.. واعطِ كل ذي حق حقه

  • 2/25/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

(1) في ذات اللحظة التي تمت فيها دعوته للصعود على منصة التكريم لتسليمه احدى الجوائز العالمية التي فازت بها مؤسسته لتميزها في الاداء، في تلك اللحظة التفت الرئيس التنفيذي الى فريق العمل الذي أحضره معه الى هذا المحفل العالمي وطلب منهم مرافقته الى المنصة ليقفوا معه أمام الحضور الذي زاد عن الثلاثة آلاف مشارك جاؤا من مختلف بقاع الأرض ليشهدوا الممارسات والتجارب الادارية والتكنولوجية المميزة ويتعرفوا على المبدعين أصحاب تلك التجارب والذين وفرت لهم مؤسساتهم البيئة المحفزة لإنجاحها وتميزها. وقف الرئيس بين أعضاء فريق عمله وسط تصفيق حار ولم ينس في هذه اللحظة التاريخية أيضا أن يشير الى أعضاء الفريق بل أنه وقبل مغادرته المنصة صافحهم فرداً فرداً مهنئاً لهم هذا الانجاز. كل ذلك تم أمام ذلك الحشد الكبير ووسط إعجابهم وتصفيقهم. تصور سيدي القارئ مستوى معنويات أعضاء ذلك الفريق وهم يعيشون تلك اللحظات، تصور شعورهم تجاه رئيسهم وهو يقدمهم للحضور بأنهم هم من يقف وراء ذلك الانجاز المميز الذي حصلت المؤسسة من خلاله على تلك الجائزة العالمية، تصور الولاء الحقيقي الذي ترسخ في نفوسهم نتيجة اعتراف المؤسسة بدورهم وجهودهم في حصولها على هذه الجائزة العالمية، إنه الولاء الصادق النقي الذي لا تشوبه المجاملة أو يغلفه التصنع. ما أعظم تأثير تلك اللحظات التي يحس خلالها العامل والموظف بأهمية ذاته وكيانه من خلال التقدير الصادق في الوقت المناسب والمكان المناسب ومن قبل الأشخاص المناسبين. سيدي القارئ، ذاك الموقف مستوحى من إحدى فعاليات القمة العالمية للحكومات التي عقدت في إمارة دبي مؤخراً وكنت أحد المتابعين لها. ماذا يقول علماء الادارة وممارسوها عن الاعتراف بجهود الآخرين في بناء المؤسسات وتميزها. (2) (جون ماكسويل) يقول: لكي تساعد القوة الدافعة عليك أن تساعد أتباعك على الاحتفال بإنجازاتهم، حاول أن تعتاد على تكريم الأشخاص الذين يسهمون في تحقيق التقدم وزيادة القوة الدافعة، عليك أن تثني على الجهود وتكافئ الانجازات بشكل مستمر وكلما كافأت على النجاح أكثر كلما حفزت الناس أكثر من أجل تحقيق المزيد من النجاح. وفي ذات السياق يقول (ماكسويل) أيضا: من غير اللائق أن ينسب المرء لنفسه في حين أن بناء شركة ناجحة يتطلب تعاوناً كثيراً من الناس معاً. عندما تحاول أن تكون الأفضل فانك لا تغرس الولاء، واذا كنت لا تستطيع نسب الفضل للآخرين فسوف تغرق بسبب عجزك عن التحفيز والالهام. أما (هانز الريتش شاير) فيقول مؤكداً ما ذهب اليه (ماكسويل) ومركزاً على دور فريق العمل: لا تحسب إنك الأفضل وإنك تستطيع أن تفعل كل شيء بنفسك، فقط فريق العمل يعطي أفضل النتائج. (ستيفن كوفي) لديه مقولة جميلة في هذا المقام فهو يؤكد أن: الفوز أمر ممتع ولكن هناك أكثر من طريقة لتحقيقه، فالحياة ليست لعبة تنس لا يفوز فيها سوى لاعب واحد، ولكنها تنطوي على مزيد من المتعة عندما يفوز كل الأطراف عندما نخلق واقعاً جديداً يسعد الجميع. أما (توماس أديسون) فلديه اعتراف شجاع عن دور فريق العمل فهو يقول عندما سئل ذات مرة عن مدى الحاجة الى الفريق الضخم الذي يعمل معه، يقول بتواضع جم: لو كانت لدي القدرة على حل كافة المسائل والمشاكل بمفردي لفعلت. دعنا سيدي القارئ نختم تلك المقولات التي تدعم دور فريق العمل والاعتراف بمساهماتهم بهذه العبارة المؤثرة: عندما يتم إشراك الناس بطريقة صادقة وهادفة، يكونون مستعدين للالتزام بتقديم أفضل ما لديهم. (3) بعد جولتنا تلك في رياض الأقوال المؤثرة لبعض علماء الإدارة وممارسيها والتي كان محورها الأساس الاعتراف بحق كل عضو في أي فريق عمل أسهم في إنجاز مميز وضع مؤسسته بسببه على منصة التكريم أود أن أعود بك سيدي القارئ مرة أخرى الى أجواء القمة العالمية للحكومات التي تابعت بعض جلساتها وخاصة تلك المتصلة بمنح جوائز الأداء المميز والإبداع للمؤسسات والأجهزة العاملة في القطاع العام. ولا يفوتني في هذه المناسبة أن أهنئ هيئة الكهرباء والماء في بلدي الحبيب على تفوقها وحصولها على احدى تلك الجوائز في تلك القمة. أعجبت كثيراً بالتوجه أو البروتوكول أو التقليد (The theme) الذي طبق أثناء توزيع الجوائز في ذلك المحفل العالمي، فقد كان الاحتفاء بأعضاء فرق العمل الذين ساهموا في ذلك الانجاز جميعاً وليس بشخص واحد كما هو حاصل في معظم مثل هذه المناسبات حيث يتم دعوة من يمثل المؤسسة وغالباً ما يكون أحد أعضاء الادارة التنفيذية الى المنصة لاستلام الجائزة أو للتكريم. أعجبني هذا التوجه كثيراً لأنه ترجمة حقيقية لمبدأ: اعطِ كل ذي حق حقه، فالإنجاز لا يتحقق عادة بمجهود شخص واحد وانما هو نتاج جهود أفراد مجتمعة واقتصار إجراء تسلم جائزة ما من قبل شخص واحد يمثل المؤسسة هو ظلم مقنن وتجاهل متعمد لجهود الآخرين. ما رأيك سيدي القارئ؟

مشاركة :