أُسدل الستار على الدورة الـ25 من ملتقى المبدعات العربيات بمدينة سوسة التونسية، الذي شهِد حضور عددٍ من الكاتبات والباحثات والفنانات العربيات من تونس ومصر وسوريا والعراق والمغرب ولبنان واليمن وليبيا وفلسطين. الجلسات العلمية كان موضوعها الأساسي «أسئلة الجندر في إبداع المرأة العربية»، وتراوحت المشاركات بين مداخلات أكاديمية وشهادات إبداعية ومعارض تشكيلية، مع استضافة الفنانة المصرية إلهام شاهين والفنانة التونسية ريم الرياحي والمخرجة التونسية سلمى بكّار اللاّتي قدّمن شهادات انطلاقاً من أعمالهنّ وتجاربهنّ السينمائية والتلفزيونية والمسرحية. وتناولت المُشاركات موضوع النوع «الجندر» من جوانب مختلفة وحاولنَ الإجابة عن عدد من الأسئلة من ذلك المضامين الإبداعيّة التي تناولت من خلالها المبدعة العربيّة أسئلة الجندر، والمجالات التي تطرح اليوم أسئلة التمييز الجندريّ، وكيف تعاطت المبدعة العربيّة مع هذه المجالات دون الإزراء بالمقوّمات الفنيّة والجماليّة للعمل الإبداعيّ؟ وهل استطاعت المبدعة العربيّة أن تتجاوز في طرحها الفكريّ لمسائل الجندر الطبيعةَ الدفاعيّة المميّزة لمرحلة البدايات؟ أم أنّ القضايا المطروحة على أجندة الإبداع النسويّ ما تزال دائرةً في الحلقة نفسها من مرحلة الريادة إلى اليوم؟ وهل استطاعت النصوص الأدبيّة والمسرحيّة التي تكتبها المرأة أن تحرّر نفسها من هيمنة اللغة المدجّنة التي تستبطن قيم الثقافة النمطيّة وتضع المرأة في الهامش من الوجود ومن الفكر والإبداع؟ وهل استطاعت الفنون البصريّة التي تنتجها النساء أن تقاوم أيضاً القوالب النمطيّة السائدة؟ وهل يحتكر ما يسمّى بالخطاب النسويّ في الأدب والفنون طرحَ القضايا الجندريّة أم أنّنا نجد لقضايا الجندر أشكالاً من الحضور لا تخلو من مفاجآت ولاسيّما في الإبداع الذي تنتجه المرأة ذاتها؟ يشار إلى أن الثقافة العربيّة لم تستقدم إلى دوائر المألوف مصطلح «الجندر» إلّا منذ فترة قريبة، بيد أنّ الأسئلة المتّصلة بمقاومة التمييز على أساس النوع الاجتماعيّ، والخطابات المناهضة للنظم النمطية وتصوّراتها للأدوار الاجتماعيّة، قد انتشرت في السياق العربيّ منذ بواكير القرن العشرين باعتبارها جزءاً من قضيّة المرأة ومكوّناً أساسيّاً من المشروع الحداثيّ. وأكدت الورقة العلمية للندوة أنه «رغم ما حقّقته التيّارات النسويّة العربيّة في مجال تمكين المرأة.. فما زال يطغى شعور عامّ بضعف الآثار الفكريّة للتصوّرات النسويّة في المعيش اليوميّ الواقعيّ للمرأة العربيّة الذي لم يتخلّص تماماً من رداء التخلّف والهشاشة، وما زال يسود شعور في الأوساط المثقّفة بانحصار المفاهيم الجندريّة وآليّاتها التفكيكيّة وتطبيقاتها العمليّة داخل أسوار الجامعات وفي حقول البحث الأكاديميّة أو في تحرّكات نضاليّة ميدانيّة توشك من فرط تكرّرها بالصيغ نفسها أن تصبح فلكلوريّة». وذهبت إلى أنّ المطّلع على المنتج الإبداعيّ للمرأة العربيّة في مجالات الرواية والقصّة والشعر وكذلك في الرسم والمسرح والغناء والسينما والإعلام، وحتّى في مجالات البحث العلميّ، يلاحظ تنوّعاً هائلاً في الصيغ التي تطرح بها اليوم الأسئلة الجندريّة في الأدب والفنون والإعلام والعلوم الإنسانيّة، ويعاين استراتيجيّات مختلفة في خلخلة بعض صيغ التعامل الاجتماعيّ وجهداً حقيقيّاً في خلق معانٍ جديدة وسط بيئة ثقافيّة لا تخلو من الأفكار المسبقة.
مشاركة :