هل تتويج سيتي بدوري الأبطال سيجعله القوة الجديدة المسيطرة قارياً ومحلياً؟

  • 6/12/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

هل تتويج مانشستر سيتي الإنجليزي بلقب دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه سيجعل منه القوة الجديدة المرشحة لفرض سيطرتها قاريا ومحليا؟... الفوز بالدوري الممتاز وكأس الاتحاد محليا ثم انتزاع اللقب القاري بعد مشوار رائع أطاح خلاله بلايبزيغ وبايرن ميونيخ الألمانيين وريال مدريد الإسباني، يشير إلى ذلك. وما يعزز من ترشيحات سيتي للعب دور الريادة هو الاستقرار الفني والإداري الذي يتمتع به، إضافة إلى طموح ملاكه الإماراتيين في ترسيخ مكانته ضمن أقوى أندية كرة القدم في العالم. وكانت تصريحات الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الإمارات ومالك مانشستر سيتي، عقب التتويج بدوري الأبطال، بالفوز على إنتر ميلان الإيطالي 1 - 0 على ملعب «أتاتورك» الأولمبي في إسطنبول بالنسخة الثامنة والستين للبطولة، تعبر عن الطموح الكبير لناديه حيث قال: «الإنجاز الذي تحقق هو ترجمة حقيقية للاستراتيجية التي وضعت قبل 15 عاما، بهدف تطوير النادي وضمان تصدره وفوزه بأهم الدوريات والبطولات الكروية وترسيخ مكانته ضمن أقوى فرق العالم». وأكد «دوري الأبطال ليس نهاية المطاف، بل بداية للدخول في مرحلة جديدة ليرسخ النادي مكانته فيها بكل النسخ المقبلة من خلال وصوله الدائم للنهائيات والمنافسة بقوة على اللقب مرات عديدة لصناعة تاريخ يفخر به كل محبي وعشاق وجماهير النادي داخل بريطانيا وخارجها». واللقب هو الأول لمانشستر سيتي في ثاني مباراة نهائية في مشاركته الثانية عشرة في مسابقة دوري الأبطال أوروبا بعدما خسر أمام مواطنه تشيلسي 0 - 1 عام 2021، والقاري الثاني بعد كأس الكؤوس الأوروبية عام 1970، لكن الاستقرار الفني والإداري وكتيبة النجوم التي يملكها سيتي بقيادة المدرب القدير الإسباني جوسيب غوارديولا وضعت الفريق ضمن صفوة المرشحين للقب القاري في كل موسم، وكان قريبا من تحقيق ذلك خلال الأعوام الأربعة الماضية. لقد نجح غوارديولا أخيراً في فك النحس الذي لازمه في المسابقة القارية منذ تتويجه بلقبيها مع فريقه السابق برشلونة عامي 2009 و2011، حيث عجز عن ذلك خلال فترته مع بايرن ميونيخ (2013 - 2016) ومع سيتي منذ التعاقد معه من أجل الظفر بها صيف 2016. وكشف غوارديولا أنه كان يستشعر أن هذا العام هو الموعد الذي حدده القدر لسيتي مع التتويج القاري، وقال: «في بعض الأحيان كان يبدو لي أن هذه المسابقة كتبت لنا في السماء». ولم يكن الفوز باللقب القاري هو الإنجاز البارز الذي حققه المدرب الإسباني هذا الموسم، فقد نجح غوارديولا في قيادة سيتي إلى معادلة أبرز إنجاز لكرة القدم الإنجليزية بتحقيقه ثلاثية الدوري والكأس ودوري الأبطال على غرار جاره وغريمه مانشستر يونايتد في 1999. لكن بالطبع هذا اللقب القاري له مذاق خاص لأنه الأول لناديه الإنجليزي والأول له منذ 12 عاما، ومثل هذا الإنجاز مكافأة مستحقة لفريق يمكن