المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا تنخرط في الجدل المثار بشأن اتفاق بوزنيقة

  • 6/16/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم يهدأ السجال الدائر في ليبيا حول الاتفاق الذي توصلت إليه لجنة “6+6” في وقت سابق من الشهر الجاري بشأن القوانين الانتخابية، ما يضفي حالة من الغموض على إمكانية إجراء الاستحقاقين التشريعي والرئاسي في نهاية العام الجاري. طرابلس - انخرطت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا في الجدل المثار بشأن القوانين الانتخابية التي توصلت إليها لجنة “6+6” في اتفاق بوزنيقة، مبدية حزمة من الملاحظات على العديد من البنود أهمها تلك المتعلقة بشروط الترشح للرئاسة ومسألة الطعون. واعتبرت المفوضية أن التناقضات والغموض الذي لف العديد من البنود يهددان العملية الانتخابية برمتها، ويبعثان الشكوك مسبقا في مصداقيتها وشفافيتها. وتوصلت اللجنة 6+6 المشكلة مناصفة بين مجلسي النواب والأعلى للدولة في وقت سابق من الشهر الجاري بمدينة بوزنيقة المغربية إلى اتفاق بشأن القوانين الانتخابية التي يأمل من خلالها أن تمهد الطريق لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في موفى العام الجاري. نادية عمران: اشتراط جولتين في الانتخابات الرئاسية جاء بهدف التمويه نادية عمران: اشتراط جولتين في الانتخابات الرئاسية جاء بهدف التمويه ورغم أن الاتفاق الذي توصلت إليه اللجنة يحمل طابع الإلزام ولا يحتاج حتى لمصادقة مجلسي النواب والدولة عليه، إلا أن الانطباع العام السائد أن هذا الاتفاق غير قابل للتطبيق على الأرض، في ظل وجود تحفظات من الفرقاء الليبيين على العديد من المواد، وفي مقدمتهم مجلس النواب. ووجه رئيس مجلس إدارة المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح رسالة إلى رئيس وأعضاء مجلس النواب تضمنت الملاحظات على القوانين المطروحة، ومنها مسألة مزدوجي الجنسية. وتحدث السايح عن وجود تضارب بين الفقرة الثانية من المادة 15، التي تنص على أن يكون المترشح “لا يحمل جنسية أي دولة أخرى”، وبين المادة 17 من “شروط وإجراءات الترشح” التي تسمح لمزدوجي الجنسية بدخول الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية على “أن يقدم إلى المفوضية خلال أسبوعين من إعلان النتائج النهائية للجولة الأولى إقرار كتابي مصدق عليه من محرر عقود يفيد بعدم حمله جنسية دولة أجنبية”. واعتبر أنّ العديد من “النصوص والمواد التي وردت بتلك القوانين تتطلب ضرورة إعادة النظر، بما يمكّن المفوضية والشركاء وذوي المصلحة من الانخراط في تنفيذها”. وكان موضوع ترشح مزدوجي الجنسية أحد الأسباب الرئيسية التي حالت دون حصول توافق بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، ويعد ما طرحته اللجنة أفضل الخيارات حتى الآن حيث حاولت أن تراعي مطالب كلا الفريقين، لكن مجلس النواب أعلن عن تحفظاته عن الصيغة المطروحة. ويرى المجلس الذي يرأسه عقيلة صالح بضرورة تعديل المادة 17 بما يسمح لمزدوجي الجنسية بالترشح في الجولتين، معللا موقفه بأن “الوقت بين الجولتين الأولى والثانية لا يكفي لتنازل المرشح عن جنسيته الأجنبية، لأنها تتعلق بإجراءات طويلة لدى بعض الدول قد تصل إلى مدة عام، وبالتالي يفقد المترشح حقه في مواصلة خوض سباق الانتخابات”. وأشار رئيس المفوضية في رسالته إلى ضرورة إعادة صياغة المادة 42 التي تنص بالصيغة الحالية على عدم جواز الطعن في بقية شروط الترشح باستثناء شرط الجنسية، كما تطرق إلى مسألة نشر قوائم المزكين الذي عده خرقا لمبدأ السرية؛ إذ يمكن معرفة تصويت الناخب مسبقا من خلال تزكيته لمترشح ما. رئيس المفوضية دعا ضرورة إعادة صياغة المادة 42 التي تنص بالصيغة الحالية على عدم جواز الطعن في