وداعية .. يا آخر ليلة تجمعنا

  • 2/25/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

1 “وداعية .. يا آخر ليلة تجمعنا” .. أراها يوميا مكتوبة على حائط بيت في طريقي إلى العمل، وكلما مررت بها تذكرت “عبدالكريم عبدالقادر” الفنان الكويتي الشهير صاحب الصوت الجريح – ومن أطلقت حنجرته الذهبية هذه الكلمات الجميلة المشحونة بالشجن والجمال والمترعة بالحب العابق بالعشق والوله. 2 والواقع أن من يتأمل أحوال الفن هذه الأيام ويحاول أن يعقد مقارنة بينه وبين الفن أيام زمان يجد أن ثمة فارق كبير لا من حيث الكلمات ولا الألحان ولا الأداء وفي كل الأحوال فان لكل مرحلة مزاياها وعيوبها لكن أحداً لا يختلف في ظني على أن عمالقة فن الغناء في عالمنا العربي قد كانت خلال الثمانينات وأوائل التسعينات الميلادية يوم كان سماء الفن العربي تلعلع فيها أصوات أم كثلوم وعبدالحليم ومحمد عبدالوهاب وفيروز ووردة الجزائرية وسميرة توفيق ولحق بهم عبدالكريم عبدالقادر فيما بعد هو ورفاقه من عدة بلاد عربية. 3 أغاني اليوم اسقطت من حساباتها الأصالة الفنية من حيث اللحن والكلمات والأداء وابتعدت عن استدعاء التراث وتجديده وتصويره في قوالب جديدة تحفظ شخصية المكان والإنسان والزمان، وصار عدد ليس قليلا من فناني اليوم يغني حسبما يريده التيار الحديث من اختلاطات بعيدة عن (الطرب) الحقيقي وعن الشعر (الحقيقي) حتى أننا صرنا نسمع كلمات خارج اطار الايقاع الحقيقي للفن وكلمات ضحلة المعنى ضئيلة الفكر ، وغير منسجمة مع الذوق الحقيقي الجميل. 4 “عبدالكريم عبدالقادر” ابن مدينة الدمام، السعودي الذي حصل على الجنسية الكويتية مع مطلع السبعينات سجل طفرة حقيقية في عالم الغناء الخليجي بشكل خاص والعربي بشكل عام وكان إضافة لافتة خصوصاً وقد رافق وساند مسيرته عمالقة في كتابة الغناء وآخرون في موسيقى الغناء أمثال يوسف المهنا وعبداللطيف البناي ..فوق أن هذا الفنان الجميل والمبدع قد تواصل مع خالد الفيصل ومحمد العبد الله وسعود بن بندر وأخذ من كلماتهم وشاركه مهمة الألحان أنور عبدالله وسليمان الملا وعبدالرب إدريس. 5 واظن أن اضلاع الأغنية الناجحة هي ثلاثة “الكلمات – الموسيقى – الأداء) ومتى اختل واحد منها حصل خلل بالأغنية وجعلها تترنح حتى تهوي إلى دركات أقل في ميزان الجمال والابهار والمتعة .. وإن كان هناك في هذا الزمان من يحاول أن يضيف أضلاعا جديدة إلى اضلاع نجاح الأغنية الثلاثة التي ذكرتها آنفاً ، مثل أن يضيف ضلعاً رابعاً وهو التوزيع الموسيقي (الموزع الموسيقي) والذي يعتبره قيمة مهمة لنجاح الأغنية إضافة إلى ضلع خامس يرونه مهماً كذلك وهو “الفيديو كليب” مما يساعد على انتشار الأغنية بالشكلين الأفقي والعمودي كما أن هناك من يضيف ضلعاً آخر وهو “قبول الجمهور” للمطرب بحيث نرى أن كريزما الفنان مهمة في زيادة مساحته وحجم جمهوره عند المتلقين لفنه. 6 ونعود إلى “وداعية – يا آخر ليلة) لنرى أن هذه الأغنية كانت من أجمل ما غناه عبدالكريم عبدالقادر ويقال إنها كتبت رثاء من الشاعر (كاتبها) في وفاة صديق عزيز عليه .. وهي من كلمات عبداللطيف البناي (الكاتب الغنائي الكويتي الشهير) وألحان يوسف المهنا الموسيقار الكويتي المعروف وكتبها البناي في صديقه الذي مات عبدالرحمن البعيجان (بحسب بعض المصادر) وهو ملحن قدير وفي آخر زيارة التقاه بالمستشفى بصحبة الفنان عبدالكريم عبدالقادر والملحن يوسف المهنا وبعد أن اطمأنوا على صديقهم البعيجان وأرادوا مغادرة حجرته قال لهم البعيجان (وداعية .. يا آخر ليلة تجمعنا – وداعية .. أعز الناس ودعنا)!! وكان يقصد أهله وزوجته وبعدها بيوم حصلت وفاته.

مشاركة :