بقلم: فويتشيك باجدا، مدير القطاع العام في الشرق الأوسط وأفريقيا لدى أمازون ويب سيرفيسز في ظل التحولات الديناميكية المتسارعة التي يشهدها قطاع التعليم، تساهم تقنيات الذكاء الاصطناعي و”تعلّم الآلة” في إحداث ثورة حقيقية على مستوى القطاع، ليس ذلك فحسب، بل تعيد هذه التقنيات بالفعل صياغة الطرق التي نستوعب بها احتياجات ومتطلبات التعلّم الفريدة للطلبة وتلبيتها. وتعمل هذه التقنيات الرائدة على إحداث تحولات إيجابية ملموسة في المشهد التعليمي بما يصب في مصلحة جميع المعنيين بالعملية التعليمية بما في ذلك الآباء والمعلمين. وتوفر تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة رؤى ثاقبة وفريدة تعزز العملية التعليمية، وتمكّن الطلبة والمعلمين من تتبع مستوى التقدم، هذا إلى جانب تطوير مسارات تعلّم مخصصة للطلاب، وإجراء تقييمات مستمرة. ويعكس هذا التقدم الملحوظ في تكنولوجيا التعليم الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة ودورها في رسم ملامح مستقبل التعليم. وتمتلك المؤسسات التعليمية الآن قدرات جديدة لتخصيص التجارب التعليمية بما يتناسب مع متطلبات ومستوى كل طالب. وتشمل هذه القدرات أدوات التقييم المدعومة بالذكاء الاصطناعي ونظام إدارة التعلّم (LMS) وغيرها من الحلول والأدوات التي تدعم مسارات تعلّم الطلبة. ومع ذلك، لا تقتصر إمكانيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة على توفير أدوات التخصيص؛ بل يتعدى ذلك إلى قدرة هذه التقنيات على تحديد الطلاب الذين يحتاجون إلى دعم إضافي في مرحلة مبكرة. ويشكل هذا الإنجاز في تكنولوجيا التعليم إضافة قيّمة لجميع المعنيين في نظام التعليم، لأنه يضمن حصول كل طالب على المستوى المطلوب من التركيز والمساعدة للتميّز في مساره الأكاديمية. رؤى قائمة على البيانات للمعلمين والمسؤولين: تمكين عملية صنع القرار يمكّن النمو الهائل في إمكانيات معالجة البيانات وتحليلها التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة المعلمين والمسؤولين من اتخاذ قرارات تستند إلى البيانات لتحسين الممارسات التعليمية. وتوفر هذه التقنيات رؤى شاملة لأداء الطلاب، ما يسمح للمعلمين بتحديد المجالات التي تتطلب التحسين وإجراء تعديلات مخصصة. على سبيل المثال، يمكن للمدرسين الاستفادة من المنصات المدعومة بالذكاء الاصطناعي للتواصل مع أولياء الأمور، وتزويدهم بتحديثات فورية في الوقت الفعلي حول التقدم الذي يحرزه أطفالهم. ويمكّن ذلك الآباء والمعلمين من التدخل المبكّر في حالة غياب الطلبة أو تدني درجاتهم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمسؤولين الحصول على مراجعة عامة على مستوى الشبكة للأداء عبر مختلف المدارس، باستخدام أدوات مثل Amazon QuickSight، لتحديد نقاط القوة والضعف. تعزيز الصحة الذهنية والعاطفية بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة تدرك المؤسسات التعليمية أهمية جودة الحياة الذهنية والعاطفية للطلاب، وتتجه العديد من المؤسسات نحو اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لدعم الاحتياجات النفسية للطلبة. وغالباً ما يتردد الطلاب في الاستفادة من خدمات الصحة الذهنية والعاطفية التي تقدمها الجامعات، ما يجعل من الضروري بناء الثقة وتوفير وسائل محكمة للمساعدة. ومن خلال تطوير أدوات تفاعلية يمكن الوصول إليها بسهولة هبر الهواتف الذكية، تعمل المؤسسات التعليمية على تمكين الطلاب من خفض مستويات التوتر، وتعزيز القدرة على التركيز، وتحسين صحتهم الذهنية. وسلّطت