المجموعة العسكرية في مالي تتجه نحو تعزيز نفوذها باستفتاء مثير للجدل

  • 6/16/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تنظم المجموعة العسكرية الحاكمة في مالي استفتاء حول دستور جديد للبلاد، وعدت بأن يكون خطوة نحو عودة المدنيين إلى الحكم، لكن محللين يقولون إنه سيعزز صلاحيات الانقلابيين ويدعم حضورهم في السلطة وقد يمكّنهم من قيادة البلاد تحت غطاء قانوني. دكار - دُعي الناخبون في مالي إلى التصويت الأحد للتعبير عن قبولهم أو رفضهم لدستور جديد تعرضه المجموعة العسكرية الحاكمة لاستفتاء تعترض عليه معارضة غير متجانسة، وقد يؤثر عليه غياب استقرار دائم في عدد من مناطق البلاد. وهذا التصويت هو الأول من نوعه الذي ينظمه العسكريون منذ استيلائهم على السلطة بالقوة في أغسطس 2020 في البلاد التي تشهد أزمة أمنية وسياسية واقتصادية عميقة متعددة الأوجه. وكانت المجموعة العسكرية الحاكمة في مالي أجلت الاستفتاء الدستوري بعد أن كان مقررا إجراؤه في التاسع عشر من مارس الماضي. ويشكل الاستفتاء خطوة مهمة على الطريق الذي يفترض أن يفضي إلى عودة المدنيين إلى قيادة البلاد في مارس 2024، بموجب التعهدات التي قطعها العسكريون أنفسهم. وكان الجدول الزمني الذي وضعه العسكريون ووعودهم بالالتزام به وترك السلطة للمدنيين أقنع المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا في يوليو 2022 برفع العقوبات التجارية والمالية التي فرضت على مالي، الدولة الفقيرة وغير الساحلية التي تعاني من ركود اقتصادي وانعدام للأمن. وكانت مجموعة غرب أفريقيا التي واجهت منذ الانقلاب الأول في مالي في أغسطس 2020 سلسلة انقلابات في المنطقة، فرضت العقوبات على باماكو في يناير 2022 عندما خطط الجيش للبقاء في السلطة خمس سنوات. شكوك كبيرة لمن الولاء في مالي؟ لمن الولاء في مالي؟ قبل أقل من تسعة أشهر من الموعد المعلن، ما زالت شكوك كبيرة تتعلق بعدد من النقاط من بينها الموقع الذي سيحتله الرجل الأول الحالي الكولونيل أسيمي غويتا والعسكريون في مالي الغد. وسيقرر الماليون الأحد بتصويتهم اعتبارا من الساعة الثامنة (بالتوقيت المحلي وتوقيت غرينتش) موقفهم من المشروع الدستوري باستخدام بطاقات اقتراع خضراء كتب عليها نعم وأخرى حمراء تحمل كلمة لا. ويفترض أن تعرف النتائج خلال 72 ساعة. وبذلت السلطات جهودا كبيرة من أجل هذا الإصلاح الذي يهدف إلى سد ثغرات دستور 1992 الذي يعد أحد عوامل فشل الدولة أمام الأزمات العديدة والتوسع الجهادي والفقر وتدمير البنية التحتية أو خراب التعليم. ووضع جزء كبير من الدستور إرضاء للقوات المسلحة. فهو يشدد على “السيادة” شعار المجلس العسكري منذ ظهوره، ثم الانفصال عن القوة الفرنسية المهيمنة السابقة، فضلا عن محاربة الفساد المرتبط بالنظام القديم، ويضفي الشرعية على السلطات التقليدية ويعزز مكانة اللغات الوطنية المتعددة وينص على إنشاء مجلس للشيوخ. ويتميز خصوصا بتعزيز صلاحيات الرئيس وينص على عفو عن منفذي الانقلابات السابقة لصدوره. يغذي النص التكهنات المستمرة حول احتمال ترشح غويتا للرئاسة، على الرغم من التعهدات التي قطعها العسكريون في البداية بعدم الترشح. وتوضح مسودة الدستور الجديد أن الرئيس هو من سيكون بيده أن “يحدد سياسة