القول إنه من أكثر الفرق الأوروبية هيمنة على الإطلاق، وبشكل يجعله يدخل في مقارنة فورية مع تشكيلة برشلونة الإسباني في موسم 2008 - 2009 والذي لا يزال حاضرا في ذاكرة مشجعي كرة القدم. لكن منذ تتويجه القاري الثاني في 2011، خلال أعوامه الثلاثة الأولى مع برشلونة الإسباني، عانى غوارديولا سلسلة هزائم في الأدوار المتقدمة بعضها كان مؤلما. بعد السقوط الدرامي أمام تشيلسي في نصف النهائي، في سنته الأخيرة في ملعب كامب نو، توقف مشواره ثلاث مرات في المربع الأخير مع بايرن ميونيخ. مع سيتي، احتاج إلى خمس محاولات لتخطي ربع النهائي، ثم بلغ النهائي حيث سقط في الامتحان الأخير أمام تشيلسي قبل سنتين ليستمر بحث النادي عن لقب أول في البطولة القارية الأم. ثم واجه عودة خارقة من ريال مدريد الإسباني الموسم الماضي، فودّع مصدوماً الدور نصف النهائي. لكن مع تشكيلته الغنية بالمواهب، نجح حسّه التكتيكي هذا الموسم في تعويض البداية المتقلّبة وقاد الفريق إلى تحقيق إنجاز تاريخي للقسم الأزرق من مدينة مانشستر. تساءل غوارديولا علناً في يناير (كانون الثاني) الماضي، حول مدى تعطش لاعبيه للاستمرار في إحراز الألقاب، فيما كان يتأقلم هدافه النرويجي الفتاك إرلينغ هالاند، في طريقه لتسجيل 52 هدفاً في مختلف المسابقات، مع تخلي الفريق عن المدافع البرتغالي القوي جواو كانسيلو في فترة الانتقالات الشتوية. لكن غوارديولا امتلك خطة التحوّل إلى دفاع من ثلاثة، وزجّ قلب الدفاع جون ستونز في خط الوسط الذي احتله كانسيلو في المواسم الماضية، فحصد الفريق نتائج رائعة. وعلق لاعب الوسط الهجومي جاك غريليش بعد التتويج عن مدربه قائلا: «إنه عبقري... قلت له شكراً، أنت من جعلت كل هذا ممكناً بالنسبة لي، لقد منحتني كثيراً من الثقة بعد شرائي بسعر غال (115 مليون يورو). حتى في العام الماضي عندما كنت ألعب بشكل سيئ للغاية، ظل بجانبي يتحدث معي، وهذا العام منحني تلك المساحة لألعب، لذا أردت أن أشكره». وكان الاستقرار عنصراً رئيسياً في بلوغ سيتي نهائي إسطنبول، حيث احتفظ عشرة لاعبين بمراكزهم في التشكيلة الأساسية في آخر خمس مباريات في دوري الأبطال (غاب كايل ووكر عن النهائي للإصابة)، فيما بقي أمثال لاعبي الجبهة الهجومية الجزائري رياض محرز، فيل فودن والأرجنتيني بطل العالم خوليان ألفاريز على مقاعد البدلاء. ويمكن القول إن سيتي لديه أكبر عمق لتشكيلة في جميع مراكز الملعب في تاريخ كرة القدم الأوروبية، حيث يفيض بالمواهب الإبداعية. بعد سحق بايرن 1 - 4 بمجموع المباراتين في ربع النهائي، ثأر سيتي من مدريد حامل اللقب 4 - 0 في إياب نصف النهائي أمام الجماهير المنتشية في استاد الاتحاد. وعلى الصعيد المحلي، فرض سيتي نفسه قوّة ضاربة، بحسم لقب الدوري خمس مرات في آخر ستة مواسم. وأقرّ غوارديولا (52 عاما) أن لقب دوري الأبطال الذي لهث فريقه وراءه منذ سنوات، سيرفعه إلى مكانة مختلفة، وقال: «أندية كثيرة بدّلت مشاريعها وأفكارها لعدم قدرتها على الفوز بهذه المسابقة، وأندية غيرها أصبحت كبرى بعد