التحول الرقمي في صناعة الخدمات اللوجستية «1من 2»

  • 6/14/2023
  • 00:23
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تعد الخدمات اللوجستية من الصناعات الحيوية في العالم وتختص بجميع عناصر سلسلة التوريد من المصنع إلى العميل النهائي، مرورا بوسائل النقل المختلفة من الشركة المصنعة إلى المستودع والتخزين وتنفيذ الطلبات والتسليم إلى العملاء. وتتميز أدوار الخدمات اللوجستية في النقل والتسليم والتخزين والتعبئة ومناولة البضائع ومعالجة التوزيع وتخزين البيانات والمعلومات، وترسم عادة عديدا من الأنظمة والإجراءات لتسليم المنتجات من موقع الإنتاج أو المصنع إلى العميل في الوقت واليوم المحددين. لقد تعافت صناعة الخدمات اللوجستية العالمية من جائحة كورونا في 2022، وبلغ حجم سوق الخدمات اللوجستية العالمية ما يقرب من 9.96 تريليون دولار، ومن المتوقع أن تنمو سوق الخدمات اللوجستية العالمية بمعدل نمو سنوي مركب قدره 6.3 في المائة بين 2023 و2028 لتصل إلى قيمة تقارب 14.37 تريليون دولار بحلول 2028. ولذلك أولت رؤية المملكة 2030 هذه الصناعة جانبا من الأهمية وكان نتاجها تعديل تسمية وزارة النقل لتصبح "وزارة النقل والخدمات اللوجستية" في 2021، وجاء إقرار الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية في العام نفسه، إيذانا بأهمية قطاعي النقل والخدمات اللوجستية في برامج الرؤية. وتمتلك المملكة موقعا جغرافيا مميزا يتوسط خطوط التجارة العالمية، وتقع على بحرين مهمين هما: الخليج العربي والبحر الأحمر، ولذلك تستغل هذه الفرصة الذهبية مع مرور ثلث صادرات العالم من النفط عبر الخليج العربي، في حين أن 13 في المائة من حجم التجارة الدولية تمر عبر البحر الأحمر. وتمتلك المملكة أكبر اقتصاد في منطقة شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق، وتسهم في نحو 38 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، و21 في المائة من تعداد السكان في هذه المنطقة، وتعمل المملكة على تعزيز قدرتها التنافسية في الخدمات اللوجستية والمساهمة في زيادة حجم الصادرات غير النفطية وتنويع مصادر الدخل في البلاد، وفقا لأهداف رؤية 2030. ويستهدف رفع حجم سوق صناعة الخدمات اللوجستية في المملكة من 17 إلى 57 مليارا بحلول العام الحالي، ما يسهم في دعم التنمية المستدامة وتوليد فرص التوظيف والعمل. لقد أحدث التحول الرقمي تغيرا واضحا للتجارة عبر الإنترنت في جميع أنحاء العالم، وسرع هذا الاتجاه في تغير عالم الأعمال في جميع القطاعات المختلفة، بينما عصف التحول الرقمي بالصناعات من أجل مستقبل جديد. وتكيفت بعض الكيانات مع التقنيات الحديثة، لكن بقي بعض منها في آخر الصف، ومن الصناعات التي أخذت جانبا من هذا العصف هي الخدمات اللوجستية. لقد تطورت صناعة الخدمات اللوجستية لتصبح أكثر كفاءة وسرعة وقابلية للتكيف مع احتياجات العملاء، ولعل السبب يعزى إلى التقاء قوى متصاعدة، مثل أمازون وعلي بابا، والأتمتة والروبوتات، والكهرباء والاستدامة، وغيرها. ولكي نبسط مفهوم التحول الرقمي في مجال صناعة الخدمات اللوجستية، فهي استخدام التقنيات الرقمية