العديد من الدراسات الضوء على التوترات النفسية الملحوظة التي يعاني منها طلبة الجامعات. وتمكّن هذه الأدوات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة الطلبة من الإبلاغ بسرية تامة عن مزاجهم اليومي، ومستوى الإنتاجية، والتحديات التي يواجهونها. ويمكن أن تساهم تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة بدور حيوي في معالجة واحدة من أكثر المشكلات شيوعاً والتي يمكن أن تؤثر على جودة حياة الطلاب في جميع أنحاء العالم، ألا وهي ظاهرة التنمر عبر الإنترنت، حيث يمكن أن يكون لهذه الظاهرة عواقب وخيمة تؤثر على قدرة الطلبة على التركيز، واحترام الذات، والأداء الأكاديمي، وصولاً إلى إيذاء أنفسهم. ويمكن للمؤسسات التعليمية تسخير هذه التقنيات لتحديد حالات التنمر ومعالجتها على الفور، بما يضمن توفير بيئة آمنة لرعاية الطلبة. التدخل المبكّر للطلاب المتعثرين اعتمدت الطرق التقليدية لتحديد الطلاب المعرضين لخطر الرسوب أو الاعادة على أنظمة التحذير المبكر، والتي غالباً ما كانت تفشل في توفير فهم شامل لمجالات التحسين التي يحتاجها الطلاب. وتُعد العديد من أدوات “تكنولوجيا التعليم EdTechs” رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة والتي تساعد في إجراء تدخلات مبكرة للطلبة الذين يحتاجون للدعم. وتعمل منصة التعلم الذكية التابعة لشركة “ألف للتعليم Alef Education’s”، ومقرها دولة الإمارات العربية المتحدة على إخطار المعلمين بشأن الطلاب الذين يحتاجون إلى الدعم باستخدام آلية تقييم وتدخل هجينة تتكون من اختبارات تشخيصية تكيفية، ونموذج للتنبؤ بنتائج الاختبار النهائي. وتبدأ أسئلة الاختبار التشخيصي بمستويات صعوبة عشوائية، ويتم تعديلها في الوقت الفعلي لاكتشاف مدى معرفة الطلبة عبر مجالات متعددة ومستويات الصفوف، مع وضع الافتراضات حول مهارات الطالب ودرجاته ومستويات اللغة لديه جانباً. وبعد نقل عمليات المنصة إلى السحابة باستخدام أدوات مثل: AWS Educate، وCloudFront، وRedShift، نجحت شركة ألف للتعليم في توفير تجارب تعلم سلسة للطلاب، ومعالجة مجموعات البيانات الضخمة التي تكشف عن الفروقات الدقيقة في قدرات كل طالب. ويمكن استخلاص المزيد من الأفكار من ملاحظات الطلاب حول الأسئلة نفسها: وصممت المنصة آلية ملاحظات المستخدم باستخدام نظرية الاستجابة للمفردة (IRT)؛ حيث يمكن أن تكشف التقييمات حول صعوبة السؤال عن أنماط ونماذج جديدة لتعزيز العملية التعليمية. ويتتبع نموذج التنبؤ المدعوم بالذكاء الاصطناعي في منصة ألف للتعليم البيانات، بما في ذلك نشاط المستخدم، والدورات التدريبية المكتملة، وغيرها من الملاحظات الأخرى لتحديد الطلاب المعرضين لخطر الفشل حتى يتمكن المعلمون من التدخل مبكراً، ومساعدتهم على العودة إلى المسار الصحيح. التوازن بين دفع الابتكار والمحافظة على التعاطف البشري ورغم كل ذلك، من المهم للغاية معرفة أن هذه التقنيات لا تهدف إلى استبدال التفاعل والتعاطف والدعم البشري، وإنما هي أدوات مبتكرة وفريدة مصممة لتمكين المعلمين من إجراء تدخلات هادفة في الوقت المناسب، ما يمهد الطريق لنظام تعليمي أكثر إنصافاً وشمولية. وبينما نواصل الاستثمار ودفع عجلة الابتكار باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة، فإن إمكانيات تطبيقهما في قطاع التعليم لا حدود لها. ويمكننا أن نتوقع بشغف كبير مستقبلاً واعداً يجني فيه كل طالب وولي أمر ومعلم فوائد هذه التقنيات، ما يضمن حصول كل طالب على الدعم الذي يحتاجه للنجاح في مساره التعليمي.
مشاركة :