أظهرت دراسة جديدة أن الحيتان مقوسة الرأس المقاومة للسرطان تمتلك آلية متميزة لحماية الحمض النووي، ما قد يساعد العلماء على فتح الطريق أمام إطالة عمر الإنسان. ووجد الباحثون من جامعة روتشستر في نيويورك، أن الحيتان المقوسة الرأس التي يمكن أن تعيش لأكثر من قرنين من الزمان، تتمتع بقدرة استثنائية على إصلاح حمضها النووي التالف في عملية تبطئ من تقدم سنها. وفي حين أن الدراسات السابقة وجدت آليات بيولوجية لتجنب الإصابة بالسرطان في الأفيال، فإن العملية البيولوجية الجديدة الموجودة في الحيتان فريدة من نوعها، وفقا للباحثين. وكتب الفريق في الورقة البحثية التي لم تخضع بعد لمراجعة الأقران: "من خلال دراسة حيوان ثديي قادر على الحفاظ على صحته وتجنب الموت بسبب السرطان لأكثر من قرنين من الزمان، نقدم لمحة فريدة وراء تجربة تطورية عالمية اختبرت آليات تؤثر على السرطان والشيخوخة أكثر مما يأمل البشر في الاقتراب منه". وينمو الحوت المقوس الرأس، وهو أحد أكبر الحيوانات على وجه الأرض، إلى أكثر من 80 طنا، وعلى الرغم من عدد خلاياه الكبير جدا، فهو ليس معرضا للسرطان، وهو ما يمثل مثالا على الغرابة التي يسميها الباحثون مفارقة بيتو (ملاحظة سميت باسم الإحصائي الإنجليزي وعالم الأوبئة ريتشارد بيتو حيث انه على ما يبدو بأن حدوث السرطان لا يرتبط بعدد الخلايا الموجودة في الكائن الحي). ووفقا لهذه المفارقة، فإنه على الرغم من أن الحيوانات الكبيرة وطويلة العمر مثل الأفيال والحيتان المقوسة الرأس تمتلك عددا كبيرا من الخلايا مقارنة بالبشر، إلا أنها لا تعاني من زيادة في الإصابة بالسرطان. وفي الدراسة الجديدة التي نُشرت في مجلة bioRxiv، وجد الباحثون أن الحيتان تمتلك آليات بيولوجية لإصلاح الانقطاعات في خيوط الحمض النووي الخاصة بها "بكفاءة ودقة عالية بشكل فريد" مقارنة بالثدييات الأخرى. ووجد الباحثون أيضا مستويات عالية من البروتينين CIRBP وRPA2، في الحيتان المقوسة الرأس، والتي من المعروف أنها تزيد من كفاءة إصلاح الحمض النووي في الخلايا البشرية أيضا. وكتب الباحثون: "نقدم دليلا أيضا على أن البروتينين RPA2 وCIRBP، يتم التعبير عنهما بشكل كبير في الحيتان المقوسة الرأس مقارنة بالثدييات الأخرى، ويساهمان في ترميم تلف الحمض النووي المزدوج أكثر كفاءة ودقة". وتشير النتائج إلى أن الحيتان المقوسة الرأس طورت عملية دقيقة وفعالة لإصلاح الحمض النووي تحافظ على سلامة جينومها، وهي استراتيجية قد تكون حاسمة لعمرها الطويل والخالي من السرطان. ويشك العلماء في أن هذا التطور للمستويات العالية من التعبير البروتيني CIRBP في الحوت من المحتمل أن يكون نتاجا للضغوط الفسيولوجية الفريدة، بما في ذلك درجات الحرارة شديدة البرودة التي يجب أن تتحملها في القطب الشمالي. ويقارن العلماء هذه الآلية بالعلاج بالتبريد للجسم بالكامل والذي يستخدم على نطاق واسع في الطب الرياضي لتقليل الالتهاب وتسهيل التعافي بعد التمرين أو الإصابة. وأضاف الباحثون: "في حين أن الآليات الجزيئية المسؤولة عن الآثار المفيدة للعلاج بالتبريد غير معروفة إلى حد كبير، فإننا نتوقع أن زيادة تعبير CIRBP قد يساهم في الفوائد الصحية من خلال تسهيل إصلاح الحمض النووي". وبناء على الدراسة الجديدة، يتكهن الباحثون أيضا بأن التسليم المحلي لمتغيرات بروتين CIRBP يمكن أن يبشر بالخير كإستراتيجية لتحسين تعافي الأنسجة من الجراحة أو زرع الأعضاء. ومع ذلك، لا توجد حاليا علاجات معتمدة لتعزيز إصلاح الحمض النووي للوقاية من السرطان أو التدهور المرتبط بالعمر. لكن الباحثين يعتقدون أن العلاجات المستقبلية القائمة على زيادة نشاط أو وفرة البروتينات مثل CIRBP أو RPA2 قد تمكن من علاج عدم استقرار الجينوم كعامل خطر قابل للتعديل من أمراض الشيخوخة والسرطان. ويقول الفريق إن الدراسة الجديدة تسلط الضوء أيضا على قيمة دراسة مثل هذه الكائنات الحية طويلة العمر لإيجاد آليات جديدة لطول العمر للإنسان. المصدر: إندبندنت تابعوا RT على
مشاركة :