بدا اللبنانيون أكثر تخوفًا من تداعيات تضرر اقتصاد بلادهم, نتيجة القرار الخليجي بالتحذير من السفر الى لبنان وتخفيض التمثيل الدبلوماسي وأيضًا عن غياب السعوديين عن المشهد الاقتصادي الذي يعتبرونه المحرك الأساسي نتيجة الاستثمارات المشتركة في البلاد. وفي حين يشير أحدهم إلى أن الاقتصاد اللبناني سيتعرض إلى أزمة نتيجة غياب الدعم السعودي الذي يعد ركيزة أساسية، إلى جانب خلق مشكلات للشعب اللبناني الذي يرتبط بعلاقة كبيرة مع الشعب السعودي، والشعوب العربية، مشيرًا إلى أن 80 في المائة من الاستثمارات السعودية في لبنان تتمثل في المجال السياحي، وهي عبارة عن منتجعات وفنادق سياحية، مبينًا أن الكثير من السعوديين يملكون عقارات حرة في بلاده، وتعتمد الحركة الاقتصادية على الزيارات المتكررة للمواطنين السعوديين. ويشير أمين سر مجلس العمل والاستثمار اللبناني، ربيع الأمين، إلى أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية، تركت الكثير من الآثار السياسية والاقتصادية على البلاد والشعب، وأثرت بشكل واضح في الجانب الاقتصادي، حيث سجلت استثمارات السعوديين (باعتبارهم الأكثر مساهمة في الاستمارات اللبنانية) انخفاضًا ملحوظًا منذ أحداث 2006، فيما أخذت الودائع والاستثمارات في التراجع المستمر، بينما أغلق البنك الأهلي التجاري السعودي فرعه الرئيسي في لبنان، في حين كان حجم الودائع لا يتجاوز 7 ملايين دولار (وهو رقم ضعيف قياسًا بالوضع الطبيعي للاستثمارات الخليجية)، مشيرًا إلى أن المستثمر السعودي يشكل أهمية بالغة في الاقتصاد اللبناني حيث يشارك في الكثير من الاستثمارات السياحية والصناعات الخفيفة وهناك حركة دؤوبة بين البلدين تسهم في نمو النشاط الاقتصادي على مدار العام. وأشار الأمين إلى أن الحكومة اللبنانية اتخذت موقفًا مخيبًا للشعب اللبناني خلال الأحداث الأخيرة «التي انعكست بدورها السلبي على اللبنانيين المقيمين خارج البلاد، خصوصًا في السعودية، رغم عمق العلاقات التي تربط الشعب اللبناني والسعودي سواء من جانب العلاقات الاجتماعية أو الاقتصادية»، مشيرًا إلى المجلس بدأ بحملة توضح موقف اللبناني المقيمين في السعودية، وتعتذر للشعب السعودي على المواقف المخيبة للآمال من قبل حكومة بلاده، لافتًا إلى أن تنويه مجلس الوزراء السعودي بعدم تضرر اللبنانيين المقيمين في السعودية يؤكد مواقف الحكومة السعودية السباقة إلى جمع وحدة العرب والارتقاء بالعلاقات الأخوية والفصل بين مواقف الحكومات والشعوب. من جانب آخر، تشير تقارير اقتصادية إلى أهمية السوق الخليجية عمومًا والسعودية، خصوصًا بالنسبة إلى الصادرات اللبنانية، وتنسحب هذه الأهمية على كل القطاعات، ومنها السياحية، والتحويلات الخارجية والاستثمارات، بما يعطي فكرة عن خطورة انفصال الاقتصاد اللبناني عن محيطه الخليجي. ويقدر حجم التبادل التجاري بين لبنان والسعودية بـ783 مليون دولار، فيما يقدر حجم الاستثمارات السعودية في لبنان بنحو 427 مليون دولار، وجرى تصنيفها طبقًا لـ«مجلس الغرف التجارية السعودية» إلى 3 فئات عقارية وتجارية وخدماتية. وعلى الصعيد الصناعي، تتخطى قيمة الصادرات اللبنانية إلى بلدان الخليج 30 في المائة من مجمل الصادرات اللبنانية، فضلاً عن أنها تمتاز بتنوعها وتطول قطاعات عدة. وتعد الأسواق الخليجية والسعودية أسواقًا مهمة جدًا بالنسبة إلى لبنان، وهي تسهم في خفض العجز في الميزان التجاري للبنان. وكان حجم الصادرات إلى السعودية بلغ في عام 2015 نحو 356 مليون دولار، يقدر حجم الصادرات إلى دول الخليج والإمارات، فبلغ 312 مليون دولار العام الماضي. وصنفت السعودية في المرتبة الأولى على لائحة أهم أسواق الصادرات اللبنانية عام 2014، واستأثرت بنحو 11 في المائة من إجمالي الصادرات اللبنانية. أما بالنسبة للواردات، فقد بلغت قيمة البضائع المستوردة عام 2014 من السعودية نحو 415.4 مليون دولار. ووفقًا للدراسات الاقتصادية في غرفة التجارة والصناعة في لبنان، فقد بلغ حجم التدفقات الاستثمارية السعودية في لبنان ما بين عامي 1985 و2009 نحو 4 مليارات و819 مليون دولار، نسبتها 39 في المائة من إجمالي الاستثمارات العربية في لبنان. وتصل نسبة التحويلات الخارجية من السعودية إلى 50 في المائة من مجموع التحويلات إلى لبنان، البالغة 8 مليارات دولار، وهناك 2.5 مليار دولار من باقي دول الخليج، و1.5 مليار دولار من كل دول العالم، بينما يُقدر عدد اللبنانيين العاملين في السعودية بنحو 350 ألفًا تصل تحويلاتهم إلى لبنان إلى أكثر من 4 مليارات دولار سنويًا. ويشير التقرير إلى أن حجم الاستثمار السعودي في قطاع العقارات في لبنان 85 في المائة من مجموع الاستثمارات الأجنبية في القطاع، وينقسم ما بين استثمارات في قطاع الأراضي و15 في المائة مستثمرة عبر مبانٍ سكنية. ويقدر معدل إنفاق السائح الخليجي بـ15 ألف دولار، بينما معدل إنفاق بقية السياح لا يتعدى 3 آلاف دولار بأقصى حد، بما يشكل كل الفرق بميزان الإنفاق السياحي، وهذا الإنفاق للسائح الخليجي ينعكس في الإنفاق على مشترياته واستثماراته في لبنان، إضافة إلى أن السائح الخليجي يزور لبنان مرات عدة في العام على عكس بقية السياح الذين يزورونه إما مرة في حياتهم أو مرة سنويًا. وبالنتيجة، فإن تعدد الزيارات وارتفاع نسبة الإنفاق هما ما يميز السائح الخليجي.
مشاركة :