بكين - عرضت الصين اليوم الثلاثاء التوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين لإحياء محادثات السلام في خطوة تشير إلى انتقال الدبلوماسية الصينية إلى مزاحمة واشنطن في الشرق الأوسط، ساحة النفوذ التي كانت حكرا على الولايات المتحدة لعقود وفي ملف ظل أيضا لعقود حكرا على الدبلوماسية الأميركية التي كانت راعيا أساسيا للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية مع انحياز واضح للحليف الإسرائيلي. ويأتي هذا العرض فيما تختبر الدبلوماسية الصينية قدرتها على سحب البساط من تحت الأقدام الأميركية في ما يتعلق بمحادثات السلام المجمدة منذ سنوات وفي الوقت الذي يبدو فيه أن الدبلوماسية الأميركية ضعفت أو تراجعت بعد أن نجحت بكين في دفع الخصمين الإقليميين السعودية وإيران لتوقيع اتفاق تاريخي لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بعد سبع سنوات من القطيعة وهو الاتفاق الذي أزعج إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. وذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية الصينية أن الوزير تشين قانغ أبلغ نظيره الفلسطيني خلال اجتماع في بكين اليوم الثلاثاء بأن الصين تولي أهمية كبيرة للقضية الفلسطينية وستواصل دعم محادثات السلام وعرض أن تساهم بلاده "بالحكمة الصينية". وجاء في البيان أن تشين أبلغ وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بأن الصين ستواصل دائما دعمها الثابت للقضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة. ويوجد الرئيس الفلسطيني محمود عباس حاليا في بكين في زيارة دولة تستغرق ثلاثة أيام يأمل خلالها أن يظهر أن هناك دعما صينيا لإقامة دولة فلسطينية وذلك بعدما أخفق في لقاء المسؤولين الأميركيين في أثناء وجوده في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي. وذكرت وسائل إعلام فلسطينية رسمية أن عباس سيلتقي خلال الزيارة الخامسة له إلى الصين بنظيره الصيني شي جين بينغ لبحث القضية الفلسطينية وتبادل وجهات النظر حيال القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وتتمتع الصين بعلاقة جيدة مع الفلسطينيين منذ قديم الأزل وتحدثت كثيرا عن قدراتها على الوساطة منذ زيارة عباس لبكين في 2017، لكنها لم تفعل شيئا يذكر في هذا الصدد إلى أن توسطت في اتفاق مفاجئ بين إيران والسعودية لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما في مارس/آذار الماضي. وترسل الصين مبعوثين لها لإسرائيل والأراضي الفلسطينية من حين لآخر، لكنها لم تلعب دورا رئيسيا في صراعات الشرق الأوسط أو الدبلوماسية المتعلقة به رغم اعتمادها على المنطقة من أجل النفط. لكن يبدو أن بكين مستعدة لزيادة وجودها الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية مع توصل البلدين لاتفاق مبدئي على أربعة مشروعات ستمولها في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، حسبما ذكر محمد مصطفى مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الاقتصادية. وقال مصطفى للتلفزيون الفلسطيني في وقت سابق اليوم الثلاثاء "إن شاء الله بكرة أمام الرؤساء سيتم التوقيع الأولي على هذه الاتفاقيات"، مضيفا أن المشروعات تشمل محطة للطاقة الشمسية ومصنعا لإنتاج ألواحها وآخر للحديد وتطوير البنية التحتية للطرق. وتعتبر هذه المشاريع بوابة مهمة بالنسبة لبكين للتمدد في المنطقة على الرغم من الوضع المعقد بسبب الممارسات الإسرائيلية والاقتحامات وتضييق الخناق على حركة الفلسطينيين. واختبرت بكين قدرتها على التأثير من خلال توصلها لاتفاق بين الرياض وطهران وتعتقد أنها قادرة على إحداث اختراق مهم في جمود محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويبدو أنها تريد استثمار المتغيرات في الشرق الأوسط مع اتجاه السعودية لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة معتمدة على سياسة تصفير المشاكل والتي كشفت قوة الدبلوماسية السعودية بينما أظهرت أيضا تراجعا في تأثير الدبلوماسية الأميركية.
مشاركة :