ككل المواسم الماضية، نستطيع القول إن موسم الحج لهذا العام له ذاق خاص، فمن خلال مبادرة «طريق مكة» وتمكين من يمنّ الله عليهم بأداء هذه الفريضة العظيمة من التقديم للحج عبر المنصّة الحكومية الموحدة «نسك حج» سهلت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الإجراءات وخفضت التكلفة ورفعت جودة الخدمات المقدمة للحجاج بهدف إثراء تجربتهم الدينية. ومن خلال هذه الإجراءات الميسرة تكون وزارة الداخلية ووزارة الحج والعمرة قد تناغمتا مع المسار العام لرؤية المملكة 2030 لإبراز الوجه الحضاري لهذا البلد الذي تهوي إليه قلوب الملايين من جميع أرجاء العالم. وما كانت هذه الجهود لتنجح لولا هذا الحماس من شابات وشبان المملكة والمبادرات التطوعية الإبداعية، مثل: «حللتم أهلاً»، للترحيب بالحجاج في المنافذ البرية والجوية، و»كن عونًا» ليعود الحجاج إلى بلدانهم وقد حملوا عن المملكة ذكرى جميلة لا تنسى. ما يفرح القلب ويبهج العين هو أن ترى آلاف المتطوعين السعوديين المؤهلين من مختلف التخصصات ينتشرون في المشاعر المقدسة يمدون يد العون والمساعدة والإرشاد إيمانًا منهم بدور المسؤولية الاجتماعية وتعبيرًا عن حسهم الإنساني والوطني. ومن المنارات المضيئة لهذا الموسم هو الأمر الذي أصدره الملك سلمان بن عبدالعزيز باستضافة ألف حاج، من ذوي الشهداء والأسرى، والجرحى الفلسطينيين، لأداء فريضة الحج. وفي الحقيقة أن هذا الأمر الملكي يستحق التوقف عنده كثيرًا لما له من دلالات كثيرة في وقت يعاني منه الشعب الفلسطيني من حرب تطهير عرقي من الحكومة اليهودية العنصرية لطمس حقوقه واقتلاعه من أرضه التاريخية. ومن خلال هذا الموقف، فإن الملك سلمان لا يمنّ على الشعب الفلسطيني وإنما يؤكد على الثوابت التي عودنا عليها حكام المملكة منذ عهد الملك المؤسس -رحمه الله- في الدفاع عن فلسطين وشعبها، أن يكون ضيوف خادم الحرمين الشريفين من «ذوي الشهداء والأسرى والجرحى» هو رسالة دعم وتكريم لهذا الشعب ولهذه الأسر التي تضغط فيه حكومات اليهودية الصهيونية على السلطة الفلسطينية لوقف مخصصات الدعم لها ولأبنائها. وهو رسالة إلى الحكومة اليهودية بأن المملكة لن تتخلى عن هذا الشعب العربي ولن تمنح هذه الحكومة اعترافًا بالمجان. إن القضية الفلسطينية ما يزال لها صدى عميقًا في المملكة وبخاصة عند الملك سلمان. هذا هو أب الأمة وقائدها ووالد ولي العهد الوفي والمحافظ على الأمانة، هذا هو من يصدق عليه قول المتنبي: عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ هذا هو جابر الخواطر والقلوب في عصر انعدمت فيه العزائم والمكارم أو تكاد.
مشاركة :