الجولات الميدانية من قِبَل القيادات الإدارية؛ أحد أهم أساليب الإدارة والمتابعة والتقييم على أرض الواقع، فمن خلالها يرى القائد النتائج مباشرةً، ويتواصل مع فريق العمل الميداني، ويرى بنفسه مستوى العاملين وقدراتهم، ويعرف بشكل مباشر احتياجاتهم، وتتاح له الفرصة أيضًا لمقابلة المراجعين والمستفيدين من الخدمات، والاستماع لهم ولرأيهم فيما يُقدَّم لهم من برامج ومشروعات مختلفة، كما تساهم مثل تلك الجولات في الإسراع من وتيرة العمل، ورفع مستوى الجودة، وتذليل الكثير من العقبات والمعوّقات، والتي قد لا تُساهم التقارير والدراسات الورقية في حلّها، في حين تكفي جولة ميدانية واحدة لإنهائها. خلال هذا الأسبوع، قام مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل بجولات تفقدية؛ اعتاد على أن يقوم بها لعدد من المحافظات التابعة لإمارة منطقة مكة المكرمة، ويقوم سموّه خلال تلك الجولات بالاطلاع على مستوى إنجاز المشروعات، والالتقاء بأهالي المحافظات، والاستماع لمطالبهم، إضافةً إلى حرصه على تحفيز العاملين، وشُكر المجتهدين، ومُحاسبة المُقصِّرين، والعمل على مُعالجة المشكلات الميدانية أولاً بأول، واتخاذ القرارات بشكل فوري ومباشر ميدانيًّا. بعض الجهات العاملة في الميدان تستعد لمثل تلك الزيارات، وكأنّها تستيقظ من سباتٍ عميقٍ، فما أن يُعلَن عن زيارة مسؤول، إلاّ وتجد فرق النظافة والصيانة والتشجير والإنارة وغيرها من الخدمات الأخرى قد انتشرت في المناطق المُحدَّدة للزيارة، وقامت بأعمال جبّارة في وقتٍ قصيرٍ، حتى أن البعض قد لا يُصدِّق أنه يسير في نفس الشارع الذي كان يسير فيه كل يوم، فالحفر اختفت، وتم إعادة الأسفلت وتنظيف الشارع، ووضع الزهور والأشجار، وصيانة الإنارة، وكل ذلك بسبب زيارة المسؤول. غير أن بعض الجهات تُبالغ في مثل هذه الاستعدادات، فقد نشرت صحيفة مكة أن إحدى الأمانات التابعة لإحدى محافظات المنطقة، وفي إطار استعدادها لزيارة المسؤول، قامت بإنشاء نُصْب تذكاري يتضمن الاحتفال بافتتاح جسر ونفق لم يتم العمل فيهما بعد، ولم يرَ ذلك المشروع النور حتى الآن، ممّا جعل مثل ذلك النُّصْب؛ موضوع تندُّر وسُخرية من قِبَل سُكَّاني المحافظة. الجولات الميدانية -عمومًا- مهمّة للغاية، ويجب أن يحرص عليها كل مسؤول، وأن يلحقها جولات أخرى مفاجئة، وبشكلٍ غير مُعدّ له مُسبقًا، ليكتشف المسؤول بنفسه حقيقة الأمر، ويعرف مواقع القصور، ويسعى لتحسين العمل، وتطوير الإنتاجية، وتحفيز الكفاءات، وتعزيز الانتماء وكشف الخلل. Ibrahim.badawood@gmail.com