كونا- تحتفل دولة الكويت اليوم الخميس وغدا الجمعة بأعيادها الوطنية المتمثلة في عيد الاستقلال ال55 والذكرى ال25 لعيد التحرير متشحة بازهى وابهى ثياب الفرح والسعادة والسرور تحت راية قائد نهضتها سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه. وتأتي هذه الاحتفالات بالتزامن مع الذكرى العاشرة لتولي سمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم بعد ان بويع بالإجماع في جلسة تاريخية من قبل أعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية أميرا للبلاد ليصبح بذلك أول أمير منذ عام 1965 يؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة الكويتي. وتتصادف الاحتفالات الوطنية هذا العام ايضا مع اختيار دولة الكويت (عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2016) وهو ما توج الجهود التي بذلتها الكويت منذ سنوات طويلة من أجل نشر الثقافة والوعي والفكر المستنير وحرصها البالغ على تكريس الصورة الحقيقية للاسلام باعتباره دينا للتسامح والسلام. واعتادت دولة الكويت ان تزدان مبانيها وميادينها وشوارعها بحلل الفرح والسعادة متلألئة بصور رائعة من اضواء الزينة التي جسدت ابهى صور حب الوطن والولاء والتفاف الكويتيين حول قيادتهم السياسية وعلى رأسها صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. ويتخلل هذه الاحتفالات العديد من الفعاليات والانشطة والعروض ومنها العروض العسكرية المرافقة لهذه الاحتفالات والتي تعكس انطباعا جميلا في ذاكرة الكويتيين وخصوصا المشاركة الواسعة لوحدات الجيش البرية والجوية والبحرية إلى جانب وزارة الداخلية والحرس الوطني. وجرت العادة أن تفتتح العروض العسكرية بتحية العلم وسط حضور كبير من المواطنين في حين تحتشد الوحدات العسكرية في تراص منظم لتبدأ عرضها المهيب الذي يتخلله عزف الفرق الموسيقية التابعة للجيش والمارش العسكري راسمين لوحة فنية تتجلى فيها القيم الوطنية والاستبسال دفاعا عن الوطن. ويشارك في العروض مشاة من قوات المغاوير التابعة للجيش وقوات الصاعقة من الحرس الوطني وطلائع الفرسان من الشرطة وآليات وزارة الداخلية بكل قطاعاتها والسفن البرمائية ومقاتلات حربية كويتية مختلفة. وبالإضافة إلى تلك القوات يأتي العرض الجوي الذي يضم مختلف أنواع الطائرات مثل (سوبربيوما) و(هركليز) و(توكانو) و(الهوك) و(الأباتشي) و(إف 18) وطائرات (الغزال) لرسم تشكيلات ثلاثية ورباعية. وفي هذه المناسبة السعيدة اعادت شركة المشروعات السياحية افتتاح ابراج الكويت احد اهم المعالم التاريخية والسياحية في البلاد بعد انتهاء عمليات الصيانة الفنية اللازمة عبر تطوير وتحديث الديكورات الداخلية والواجهات الزجاجية التي استغرقت نحو خمس سنوات ليشارك بذلك هذا المعلم في احتفالات الكويت الوطنية باعتباره مقصدا ووجهة سياحية مهمة. كما تشارك قرية صباح الأحمد التراثية فرحة الكويت في الاحتفالات الوطينة باقامتها العديد من الفعاليات والانشطة والمتمثلة في مسابقات وتوزيع جوائز وفقرات الألعاب النارية والفرق الشعبية الغنائية وغيرها على أن تختتم تلك الفعاليات في 15 مارس المقبل. ودخلت الكويت مرحلة جديدة من تاريخها يوم 19 يونيو 1961 الذي يصادف غدا حين وقع الامير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح وثيقة الاستقلال مع السير جورج ميدلتن المندوب السامي البريطاني بالخليج العربي نيابة عن حكومته. وبموجب هذه الوثيقة الغيت اتفاقية 23 يناير 1899 التي وقعها الشيخ مبارك الصباح مع بريطانيا في ذلك الوقت لحماية الكويت من الاطماع الخارجية وبالغاء تلك الوثيقة أعلن الكويت دولة مستقلة ذات سيادة. ولم يكن النجاح في اصدار مثل هذه المذكرة البريطانية عملا سهلا على الاطلاق بل كان عملا شاقا لا يقدر عليه الا رجل محنك متمكن سياسيا ويستند الى دعم شعبي غير عادي وكلها كانت بعض صفات أمير الاستقلال الشيخ عبدالله السالم الصباح. واذا كانت معاهدة الحماية بداية للعلاقات الكويتية البريطانية وخطوة من خطوات الحماية للكويت ضد القوى الخارجية فان عهد الشيخ عبدالله السالم (1950 - 1965) هو عهد الغاء هذه المعاهدة واعلان دولة الاستقلال على يد (أبو الاستقلال). ففي 25 فبراير 1950 أعلن الشيخ عبدالله السالم فور توليه الحكم عن عزمه على اتباع سياسية ترمي الى تحقيق الوحدة الوطنية الكويتية واشاعة جو ديمقراطي ومقاومة أي تدخل في الشؤون الداخلية للبلاد. وقام سمو الامير الراحل باجراء اصلاحات جوهرية ضمن مخططه للتنمية الاقتصادية ودخل في مفاوضات شاقة طويلة مع شركة نفط الكويت نتج عنها في أواخر عام 1951 الاتفاق على رفع نسبة العوائد النفطية الى 50 في المئة من الارباح الصافية. وزاد ارتباط الكويت بشقيقاتها العربيات بل واصبحت تعيش كل قضايا العرب قولا وفعلا على المستويين الرسمي والشعبي. وعندما نجحت الكويت بقيادة المغفور له الشيخ عبدالله السالم في تحقيق استقلالها بالغاء اتفاقية 1899 القى سموه رحمه الله كلمة قال فيها "في هذا اليوم الذي ننتقل فيه من مرحلة الى مرحلة اخرى من مراحل التاريخ ونطوي مع انبلاج صبحه صفحة من الماضي بكل ما تحمله وما انطوت عليه نفتح صفحة جديدة تتمثل في هذه الاتفاقية التي نالت بموجبها الكويت استقلالها التام وسيادتها الكاملة". وبمجرد أن نالت الكويت استقلالها وسيادتها سارعت الى الانضمام الى الجامعة العربية في 20 يوليو 1961 وسعى الامير الراحل الى دعم الدول العربية والخطوة الثانية انشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية ليكون دعما وعونا للدول العربية في بناء مشاريعها المختلفة. وأكملت الكويت عضويتها بالانضمام الى الامم المتحدة في 14 مايو 1963 والمنظمات التابعة لها لتكون بذلك عضوا فاعلا في المجتمع الدولي تسعى نحو السلام مع الدول المحبة للسلام والاستقرار. ولتعزيز دور الكويت وسياستها صدر المرسوم الاميري في 19 أغسطس عام 1961 الذي يقضي بانشاء (دائرة الخارجية) على أن تختص دون غيرها بالشؤون الخارجية للدولة وتعمل على تعزيز الروابط مع دول العالم المختلفة. واختارت الحكومة الكويتية عددا من شبابها لتدريبهم على الاعمال القنصلية تمهيدا لتبادل التمثيل القنصلي والسياسي مع الدول العربية والاجنبية. وصدر مرسوم اميري بتعيين أول رئيس لدائرة الخارجية في تاريخ الكويت وذلك في 3 أكتوبر 1961 حيث تم تعيين الشيخ صباح السالم الصباح رئيسا للخارجية وأعقبه الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح الذي اصبح وزيرا للخارجية بالتشكيل الوزاري الثاني الصادر في 28 يناير 1963. وقامت سياسية الكويت الخارجية على أساس من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والاعتراف بحق كل شعب في اختيار نظامه الاساسي وانتهجت كويت بعد الاستقلال سياسة خارجية فذة يشهد لرجاحتها وحنكتها العدو قبل الصديق. وعملا بدستور البلاد الذي تم وضعه في عام 1962 ليكون بذلك المرشد والمرجع في عمل السلطات في الكويت وفي توجهات البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية أصبحت الديمقراطية المبدأ المعتمد لكل ذلك. ولاستكمال الفصل بين السلطات الثلاث سارت الكويت بخطى ثابتة الى العمل على استقلال القضاء واصدار العملة الوطنية والبنوك وشركات الاستثمار وحرية الصحافة التي لا رقيب عليها سوى أحكام القانون. وخطت الكويت خطوات نحو التقدم شملت جميع الميادين لعل أبرزها ميدان التعليم وميدان الخدمات الصحية والاسكان والنقل والمواصلات وغيرها من الخدمات في سبيل النهضة الكويتية. وصدر في عام 1963 مرسوم بدمج العيد الوطني بعيد الجلوس الموافق 25 فبراير وهو ذكرى جلوس الشيخ عبدالله السالم عام 1950 اضافة الى ان شهر يونيو يعتبر احد فصول الصيف والطقس غير مناسب لاقامة الاحتفالات الشعبية خاصة وان كثيرا من اهل الكويت يصطافون خارج الكويت