الأمة” ويعين رئيس الوزراء والوزراء وينهي مهامهم. ويمكن للرئيس حل الجمعية الوطنية. ويؤكد مشروع الدستور أن مالي “جمهورية مستقلة ذات سيادة وموحدة وغير قابلة للتجزئة وديمقراطية وعلمانية واجتماعية”، بينما يعارض الأئمة مبدأ العلمانية ودعوا إلى معارضتها. كما تؤكد مسودة الدستور أن أي انقلاب “جريمة لا تسقط بالتقادم”. لكن انقلابيي 2020 الذين انقلبوا مرة أخرى في 2021 لتعزيز سيطرتهم سيتمتعون بالحماية لأن الانقلابيين قبل إصدار الدستور ستشملهم قوانين عفو. وتشهد مالي منذ 2012 انتشارا للجماعات الجهادية وللعنف بشتى أنواعه. وطرد العسكريون الماليون الجنود الفرنسيين في 2022 في أجواء من التوتر الشديد وطلبوا مساعدة روسيا عسكريا وسياسيا. مشاركة ضعيفة الدستور يغذي التكهنات المستمرة التي ترجّح ترشح غويتا للرئاسة، على الرغم من أن العسكريين تعهدوا بعدم الترشح الدستور يغذي التكهنات المستمرة التي ترجّح ترشح غويتا للرئاسة، على الرغم من أن العسكريين تعهدوا بعدم الترشح يثير الإصلاح معارضة كتلة غير متجانسة. فالمنظمات الدينية المؤثرة تعارض الإبقاء على العلمانية. في الشمال يدين المتمردون السابقون الذين وقعوا، خلافا للجهاديين، اتفاق سلام مهما مع الدولة، بنود الدستور ويمكن أن يمنعوا التصويت في معقلهم في كيدال. وينظر جزء من الطبقة السياسية بريبة إلى تعزيز السلطة التنفيذية. وقال سيدي توريه، المتحدث الرسمي باسم حزب النهضة الوطني (بارينا)، “شهدنا شخصنة للسلطة، عبادة للشخصية. وإذا تم وضع دستور جديد، فيجب تصحيح هذه التجاوزات وتأمين توازن بين السلطات بدلا من تركيزها في يد الرئيس وحده”. وفي تجمع انتخابي الثلاثاء، دافع رئيس المجموعة العسكرية الحاكمة عن “مشروع الدستور الذي وضعه الماليون”، مؤكدا أن النص جاء “نتيجة عمل توافقي لكل الحساسيات”. وبمعزل عن شرعية النص، تثير شرعية الاقتراع جدلا. التصويت هو الأول من نوعه الذي ينظمه العسكريون منذ استيلائهم على السلطة في أغسطس 2020 فقد يمنع الناخبون من التصويت في عدد من المناطق التي تعاني من غياب الأمن، لاسيما في الوسط والشمال، حيث تواصل الجماعات الجهادية شن هجمات دامية ضد المدنيين والجيش. وقال سيدي توريه إن “مالي لديها تحديات أكثر إلحاحا.. يجب أن نجمع الماليين معا في الحرب ضد الإرهاب ومن أجل الحرب ضد الفقر”. ورأى باحث، طلب عدم الكشف عن هويته، أن “مشكلة دستور 1992 هي أنه لم يتم تطبيقه فعليا (…) ولا يمكن أن يكون سبب الأزمة”. ويتوقع أن تكون نسبة المشاركة منخفضة. وقال عبدول سوغودوغو، المتخصص في العلوم السياسية، إن “الماليين لا يصوتون بشكل عام، ومنذ 1992 نادرا ما تجاوزت نسبة المشاركة ثلاثين في المئة”. ويرى مراقبون أن فوز مؤيدي الدستور أمر محسوم. وقال بريما إيلي ديكو، عالم الاجتماع في جامعة باماكو، أن “الماليين يقولون في سرهم إن رؤساء الأنظمة الديمقراطية لم يكونوا لامعين بالضرورة، والفساد بلغ مستوى عاليا والناس يريدون رؤية شيء آخر”. ويعول أنصار الإصلاح على الشعبية القوية التي تنسب إلى الكولونيل غويتا وما يسمى بالسلطات الانتقالية. ويؤكد عبدول سوغودوغو أن “بعض الجهات الفاعلة تقدم هذا الاستفتاء على أنه دعم لعملية الانتقال، مما يعني أن النقاش حول مضمونه مستبعد”.

مشاركة :