لم تفلح حرارة الطقس، وبلل الرطوبة، وزحام أرتال البشر، في أن تثني مواكب الحجيج التي تفيض بهم أم القرى هذه الأيام، وتتردد على البيت العتيق، وتتجول في المشاعر المقدسة، وبقية الأمكنة التاريخية الموغلة في القدم، عن متعة الأجواء المفعمة بالروحانية، لقدسية الأمكنة، وعظمة الزمان حيث أيام الأشهر الحرم. خمسة عوامل أخرى ساهمت بجلاء في تلطيف أجواء ساحات الحرم المكي وامتصاص حرارة الطقس هي تشغيل مراوح رذاذ الماء التي تبلغ 250 مروحة، ونسائم الهواء البارد الذي يندفع بقوة من داخل المسجد الحرام وتوسعة الملك عبدالله، إلى الساحات المحيطة به، وأرضيات ساحات المسجد الحرام الرخامية من نوع «التاسوس» الذي يمتص الرطوبة ويعكس الحرارة، والانتشار الكبير لحافظات مياه زمزم المبردة، فضلاً عن ظلال المجمعات الفندقية التي تنعكس على ساحات وأسطح المسجد الحرام. حجاج من كل أصقاع الدنيا، ومن دول ذات أجواء باردة، وسواحل فاتنة، وغابات تقطع صمتها خرير شلالات المياه، يعيشون متعة نفسية، في وادي «غير ذي زرع». «الرياض» تسللت بين زحام الحجاج في ساحات الحرم رصدت حزمة مشاهدات والتقت ببعض حجاج تلك الدول، فبمجرد اقتربنا منه قال صالح مهاب حاج أوزبكي هذه ثاني مرة أزور المملكة لأداء مناسك الحج والعمرة بعد ثلاثين عاماً، وأنا في ذروة المتعة بين أروقة الحرم المكي للتعبد وقراءة القرآن وأطفي حرارة الطقس بشرب ماء زمزم المبرد. شريعة الله محمد حاج بنجالي كشف أنه يقضي ست ساعات يومية مسائية مع زوجته في ساحات الحرم لإدراك فضل أجر صلوات العصر والمغرب والعشاء في أجواء صنعت تلطيف الجو ووفرت النسائم الباردة على حد تعبيره. وأضاف: النظرات المتواصلة للكعبة المشرفة وهي تتوسط المطاف بكل هيبة وجلال، ومشاهد الطائفين والعمار، والسجد الركوع، تجعلنا وكأننا في عالم آخر يفيض بالمتعة والراحة النفسية. محمد عبدالجليل حاج باكستاني ألمح إلى السباق الكبير لاستثمار فترة التواجد بمكة المكرمة خاصة في ظل الجهود الملحوظة في تلطيف الجو أشعل النشاط في نفوس الكثيرين بلا كلل أو ملل للتزود بالطاعات والباقيات الصالحات. جولة «الرياض» كشفت أن نسبة كبيرة خاصة من النساء وكبار السن يفضلون البقاء في الساحات الجنوبية والغربية المحيطة بالمسجد الحرام لسهولة الوصول والمغادرة ولقربها من مجمعات دورات المياه ولتوفر جميع الخدمات. مياه زمزم المبرد مقصد الحجاج مراوح الرذاذ وظلال المجمعات الفندقية خفض الحرارة
مشاركة :