بجانب الانهيار الاقتصادي الذي يضرب أفغانستان حالياً، بالتوازي مع تردي الأوضاع المعيشية، بفعل الارتفاع الهائل في معدل الفقر، وتصاعد خطر سوء التغذية، حذر خبراء غربيون في مجال الصحة العامة، من تزايد المخاطر التي تُحدق بحياة الأفغان، جراء انتشار الأمراض غير المعدية في البلاد. فهذه الأمراض، التي لا تحظى باهتمام كافٍ على ما يبدو من جانب السلطات الصحية الأفغانية أو الجهات المانحة الدولية، لا تقل في خطورتها عن نظيرتها المعدية، التي تتفشى بمعدلات متسارعة في هذا البلد المنكوب بالأزمات والاضطرابات، وعلى رأسها الحصبة وحمى الضنك والإسهال والسعال الديكي، بالإضافة إلى وباء «كورونا»، الذي عصف بأفغانستان، كما بقية دول العالم، خلال السنوات الثلاث الماضية. وتفيد تقديرات مستقلة، بأن الأمراض غير المعدية، التي تشمل غالبية أمراض القلب والأوعية الدموية، فضلاً عن السكتات الدماغية والسكري والكُلى ومعظم أنواع السرطانات وغيرها، تتسبب في حدوث قرابة 50 % من الوفيات بين الأفغان، وسط توقعات بأن تزداد هذه النسبة على نحو كبير، بحلول عام 2030، إذا لم يتم التعامل معها بشكل أكثر فاعلية. وتشير التقديرات ذاتها، إلى أنه يُخشى من أن تصبح الإصابة بذلك النوع من الأمراض، التي يصعب حصول الأفغان على الأدوية المُعالِجة لها نظراً للارتفاع الحاد في أثمانها، من بين الأسباب الأساسية لوفاة 60% من النساء الأفغانيات، بنهاية العقد الحالي، ما يزيد المخاطر التي تواجه هذه الفئة المجتمعية المُهددة من الأصل، بالكثير من التحديات، جراء الأزمة الاقتصادية والمعيشية في البلاد. وحذر الخبراء الغربيون من أن تفشي الأمراض غير المعدية في أفغانستان، بما يهدد حياة الملايين هناك، يبدو بمثابة «تسونامي صامت» يجتاح هذا البلد وسكانه، بالنظر إلى أن التعامل مع هذا الملف، لا يشكل حتى الآن أولوية، بالنسبة للسلطات المحلية أو المانحين الأجانب، في جهودهم لمواجهة الأزمة الإنسانية الحالية. فتقديم خدمات العلاج والرعاية المُخصصة للمصابين بالأمراض غير المعدية من الأفغان، يقتصر في الغالب على المرافق الصحية المملوكة للقطاع الخاص، وهو ما يجعل تلك الخدمات غير متاحة للكثير من السكان، الذين يعانون من الفقر المدقع، على وقع تدهور الأوضاع في بلادهم، بعد أكثر من أربعة عقود من الصراعات والاضطرابات السياسية والأمنية. بالإضافة إلى ذلك، كشفت دراسة أُجريت لتقييم مستوى توافر الخدمات الصحية الأساسية في أفغانستان خلال العام الماضي، عن أن توفير العلاج للأمراض غير المعدية، كان على رأس البنود الصحية التي عانت من الإهمال بوجه عام، في فترة تفشي وباء كورونا، اعتباراً من ربيع 2020. وفي تصريحات نشرتها دورية «ذا لانسيت» الأسبوعية المعنية بالشؤون الطبية، دعا الخبراء الغربيون، إلى أن تُولي الجهات المعنية بتقديم خدمات الرعاية الصحية في أفغانستان، سواء كانت محلية أو دولية، اهتماماً أكبر لذلك الملف الشائك، مشددين على أن كبح جماح هذا «التسونامي الصامت» يتطلب تخصيص ميزانيات محددة من جانب المنظمات الإغاثية، للتعامل معه، في غمار الأزمات الإنسانية.
مشاركة :