الخرطوم - قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية اليوم الثلاثاء إن طرفي الصراع في السودان لا ينتهزان فرصة محادثات جدة التي أتاحتها لهما الولايات المتحدة والسعودية، بينما سلكت الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منعرجا أكثر خطورة باتساع رقعة الاشتباكات خلال الآونة الأخيرة لتشمل مناطق أخرى، في وقت بدأ يلوح فيه شبح الحرب الأهلية، وسط تحذيرات من أن تمتدّ تداعيات الصراع إلى الجوار الإقليمي. وأضاف المسؤول الذي تحدث للصحفيين في واشنطن لكنه رفض الكشف عن هويته إن محادثات جدة التي تهدف إلى اتخاذ خطوات نحو وقف دائم للأعمال القتالية، لا تحقق نجاحا بالنظر إلى ما جرى الاتفاق عليه في البداية مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية. وفي سياق متّصل أكد مسؤول سوداني اليوم الثلاثاء أن قائد الجيش عبدالفتاح البرهان لن يلتقي خصمه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو في ظل الظروف الراهنة وذلك غداة إعلان كينيا سعيها لترتيب لقاء بينهما لمحاولة وضع حدّ للنزاع. ويأتي ذلك في إشارة إلى تأكيد الرئيس الكيني ويليام روتو السعي لعقد لقاء مباشر بين الطرفين، خلال قمة الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيغاد) التي عقدت في جيبوتي الاثنين. وقال وليام روتو للصحافيين إنّ "كينيا تلتزم جمع الجنرالين السودانيين في لقاء وجها لوجه لإيجاد حلّ دائم للأزمة"، وفق بيان أصدرته الرئاسة ليل الاثنين الثلاثاء. كما ذكرت مسودّة بيان حول اجتماع "إيغاد" نشره مكتب روتو العمل على ترتيب "لقاء وجهاً لوجه بين البرهان ودقلو في إحدى عواصم المنطقة". ولم يصدر تعليق عن دقلو أو قواته. وكان رئيس المفوضية الإفريقية موسى فقي أحمد قد حذر الاثنين من انهيار الدولة السودانية، داعيا حكومات الاتحاد الأفريقي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة بالنظر إلى التهديدات الخطيرة التي باتت تشكّلها الحرب الدائرة في السودان، على المنطقة بأكملها. ولم يلتق القائدان العسكريان منذ اندلاع المعارك بين قواتهما في الخرطوم ومناطق سودانية أخرى في 15 أبريل/نيسان وهو اليوم الذي كان من المقرر أن يشهد اجتماعا بينهما لإجراء مفاوضات بتسهيل من الأمم المتحدة. ويرى خبراء أن من الأسباب الرئيسية للنزاع الراهن هو الصراع على السلطة بين الحليفين السابقين اللذين أطاحا عام 2021 بالمدنيين الذين تقاسما السلطة معهم منذ سقوط الرئيس السابق عمر البشير في 2019. الا أن القائدين العسكريين اختلفا لاحقا على مسائل عدة من أبرزها دمج قوات الدعم السريع في الجيش. وأعلنت "إيغاد" في ختام قمة الاثنين رفع عدد الدول المكلّفة بحلّ الأزمة في السودان، عبر انضمام أثيوبيا إلى لجنة ثلاثية كانت تضم كينيا والصومال وجنوب السودان. وستترأس كينيا اللجنة الجديدة عوضا عن جنوب السودان. وأكد المسؤول الحكومي السوداني اليوم الثلاثاء أن للخرطوم تحفظاتها على بعض بنود بيان القمة، بينما أعلنت وزارة الخارجية السودانية أن وفد بلادها "أبدى اعتراضه على عدد من الفقرات التي وردت في مسودة البيان الختامي للقمة لعدم مناقشتها والاتفاق عليها". وأوضحت في بيان اليوم الثلاثاء أن هذه الفقرات تتعلق "بتغيير رئاسة لجنة إيغاد حيث طالب الوفد بالإبقاء على رئيس جنوب السودان سلفا كير على رئاسة اللجنة" المكلفة الوساطة. ومنذ بدء النزاع، قُتل أكثر من 1800 شخص، حسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد)، إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية. وأبرم الجانبان أكثر من اتفاق لوقف النار سرعان ما كان يتمّ خرقها. لكن الطرفين التزما بشكل كبير بهدنة مدتها 24 ساعة بوساطة أميركية - سعودية انتهت صباح الأحد، بعدها أفاق سكان الخرطوم على تجدد واقع المعارك الذي يعيشونه منذ قرابة شهرين. وأفاد سكان في الخرطوم اليوم الثلاثاء بأن مناطق متفرقة من الخرطوم تشهد قصفا مدفعيا واشتباكات. وأعلنت قوات الدعم السريع في بيان نشرته على صفحتها بموقع فيسبوك "سيطرتها على حامية عسكرية مهمة في منطقة أم دافوق الحدودية مع جمهورية إفريقيا الوسطى في إقليم جنوب دارفور بغرب السودان". وقالت "كبدت قواتنا الانقلابيين خسائر فادحة والاستيلاء على 24 مركبة لاندكروزر و4 مدرعات وأسر 6 ضباط بقيادة عقيد ركن و300 من الرتب الأخرى". ووفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة تسبّب النزاع بنزوح حوالى مليوني شخص بينهم أكثر من 476 ألفا عبروا الى دول مجاورة. وبحسب الأمم المتّحدة فإنّ 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكّان السودان، بحاجة إلى المساعدة والحماية. وفي سياق متصل أعلنت السعودية اليوم الثلاثاء أنها سترأس بالاشتراك مع عدد من الدول والهيئات الدولية مؤتمرا لدعم الاستجابة الإنسانية للسودان والمنطقة في 19 يونيو/حزيران دون أن تشير إلى مكان عقده، وفق وكالة الأنباء السعودية "واس" نقلا عن بيان للخارجية السعودية. مشيرة إلى أن المملكة ستتشارك رئاسة المؤتمر مع قطر ومصر وألمانيا والاتحاد الأوروبي إضافة إلى عدد من وكالات الأمم المتحدة.
مشاركة :