تتويجها». وتابع: «حتى لو كنت لا أشارك هذا الرأي، لكني متفهم أن كل ما صنعناه في تلك السنين، والذي كان كبيراً وجيداً جداً، سيحمل معنى مختلفاً للآخرين بحال فوزنا بهذه المسابقة. إذا لم نتوّج، فستحمل باقي الأمور معنى أقل. هذا ليس عدلاً نوعاً ما، لكن يجب أن نتقبله... علينا الفوز في دوري الأبطال، لا يمكن تفادي هذا الأمر». وأكمل التتويج بدوري الأبطال مشروع غوارديولا الذي جلبه سيتي من أجل تحقيقه قبل سبع سنوات، كما أسكت المشككين بأحقية وجوده بين المدربين العظماء في تاريخ اللعبة. لكن المدرب الإسباني علق بتواضع: «سأكون نفس الشخص وسنرى نفس الفريق وسنكون نفس النادي، اليوم كان عامنا ولكن في الماضي كنا بكل تأكيد نشعر بالرضا لتحقيق شيء استثنائي، الثلاثية من أجل النادي». وطالب غوارديولا لاعبيه بالبناء على هذا النجاح والتأكيد على التحدي من أجل الجوائز الكبرى، وأوضح «الآن لدينا البطولة الأولى، والناس يمكنهم القول بأن مانشستر سيتي حصل بالفعل على أول بطولة أوروبية، ولكني لا أريد أن نختفي بعد ذلك... لذا علينا أن نواصل العمل بجدية أكثر في السنوات القليلة القادمة، وفي الموسم المقبل لنكون هنا، هناك أندية فازت بدوري أبطال أوروبا ولكن بعد عام أو عامين اختفت، نريد تجنب ذلك». وقال الألماني إيلكاي غوندوغان قائد مانشستر سيتي، الذي يتوقع أن تكون مباراة النهائي الأوروبية هي الأخيرة له مع فريقه: «إنه أمر لا يصدق. تعجز الكلمات عن وصف الأمر. صنعنا تاريخا. يستحق هذا الفريق أعلى درجات التقدير ويرفعنا الفوز بدوري الأبطال إلى قمة اللعبة». وأضاف «كنا نعرف أن الحديث يدور حول الثلاثية. كان هناك ضغط، لكن الفريق مهيأ للتعامل مع الضغط بأفضل صورة ممكنة». وذرف اللاعبون دموع الفرحة بعدما قاد هدف الدولي الإسباني رودري في الدقيقة 68 الفريق لمنصة التتويج، وعلق غريليش: «هذا ما تعمل طوال حياتك لتحقيقه. أنا سعيد جدا. لم أكن في أفضل حالاتي باللقاء الأخير، لكنني لا أكترث». ووضع المهاجم هالاند نصب عينيه تحقيق مزيد من النجاحات الموسم المقبل، مشيرا إلى أنه لا يزال متعطشا للمزيد بعدما سجل 52 هدفا في كل المسابقات هذا الموسم ليساعد الفريق في الفوز بالثلاثية، وقال الهداف النرويجي: «لم أكن لأفكر في هذا في أكثر أحلامي جموحا. أحتاج يومين من الراحة لأستوعب ذلك بعض الشيء، بالتأكيد سأشعر برغبة في تكرار هذا الأمر». وأضاف «يجب علينا الدفاع عما حققناه هذا الموسم. هكذا تسير الأمور. سننسى كل شيء في غضون شهر واحد وسنبدأ من جديد». أما البلجيكي كيفن دي بروين الذي كان محور انتصارات سيتي هذا الموسم والذي اضطر لمغادرة الملعب في الشوط الأول بسبب إصابة في عضلات الفخذ الخلفية، فقال: «هذا ما كنت أقاتل من أجله على مدار سنوات طوال. من الرائع أن نتمكن من تحقيق ذلك مع سيتي. إنه اللقب الأول في تاريخ النادي. سنظل دائما مرتبطين بالنادي بهذه الطريقة. إنه أمر مميز». وسينظم سيتي موكبا احتفاليا كبيرا اليوم للفريق في شوارع المدينة الشمالية حتى تكتمل الفرحة مع الجماهير.

مشاركة :