التلفزيونية بدلاً من الاستغراق في مسلسلات رخيصة تنتمي لثقافات وبيئات بعيدة كل البعد عن ثقافتنا وبيئتنا! ولنتساءل لماذا يصل الآخرون إلى العالمية والانتشار عندما يتجهون إلى الإغراق في محليّتهم في حين نتحاشى نحن ثقافتنا المحلية وتاريخنا وتراثنا ونتجه إلى استيراد وبث ثقافة أولئك وتاريخهم وتراثهم!! طبعت (الدمعة الحمراء) لأول مرة أثناء حياة مؤلفها وتحديداً في عام 1394ه/1974م وكانت عند صدورها أول نموذج من القصص الشعبي السعودي يحاكي حياة البادية في صورته الواقعية، ثم طبعت ثانية بعد وفاته طبعة معدّلة بتصرف طلال السعيد في عام 1400ه/1980م ثم تعددت طبعاتها بعد ذلك، وهي بإيجاز تسجل إحدى قصص الحب العذري بين (وافي بن العراف) وبين فتاة من قبيلة أخرى اسمها (شيمة بنت فاضل) وقد حال الوشاة والحساد أولاً ثم العادات والتقاليد ثانياً دون تتويج هذا الحب العفيف بالزواج والقصة تصور هذه المعاناة وتنقل أحداثها بطريقة مشوقة ومؤثرة في الوقت ذاته. والحقيقة أن أبناء جيلي على الأقل يتذكرون بأنه قد سبق أن حولت قصة (الدمعة الحمراء) للأمير محمد السديري إلى مسلسل عرض في التلفزيون السعودي قبل أكثر من ثلاثين سنة قام فيه بدور (الوافي) الفنان محمد العلي رحمه الله وقام بدور (شيمة) الفنانة ناهد حلبي! وقد عرض في 13 حلقة مدة كل حلقة ما بين 40- 45 دقيقة وكان من إخراج منذر النفوري وبطولة محمد العلي وسامية الجزائري وناهد حلبي وسعد خضر وعبدالرحمن الخريجي، بل إن حلقات المسلسل موجودة في موقع يوتيوب على الإنترنت ويمكن للجميع مشاهدتها. وبقدر مطالبتنا المتكررة بالاستفادة من مواد وموضوعات تاريخنا وتراثنا وثقافتنا في الدراما التلفزيونية فإننا نتساءل لماذا تمت إعادة إنتاج هذا المسلسل من جديد؟! وكيف سيقدم هذا المسلسل في نسخته الثانية؟! وهل سيكون مسلسلاً معدلاً بتصرف عن النسخة الأولى كما حدث حين طبعت القصة في طبعتها الثانية؟! ولا شك بعد ذلك أن القناة المنتجة والقائمون على العمل في تكرارهم لإنتاج القصة يدخلون أنفسهم رغم تطور الإمكانيات والقدرات في مقارنة غير عادلة مع النسخة السابقة التي حققت نجاحاً باهراً في زمن عرضها!! ولذا كنت أفضّل أن يقع اختيارهم على فكرة جديدة وقصة مختلفة لم يسبق إنتاجها أو خدمتها تلفزيونياً فيصرفوا جهدهم للعمل عليها ويراهنوا على نجاحها. ومع تمنياتنا لهم بالنجاح في إعادة تدوير الدمعة الحمراء فإن أخشى ما أخشاه ليس الممثلين الذين سيكون هذا المسلسل محطتهم الأولى في عالم التمثيل ولكن أخشى أن يتم نفخ القصة و(تمطيط) المسلسل فتلد ال 13 حلقة السابقة 13 أو 23 أو 33 حلقة أخرى كما هي موضة المسلسلات هذه الأيام فتفقد القصة الجميلة وهجها الفني وقيمتها الأدبية.

مشاركة :