بكين - عرض الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال لقاء مع نظيره الفلسطيني محمود عباس اليوم الأربعاء وساطة بلاده لإيجاد تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية، وفق صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية، في وقت تلقي فيه بكين بثقلها في الشرق الأوسط، المنطقة التي ظلت لعقود تحت الهيمنة الدبلوماسية للولايات المتحدة، خاصة بعد أن لعبت دورا محوريا في التوصّل إلى الاتفاق المفاجىء الذي أنهى سنوات من القطيعة بين السعودية وإيران. وأكد جينبينغ أن "الصين مستعدة لتعزيز التنسيق والتعاون مع فلسطين للدفع باتجاه تسوية مبكرة وشاملة وعادلة ودائمة للقضية الفلسطينية". وقال خلال حفل استقبال في قاعة الشعب الكبرى "الصين مستعدة لتعزيز التنسيق والتعاون مع الجانب الفلسطيني في مواجهة قرن من التغيرات العالمية والتطورات الجديدة للوضع في الشرق الأوسط"، مضيفا "سنعلن اليوم بشكل مشترك إقامة شراكة استراتيجية بين الصين وفلسطين ستمثل علامة فارقة مهمة في تاريخ العلاقات الثنائية". ووصل عباس إلى الصين الثلاثاء في زيارة تستغرق 4 أيام وأعلنت متحدثة وزارة الخارجية الصينية هوا تشون ينغ أن الرئيس الصيني أقام "مراسم استقبال كبيرة ترحيبا بالرئيس الفلسطيني". وقالت على تويتر إن "شي جينبينغ أجرى محادثات مع عباس أكد خلالها أن الصين وفلسطين صديقان حميمان وشريكان جيدان يثقان ببعضهمها ويدعم كل منهما الآخر"، مضيفة "لطالما دعمت الصين بقوة قضية الشعب الفلسطيني العادلة المتمثلة في استعادة حقوقه الوطنية المشروعة". والجمعة، وصف متحدث وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين عباس بأنه "صديق قديم وقريب" للشعب الصيني. وكان وزير الخارجية الصيني تشين غانغ قد أبلغ في أبريل/نيسان نظيريه الإسرائيلي والفلسطيني استعداد بلاده للمساعدة في محادثات سلام، في اتصالين منفصلين. وحث تشين وزير الخارجية الاسرائيلي إيلي كوهين على اتخاذ "خطوات لاستئناف محادثات سلام". وقال إن "الصين على استعداد لتسهيل لذلك"، وفق ما ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا). وأبلغ تشين وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن بكين تدعم استئناف المحادثات في أسرع وقت، مشددا في الاتصالين على مسعى الصين لمحادثات سلام على أساس تطبيق "حل الدولتين". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية وانغ وينبين في مؤتمر صحافي دوري الجمعة إن "عباس أول رئيس دولة عربي تستقبله الصين هذا العام، ما يجسد المستوى الرفيع من العلاقات الصينية الفلسطينية الجيدة الودية تقليديا". وتابع أن "القضية الفلسطينية هي جوهر قضية الشرق الأوسط وتؤثر على السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وعلى العدالة والعدل الدولي". وخلال الفترة الأخيرة أعطت بكين اهتماما متناميا بقضايا المنطقة في تحد واضح للولايات المتحدة، إذ تمكنت من تسهيل اتفاق سعودي - إيراني سمح باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وإعادة فتح السفارات بعد قطيعة استمرت سنوات. بيد أن الولايات المتحدة ترفض أن يكون للصين يد في هذا الاتفاق. وتعد الصين من أوائل الدول التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين، حيث أقامت بكين في نوفمبر/تشرين الأول 1988 علاقات دبلوماسية رسمية مع فلسطين وفي مايو/آيار 1965 أنشأت منظمة التحرير الفلسطينية مكتبا تم التعامل معه على أنه بعثة دبلوماسية في بكين. وشكّل الاختراق الذي حققته الصين عبر بوابة المصالحة الدبلوماسية بين السعودية وإيران تحدّيا للدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط بعدما لعبت الولايات المتحدة لفترة طويلة دور وسيط أساسي في المنطقة. وحاول مسؤولون أميركيون التقليل من أهمية دور الصين في المنطقة، قائلين إن بكين لا تزال بعيدة عن التفوق على واشنطن في الشرق الأوسط الذي ما زال إلى حد كبير تحت حماية المظلة الأمنية الأميركية. وفي سياق متصل أكّدت السعودية منذ أسبوع أن علاقاتها مع كل من الصين والولايات المتحدة لا تتمّ مع بلد على حساب آخر، فيما شدّدت واشنطن على أنها لا تطلب من المملكة، حليفها الاستراتيجي التاريخي، الاختيار بينها وبين بكين. وخلال مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن في الرياض قلّل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان من أهمّية التحليلات التي تفيد بأن بلاده تتقرّب من بكين على حساب العلاقة مع واشنطن.
مشاركة :