بقية شروط الترشح باستثناء شرط الجنسية ولفت إلى أن إلغاء نتيجة أي مركز من مراكز الاقتراع هي من صلاحيات المفوضية، مطالبا بتعديل مواد من الفصل التاسع بعضها أغفل قوانين، والآخر يحتاج إلى تصحيح. وعلق السائح على قانون مجلس الأمة حيث أشار إلى وجود خطأ في توزيع المقاعد بين القوائم والأفراد وفقا لجدول توزيع المقاعد، حيث القوائم 154 بدلا من 155، والأفراد 143 بدلا من 142، لافتا إلى تخصيص مقاعد المرأة في الدائرتين 17 و18 الواردة بجدول توزيع مقاعد مجلس النواب. واعتبر أن مضمون المادة 25 يتعارض مع سرية نزاهة العملية الانتخابية، وأن تطبيقها لا يتأتى لوجوب موافقة الناخب على تسليم معلومات تخصه لحزب ما حتى ولو كان اسمه فقط. وتطرق رئيس المفوضية إلى غياب تعريف “للجنة الانتخابية” وصفات أعضائها في الاتفاق، وقال إذا كان المقصود بها لجان الاقتراع داخل مراكز الانتخاب، فإن ذلك يعد مساسا بنزاهة العملية الانتخابية، حيث يمكن للأحزاب التواصل مع رؤساء وأعضاء تلك اللجان لغرض إخضاعهم لإغراءات أو تهديدات. ولفت إلى أن على الحزب أن يتولّى مسألة التواصل مع الناخبين بما لديه من إمكانيات، لا أن يعتمد على المفوضية في الحصول على معلومات قد تعرضها للطعن أمام القضاء. وأكد السايح في ختام ملاحظاته أن قوانين الانتخابات التي أعدتها اللجنة المشتركة تُعد “أفضل ما قُدم حتى الآن من تشريعات تخص العملية الانتخابية”، وأشار إلى أنه “يمكن تنفيذها وفق المعايير والمبادئ الدولية المتعارف عليها قديما لو تم الأخذ بالملاحظات المقدمة من المفوضية”، مجددا استعداد مفوضية الانتخابات وجاهزيتها لتولي مسؤولياتها بشأن التزامها بالتطبيق العادل لتلك القوانين. ولا يعرف بعد ما إذا كان سيجري التجاوب مع الملاحظات التي عرضتها مفوضية الانتخابات، والتي هي ذات طابع فني. عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور تصف مخرجات لجنة 6+6 بـ”السيئة” من حيث مستوى الصياغة وحبكة النصوص، فضلا عن استحالة تطبيق بعضها ويقول مراقبون إن أي تعديل على الاتفاق الحالي قد يفسح المجال للعديد من المعترضين للتدخل، وبالتالي العودة إلى النقطة الصفر، لافتين إلى أن مصير إجراء الانتخابات لا يبدو واضحا حتى الآن، مشيرين إلى أن موقف المبعوث الأممي عبدالله باتيلي سيكون محددا. ووصفت عضو الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور الليبي نادية عمران، مخرجات لجنة 6+6 بـ”السيئة” من حيث مستوى الصياغة وحبكة النصوص، فضلا عن استحالة تطبيق بعضها. وقالت عمران إن التوزيع المطروح للدوائر لا يتلاءم مع عدد السكان، ولم يستند إلى إحصاءات دقيقة للتوزيع الجغرافي، كما أنه لا يوجد معيار أو شرح يفسر لماذا تحظى مدينة ذات كثافة سكانية عالية بنفس عدد المقاعد التي ستحظى بها مدن أخرى محدودة السكان. ورأت أن السماح للأحزاب بالمشاركة في العملية الانتخابية، رغم افتقار ليبيا بالأساس للقوانين التي تنظم الحياة الحزبية، قد يصْعب معه تحقيق نتائج إيجابية كما يأمل الجميع، مؤكدةً أن مخرجات اللجنة لن تفضي إطلاقا إلى إجراء الانتخابات، بل إلى تعطيلها بسبب ما تضمنته من مواد خلافية، وإشكاليات دستورية وقانونية، خاصة في ما يتعلق بشروط الترشح للرئاسة، وذلك بالتوازي مع هدف آخر لها وهو العمل على تغيير الحكومة الراهنة في طرابلس. واعتبرت أن اشتراط وجود جولتين في الانتخابات الرئاسية جاء بهدف التمويه على منح مزدوجي الجنسية من المرشحين فرصة للتخلي عن الجنسية الثانية، إذا ثبت إمكانية فوز أحدهم بالسباق، لكن دون مراعاة لما يستغرقه هذا الإجراء من وقت ليس بالقليل، والأخطر أنه دون ضمانات تحول دون قيام هذا المرشح الفائز باسترداد الجنسية الثانية خلال فترة سماح قد تصل إلى عام كامل وفق قوانين بعض الدول.

مشاركة :