في بداية القرن الحالي «2000»، كنت أعيش بعض بداياتي الصحفية٬ وبين الورق وتحميض أفلام التصوير وتفريغ شريط تسجيل اللقاءات الصحفية٬ كان هناك تمردٌ بداخلي يقودني للتعرف على الطرق الأكثر سهولة للتحول أو الانتقال إلى مرحلة جديدة، تسرع من نمط عملي وتنقلني لمرحلة متقدمة أكثر.ولعشقي للعمل الميداني حينها والتحقيقات، اقتنيت كاميرا رقمية «وقتها»، وكنت الوحيد الذي يحمل كاميرا رقمية بجودة «٢ ميغابيكسل»٬ وكانت نقلة بالنسبة لي، فارقة بي عن زملائي٬ وكنت أحصل على تصاريح خاصة مع وجود زحام من الصحفيين بأني استخدم جوالي بخاصية التسجيل الرقمي «MP3»٬ وكنت وقتها الوحيد الذي أملك هذه التقنية الموجودة في بعض الأجهزة، ودخلت مؤخرًا عالم الجوال من شركة الألمانية، فيما كان العالم منقسما بين أسماء أخرى «ربما توقفت جميعها حاليًا عن صناعة الجوال» أو غيرها في مرحلة ما قبل كاميرا الجوال.وكنت أترك جهاز التسجيل التقليدي عند المتحدث الرئيسي يمسكه أحد الزملاء «تعاونا منه»، وأذهب بجوالي وأسجل تصريحًا خاصًا لوحدي مع شخص مهم آخر، أنفرد به عن زملائي المنشغلين مع المتحدث الرئيسي٬ وجهاز تسجيلي التقليدي يقوم عني بمهمة تدوين حديثه وأنقله منه عند عودتي لمكتب الصحيفة.لا أطيل عليكم في المقدمة السابقة، ولكن كانت ضرورية لأحكي شيئا من الماضي وأربطه بالعنوان أعلاه٬ والذي وقتها كنا نعيش مخاوف ومخاطر «البلوتوث» والتحذير منه وكأنه وحش انقض علينا ليفترس معالم الأخلاق الراسخة فينا٬ وكنا للتو انتهينا من مخاوف نقل البيانات عبر الأشعة تحت الحمراء «انفراريد»٬ وبعدها جاءت مخاوف كاميرا الجوال٬ إلى أن جاء وقت وسائل التواصل الاجتماعي والتي شكلت مخاوف جديدة وحروبًا إلى وقتنا الحالي.ولو تأملنا في تلك المخاوف التي اعترتنا، والذي كان سببها سوء الاستخدام الشخصي لبعض الناس، وأدت لتلك المخاوف٬ فالسكين صنعت لتقطيع الأكل والاحتياج لا القتل.ومع التقدم السريع الذي نعيشه اليوم، بدت مخاوف جديدة من ظهور البعبع الجديد «الذكاء الاصطناعي»، وهو توجه العالم الحالي والذي يعيش نقلات متسارعة قد تصل بنا إلى مراحل متقدمة قد لا تستوعبها عقولنا٬ وفي الحقيقة إن المخاوف من الجديد طالما عاشها الإنسان من قديم الأزل٬ حيث فرضت الحياة مع توسعها قوانين تحاول تطمين البشر وبث روح الارتياح فيهم٬ ولكن تبقى هذه القوانين ملزمة لهم إلا من زمرة تعشق كسر القانون والمحاربة بالسيئ٬ الذي ربما يحول تلك الأداة الجميلة إلى أداة إيذاء!!٬ لذا هل كل ذلك يدعونا للتوقف عن الاستمرار في التقدم والتطور٬ ومتابعة الجديد وممارسته٬ والتعايش معه وفرضه في الحياة٬ ومحاربة الخارجين عن نظامه٬ إنها سنة الحياة في التحول والتغيير ومهما عشنا من تقدم سيأتي القادم ليمحو أثر ذلك الغول ويجعله من عداد حضارات الماضي٬ ليبقى التقدم والتقنية والتكنولوجيا كلها صنعت لأجل الإنسان، وهذه سنة الحياة ويجب التعايش فيها لا محاربتها٬ بل محاربة كل من يحاول تشويهها واستخدامها ضد البشر.رئيس التحرير[email protected]
مشاركة :