لذلك تم دمج العيدين بيوم 25 فبراير من كل عام. وفي ذكرى يوم الاستقلال فان ذاكرة الكويتيين تحفظ بكل تقدير عطاء ودور (ابو الاستقلال) الشيخ عبدالله السالم الذي استن خطا واضحا يراعي دوما مصالح الكويت ومصالح الشعب الكويتي في كل عمل او إجراء وكان أهمها إلغاء اتفاقية 1899 واعلان الاستقلال الذي تمر عليه 41 سنة. وفي ديسمبر 1965 تقلد الشيخ صباح السالم مقاليد الحكم في البلاد حيث واصل رحمه الله دوره في خدمة الكويت فافتتحت في عهده أول جامعة بالكويت وتطورت الخدمات الصحية والاسكانية والتعليمية وشكلت في عهده أربع وزارات برئاسة الشيخ جابر الاحمد الذي كان وليا للعهد ورئيسا لمجلس الوزراء. وفي 31 ديسمبر 1977 تقلد الشيخ جابر الاحمد مقاليد الحكم في البلاد بعد وفاة الشيخ صباح السالم وواصلت الكويت دورها التنموي والسياسي كدولة على الصعيد الداخلي والخارجي وافتتحت عدة مشاريع داخل الكويت وخارجها أعطتها بعدا حضاريا وتقدما على كل صعيد. ومن على منبر الأمم المتحدة وقف العالم أجمع ينظر الى هذا القائد الذي جاء يخاطبهم عن قضية بلاده قائلا "لقد جئت اليوم حاملا رسالة شعب أحب السلام وعمل من أجله ومد يد العون لكل من استحقها وسعى للخير والصلح بين من تنازعوا وتعرض أمنه واستقراره ليد العبث ايمانا منه برسالة نبيلة أمرنا بها ديننا الاسلامي وتحثنا عليها المواثيق والعهود وتلزمنا بها الأخلاق". وأضاف "جئتكم برسالة شعب كانت أرضه بالأمس القريب منارة للتعايش السلمي والإخاء بين الأمم وكانت داره ملتقى الشعوب الآمنة التي لا تنشد سوى العيش الكريم والعمل وهاهو اليوم بين شريد هائم يحتضن الأمل في مأواه وبين سجين ومناضل يرفض بدمه وروحه أن يستسلم ويستكين للاحتلال مهما بلغ عنفوانه وبطشه". ومن أبسط الكلمات تظهر أقوى المواقف فكان الالتفاف العالمي حول هذا القائد تصفيقا وتأييدا حتى عاد وطنه محررا وعاد سموه أميرا معززا كريما. وبالمثل فان قلوب الكويتيين لن تنسى رجلا استحق بالفعل أن يطلق عليه (بطل التحرير) وهو سمو الأمير الوالد الراحل المغفور له الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح. فمنذ اللحظة الأولى التي بدأ فيها الاحتلال الآثم استشعر سمو الشيخ سعد نوايا المحتل في الإطاحة برأس الشرعية في الكويت المتمثل في سمو أمير البلاد آنذاك الشيخ جابر الأحمد فاتجه الى قصر دسمان مصرا على رفيق دربه بالخروج الى السعودية. ولولا هذا الموقف الحكيم والشجاع من سمو الأمير الوالد لذهبت الشرعية التي توحد الشعب الكويتي تحت رايتها سواء من كان منهم في الداخل أو الخارج والتي كان لها الأثر الكبير في إصرار المجتمع الدولي على الانسحاب العراقي وتحرير الكويت. وبعد أن اطمأن سمو الشيخ سعد الى سمو أمير البلاد شرع في الاهتمام بتنظيم أوضاع الحكومة الكويتية في المنفى وتحديد أولوياتها وعلى رأسها تأمين الحياة الكريمة للكويتيين في الخارج ورفع الروح المعنوية وتأمين حياة المواطنين في الداخل ودعم المقاومة الكويتية الى جانب التحرك الدبلوماسي المستمر باتجاه الدول الشقيقة والصديقة لدعم مواقفهم تجاه الحق الكويتي. ولن ينسى الكويتيون أيضا بطلا آخر من أبطال التحرير أعلن من على بعد آلاف الأميال وقوفه مع الحق الكويتي وتعهده بعودتها دولة حرة مستقلة وهو الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش . فمنذ الساعات الأولى للاجتياح العراقي لدولة الكويت طالبت الولايات المتحدة بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن حيث تم اصدار القرار 660 الذي طالب بانسحاب العراق من الكويت. وفي الوقت نفسه بدأ الرئيس بوش بالاستعداد العسكري للتوجه الى الجزيرة العربية فيما عرف أولا بعملية درع الصحراء وبدأت قواته بالتدفق الى السعودية في 7 أغسطس 1990 ليصل عدد القوات الأمريكية الى 500 ألف جندي يشكلون ما نسبته 74 في المئة من قوات التحالف الدولية.
مشاركة :