أعلن النظام السوري أمس الثلاثاء قبوله باتفاق لوقف إطلاق النار في البلاد توصلت اليه الولايات المتحدة وروسيا الاثنين، حيث من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ فجر السبت مستثنيا مجموعات جهادية وسط شكوك تحوم حول امكانية تطبيقه على الارض. وأكدت وزارة خارجية النظام قبوله بوقف "الاعمال القتالية"، وذلك "على أساس استمرار الجهود العسكرية بمكافحة الاٍرهاب ضد داعش وجبهة النصرة و(التنظيمات الإرهابية) الآخرى المرتبطة بها وبتنظيم القاعدة وفقا للإعلان الروسي الأميركي". واعلنت الولايات المتحدة وروسيا مساء الاثنين في بيان مشترك ان اتفاقا لوقف اطلاق النار سيدخل حيز التنفيذ في سوريا في 27 فبراير اعتبارا من منتصف ليل الجمعة-السبت بتوقيت دمشق. ولن يشمل الاتفاق "تنظيم داعش وجبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سورية) وبقية المنظمات الارهابية التي حددها مجلس الامن"، وفق البيان. وابدت الحكومة السورية "استعدادها لاستمرار التنسيق مع الجانب الروسي لتحديد المناطق والمجموعات المسلحة التي سيشملها" الاتفاق. وتصنف الحكومة السورية كافة الفصائل التي تقاتلها ب"الارهابية". وفي محادثة هاتفية الاثنين اكد الرئيس الاميركي باراك اوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة احترام الاتفاق من قبل الاطراف كافة و"التركيز" على محاربة تنظيم داعش. ورحب وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت الثلاثاء ب"الاعلان الايجابي"، مشيرا في الوقت ذاته الى انه "سنكون يقظين لناحية تنفيذه". وقال الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية كريم بيطار "برغم ان التشكيك قائم يبدو ان هناك تنسيقا وثيقا بين الروس والاميركيين اذ يبدو انهم جاهزون لضمان تنفيذ هذه الهدنة". وبرغم تأكيده ان العقبات لا تزال موجودة، اكد بيطار ان "الهدنة المؤقتة من مصلحة كافة الاطراف المعنية". اما على الارض، فالشكوك تحوم حول امكانية تنفيذ اتفاق مماثل في ظل الاوضاع المعقدة في سوريا التي تشهد نزاعا منذ حوالى خمس سنوات اودى بحياة ما يزيد عن 260 الف شخص، وشرد الملايين داخل البلاد وخارجها. واعتبر ابو ابراهيم، قائد كتيبة في اللوء العاشر الموجود في ريف اللاذقية الشمالي (غرب)، ان الاتفاق "مضيعة للوقت ومن الصعب تطبيقه على الارض"، متسائلا "هل هناك ضمانات ألا يقصف النظام او يتمدد؟". واعتبر الناشط زين الباشا على صفحته على فيسبوك ان المجموعات المقاتلة الموالية للحكومة السورية ب"امان" اذ ان الاتفاق "يمنع أي أعمال عدائية ضدهم بل يحق لهم مهاجمة أي مكان يرونه للنصرة او داعش". وكانت الهيئة العليا للمفاوضات، المنبثقة عن اجتماع للمعارضة في الرياض وتمثل اطيافا من المعارضة السياسية والمسلحة، اكدت ان "الالتزام بالهدنة مرهونا" بفك الحصار عن المدن والمناطق المحاصرة وايصال المساعدات والافراج عن المعتقلين ووقف القصف الجوي والمدفعي. واعتبر أحمد السعود من الفرقة 13، الناشطة في محافظة ادلب في شمال غرب البلاد، ان "النظام السوري لديه اوراق كثيرة يلعبها ولذلك نريد بادرة حسن نية منه والا على اي اساس سنتعامل مع وقف اطلاق النار". ويأتي اتفاق وقف اطلاق النار بعد حوالى ثلاثة اسابيع على هجوم واسع شنه جيش النظام السوري في محافظة حلب شمالا، حيث تتواجد جبهة النصرة. ونجح جيش النظام السوري بالسيطرة على مناطق عدة في الريف الشمالي، وفرض حصار شبه كامل على الفصائل المقاتلة في الاحياء الشرقية من مدينة حلب. وبعد ساعات على اعلان الاتفاق الاميركي الروسي الاثنين، اعلن الرئيس السوري بشار الاسد 13 ابريل موعدا لاجراء الانتخابات التشريعية. وفي هذا الصدد، اعتبر بيطار ان الأسد "يريد ان يظهر انه لا يزال يدير الاجندة السوري بالرغم من كافة المساعي الدبلوماسية". واجريت اخر انتخابات تشريعية في سوريا في العام 2012 وقد فتح باب الترشيح فيها للمرة الاولى امام مرشحين من احزاب عدة غير حزب البعث، لكن الغالبية العظمى من النواب ال250 والذين انتخبوا لولاية مدتها اربع سنوات كانوا من الحزب الحاكم. وتأتي تلك التطورات بعد ثلاثة اسابيع من فشل المفاوضات السورية في جنيف وغداة سلسلة تفجيرات أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنها في حمص ومنطقة السيدة زينب قرب دمشق، اسفرت عن مقتل حوالى 200 شخص.
مشاركة :