انطلقت في رحاب المسجد الحرام أمس، الدورة العلمية “بُلْغة الناسك إلى فقه العقيدة والمناسك”، بكلمة توجيهية لسماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، ألقاها نيابة عنه معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور فهد بن سعد الماجد، أكد فيها فضل العمل في خدمة ضيوف الرحمن، ونشر رسالة الإسلام من خلال الدروس والبرامج العلمية التي تقام داخل المسجد الحرام، مشيداً بجهود العاملين في الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الرامية إلى نشر العلم النافع والحكمة والموعظة الحسنة؛ إرشاداً لوفود الحجاج وتعليماً لهم بأمور دينهم والآداب والأخلاق التي دعت إليها الشريعة الإسلامية من الكتب والسنة. وقال: إن اغتنام هذه الأيام في أقدس بقعة على وجه البسيطة لمما يتنافس عليه أهل الأرض قاطبة؛ كيف لا وهو اجتماع للشرف من عدة أوجه: شرف المكان وهو البيت العتيق، وشرف الزمان وهو موسم الحج الذي يفد فيه الناس إليه من كل فج عميق، وشرف المعلوم وهو تعلم ما علَّق الله به السعادة للبشرية في الدارين فنعم المنهج ونعم الطريق، وإنه لمما يوجب الشكر المتواصل والحمد المتتابع لله سبحانه وتعالى اختصاصه لنا في أحب البلاد إليه وأكرم البقاع عليه بالسعي في خدمة الحجاج في بيته المعظم، خير بيت وضع للناس، إنه يوم بهيج سعيد، يشهد باكورة سلسلة من النور والهداية، تشع من جنبات المسجد الحرام متسللة إلى قلوب وبصائر المسلمين باختلاف بلدانهم ألسنتهم وألوانهم، معبَّرة للدنيا أجمع عن رسالة الإسلام في كل زمان، منذ أن رفع إبراهيم القواعد من البيت، وإلى أن يرث الله الأرض وما عليها. وأضاف: اتقوا الله تعالى حق التقوى اتقوا ربكم فإن تقوى الله خير وصية أوصى الله بها الأولين والآخرين، فاتقوا الله عباد الله فبتقوى الله تنالون السعادة في الدنيا والآخرة، واعلموا أن الله -عز وجل- خلق الخلق لحكمة عظيمة ليعبدوه وحده لا شريك له، وأرسل الرسل مبشرين ومنذرين ليردوا العباد إلى فطرة الله التي فطرهم عليها، بعد ما انحرف العباد عن فطرة الله، فالله -عز وجل- قد فطر الخلق على عبادته فلما انحرف العباد عن هذه الفطرة أرسل الله الرسل ليردوا العباد إلى فطرة الله السليمة، وأن دعوة جميع الرسل دعوة واحدة إلى عبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة ما سواه، هذه طريقة أنبياء الله ورسله من لدن نوح إلى سيدهم وأعظمهم وأكملهم وأفضلهم محمد -صلى الله عليه وسلم. وأوضح أنه في مناسك الحج عبر وعظات، منها: التقاء المسلمين واجتماعهم في صعيد واحد، غاية واحدة، لرب واحد يعبدون، وبكتابه يأتمون، ولرسول واحد يتبعون، شعارهم واحد، هدفهم واحد، هيئتهم واحدة، حقا إنها تمثل أخوة الإسلام في أسمى وأرفع معانيها، مشيراً إلى أنه في موسم الحج يدعو الله تعالى إليه المسلمين، ( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ )، والتي أصلها وأساسها انطلاق القلب إلى الله، وانجذابه إلى طاعته، حيث يفارق المسلم وطنه وأهله وبلده استجابة لنداء الله الذي فرض عليه ذلك، والتقاء المسلمين بعضهم ببعض، وتعارفهم وتآلفهم وسيلة قوية إلى قوتهم واستقامة حالهم، وفق الله المسلمين لما يحبه ويرضاه. وبين أنه من أشرف المواطن التي تذكر فيها نعمة الله تعالى علينا بالإسلام، تلك النعمة التي جمعت القلوب ووحدت الشمل، فأصبحت الأمة الإسلامية بهذا الدين إخوة في الإيمان، إخوة في العقيدة، أخوة فوق علاقة النسب والوطن واللسان، لكنها الأخوة الإيمانية الصادقة، ( إنما المؤمنون إخوة )، إخوة تقتضي من المؤمن أن يحب لإخوانه ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه، محبة تقتضي أن تفرح لهم بكل خير نالوه، وتحزن على مصيبة حلت بهم ؛ لأنهم إخوانك في العقيدة، وأنت وإياهم كالجسد الواحد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضهم بعضا)، وفي هذا المقام ينبغي علينا جميعاً أن نستشعر نعمة الله تعالى على هذه الأمة في هذا الزمان أن يسرنا لنا حج بيته الحرام، والاجتماع في هذا المكان المبارك، وشاهدتم -ولله الفضل والمنة- ما نعمت به بلاد الحرمين من خدمات عظيمة وتسهيلات كبيرة، كما ذلل من الصعاب وسهل من الأمور بتوفيق الله ورحمته. يذكر أن الدورة العلمية التي تنظمها الرئاسة العامة لشؤون الحرمين بالتعاون مع الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء، تقام خلال الفترة من 22 إلى 29 ذو القعدة الجاري، بمشاركة عدد من أصحاب المعالي والفضيلة، وتتضمن العديد من الموضوعات التي تهدف إلى تعليم العقيدة الصحيحة وبيان الأحكام المتعلقة بمناسك الحج والعمرة.
مشاركة :