الحديثة، مثل الأتمتة وأجهزة الاستشعار من بعد وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وغيرها، لتحسين كفاءة وفاعلية واستجابة الأنظمة اللوجستية من أجل تلبية احتياجات العملاء والشركات بشكل أفضل. ويـعد التحول الرقمي مهما في صناعة الخدمات اللوجستية، حيث يمكن لشركاتها تعقب وتتبع نقل البضائع في الوقت الفعلي بمساعدة التقنيات الرقمية، ما يمكنها من تحديد مجالات التنمية وتعزيز الكفاءة. إن أحد أمثلة الخدمات اللوجستية الرقمية هي التكامل اللوجستي مع المكدس التقني للأعمال التجارية من أجل تمكين تدفق معلومات الطلب اللوجستية. ويؤدي هذا الأسلوب إلى تفادي إدخال الطلبات يدويا عبر الأنظمة، ما يساعد على تقليل الأخطاء ويوفر مزيدا من الوقت لفرق الخدمات اللوجستية. لذلك نرى أن التحول الرقمي لسلسلة التوريد يدمج ويستخدم اتجاهات التقنية الحديثة في جميع مجالات الأعمال وينظم بشكل أساسي كيفية عمل الشركات اللوجستية وتقديم القيمة للعملاء، إضافة إلى إدخال التحول الرقمي عامل الذكاء في سلاسل التوريد للخدمات اللوجستية أو بما يعرف بالخدمات اللوجستية الذكية. ومن أهداف الخدمات اللوجستية الذكية، استخدام التقنيات الرقمية، مثل البلوكتشين والبيانات الضخمة لتحسين العمليات التي تتم في المستودع والموانئ. وتعد الحوسبة السحابية من أكثر التقنيات تأثيرا في التحول الرقمي بين شركات الشحن والخدمات اللوجستية، ويتبع ذلك الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء. كما نرى أن تقنيات الحوسبة الحدية والواقع الافتراضي والواقع المعزز والمركبات الكهربائية والروبوتات المستقلة من ضمن القائمة أيضا. وفي حقيقة الأمر، فإن تقنيات أجهزة الاستشعار وإنترنت الأشياء وتحليل البيانات والروبوتات مطبقة بالفعل في صناعة الخدمات اللوجستية العالمية، بل إن المركبات ذاتية القيادة وتقنيات المراقبة عن بعد تعد متوافقة بشكل كبير. وتقوم تقنية الذكاء الاصطناعي بدور جوهري وفاعل في صناعة الخدمات اللوجستية، حيث يمكن للتنبؤ بالطلب على المنتج والتخطيط اللوجستي أن يلعب دورا في تحسين الخدمات وتسريع النقل وتقليص الوقت وتوفير التكاليف. وبإمكان تقنية الذكاء الاصطناعي كذلك التنبؤ باتجاهات السوق وتعديل الطلبات وتغير مسار المنتجات في المستودعات. وتساعد هذه التقديرات المنظمات العاملة في صناعة الخدمات اللوجستية على تغيير الطلبات وتسليم السلع المطلوبة إلى المستودعات المحلية بكل كفاءة وسرعة. أما تقنية إنترنت الأشياء، فتمنح شركات الخدمات اللوجستية القدرة على تتبع موقع الشحنات، ومراقبة درجة حرارة الحاوية والرطوبة النسبية والظروف الأخرى في الوقت الفعلي، خصوصا مع توافر الأجهزة اللاسلكية، مثل علامات تحديد التردد اللاسلكي RFID وأجهزة استشعار نظام تحديد المواقع العالمي. إن أفضل أمثلة للشركات اللوجستية العالمية التي تفعل التحول الرقمي هي GXO Logistics وDHL وUPS وفيديكس وأمازون وعلي بابا وكينكو وغيرها، حيث وضعت إداراتها خطة استراتيجية رقمية محكمة لتمكين وتفعيل التحول الرقمي ومراقبة الأداء وتمكين الفرق العاملة وإنشاء ثقافة رقمية... يتبع.

مشاركة :