بفن الفسيفساء.. لوحات إبداعية بأياد فلسطينية في غزة

  • 6/19/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

غزة / نور أبو عيشة / الأناضول - المشروع يعيد إحياء فن الفسيفساء القديم والجميل ويدمج بين هذا الفن والديكور والتصاميم الداخلية والخارجية - العاملون في المشروع يعانون من عدم توفر المواد الخام والمستلزمات اللازمة لإنتاج هذه اللوحات في قاعة تطل على شاطئ بحر مدينة غزة، يلصق مجموعة من الفنانين التشكيليين والمهندسين المعماريين حجارة الفسيفساء الزجاجية الملونة دقيقة الحجم إلى جانب بعضها البعض، لتشكيل لوحات فنية بتصاميم عصرية. بملقط حديدي حاد رفيع الأطراف، يلتقط مهندس الديكور ضياء ماضي قطع الفسيفساء ويغمسها لاحقا في لاصق أبيض اللون، لتثبيتها على اللوحة الخشبية لتشكيل صورة فنية بتصميم هندسي أقرب للحركة الدائرية للدوامات. هذه اللوحة يتم تصميمها باستخدام حجارة الفسيفساء زرقاء اللون بتدرجاته المختلفة إلى جانب تداخل ألوان أخرى كالأبيض والأصفر. عملية تشريح هذه اللوحات إلى جانب العثور على تدرجات الألوان من حجارة الفسيفساء يصفها ماضي في حديثه للأناضول، بـ"الشاقة والممتعة في ذات الوقت". وهذه اللوحة ستنضم إلى مجموعة واسعة من لوحات الفسيفساء التي ستعرض لاحقا في معرض يتم تنظيمه بمدينة غزة خلال 10 أيام. وبدأ الشبان بتشكيل لوحاتهم قبل أكثر من عام ضمن مشروع "أوفا" الذي أطلقته المهندسة المعمارية ريا موسى بعد حصولها على تمويل من مؤسسة "التعاون" الفلسطينية. إعادة إحياء ويقول الفنان ماضي، وهو شاب عشريني، إنه خضع لتدريب عملي ونظري لفن الفسيفساء لمدة تتراوح بين 3-4 شهور العام الماضي، ونتج عن ذلك افتتاح معرض للوحات الفسيفساء التي تم العمل عليها. وأردف أن اللوحات التي يعمل عليها الفريق "لا تركز على قضية معنية كالقضايا الوطنية أو المجتمعية، لكنها تتناول فنون معاصرة تسمح بدمج لوحات الفسيفساء مع الديكورات المنزلية أو المكتبية". ويوضح أن هذه الأعمال من شأنها أن تساهم في "إعادة إحياء فن الفسيفساء القديم الذي لا يوجد له اهتمام في غزة". ومن المقرر أن يعكف الفريق خلال الفترة القادمة على تصميم لوحات فسيفسائية تُجسد عددا من القضايا المعاصرة، بحسب ماضي. وتحمل اللوحات التي أنتجها الفريق باستخدام حجارة الفسيفساء الزجاجية مختلفة الأشكال، وفق ماضي، أفكارا متنوعة فمنها "لوحة فنية لقطة ولأشخاص بلا ملامح ومنها للزهور والشمس". ورغم أن ماضي يشعر بالمتعة خلال تركيزه في رسم اللوحات بحجارة الفسيفساء، إلا أن إنجاز اللوحة الواحدة يتطلب وقتا طويلا. ويتطلب إنجاز اللوحة الواحدة الصغيرة (بحجم ورق A4 - A3) وقتا يمتد من أسبوعين لثلاثة أسابيع، بواقع 4-5 ساعات عمل في اليوم الواحد، على حدّ قوله. وأشار إلى أن هذا المشروع في بداياته تحديدا، واجه الكثير من الصعوبات بسبب عدم توفر المواد المستخدمة في قطاع غزة. وذكر أن الفريق كان يعاني من "نقص في حجارة الفسيفساء الزجاجية في منتصف العمل الفني"، ما يضطرهم لتأجيل اللوحة التي كانوا يعملون عليها إلى حين دخول حجارة جديدة، والبدء بلوحة أُخرى. ويستكمل قائلا: "أحيانا كنا نواجه مشكلة عدم توفر تدرجات الألوان التي تتطلبها اللوحة الواحدة، فنضطر لتغيير الألوان وتقليل التدرجات الموجودة". ويشير إلى أن الحصار الإسرائيلي أعاق دخول المواد الخام اللازمة لصناعات لوحات الفسيفساء إلى غزة. جهد وصبر بعد تثبيت قطعة من الشبك على لوحة خشبية، تبدأ الفنانة سارة عودة (22 عاما) بتثبيت قطع الفسيفساء بشكل فني على اللوحة التي تطغى عليها الألوان الحارة كتدرجات البرتقالي والأحمر. وتمسك عودة (طالبة جامعية متخصصة بمجال البصريات) بحجر ملون مربع الشكل، وتقصّه إلى أجزاء يصل حجم بعضها لبضعة مليمترات، لتضيفه إلى لوحتها التي تصنعها بالشراكة مع صديقتها. وتقول للأناضول إنها انضمت إلى هذا الفريق "رغم عدم اهتمامها الكبير بالفن، لكنها أحبت الفكرة وقررت البدء بها كهواية". ودفع جمال اللوحات التي يتم إنتاجها من حجارة الفسيفساء ودقة هذا الفن، الفلسطينية عودة للاندماج في هذا العمل، حيث تصف هذه التجربة بـ"العظيمة والممتعة". بداية المشروع من جانبها، قالت المسؤولة الإدارية عن المشروع لينا موسى، إن "المشروع بدأ عام 2021 على يد مؤسسته المهندسة المعمارية ريا موسى، التي رغبت بإعادة إحياء هذا الفن والدمج بينه وبين الهندسة والمعمارية والديكور". وتابعت في حديثها، إن ريا استلهمت فكرة المشروع خلال زيارتها لإحدى الكنائس الأثرية في غزة، التي احتوت على أرضيات فسيفسائية، وذلك كان ضمن برنامج تدريبي انخرطت به آنذاك للتعرف على الفسيفساء بشكل عام. ومنذ تلك اللحظة، أحبت ريا هذه الفكرة وحاولت بشكل ذاتي البحث والتعمّق في تعلّم هذا الفن وانضمت لبرنامج تدريبي على يد مختصين من مصر، وفق موسى. وأنهت ريا في ذلك العام من إنتاج عدد من اللوحات الفسيفسائية كان منها لوحة تراثية لسيدة فلسطينية عجوز ترتدي الثوب التقليدي، لتحصل عام 2022 على جائزة "التعاون" للشباب الريادي التي ساهمت في تحويل مشروعها من ذاتي إلى جماعي (العمل ضمن مجموعات). وأخضعت ريا أعضاء فريقها المكوّن من 15-20 فردا، والذين فضّلت أن تكون تخصصاتهم الدراسية متنوعة بين هندسة الديكور والمعمارية، لدورة تدريبية عملية ونظرية حول فن الفسيفساء، وفق موسى. وبيّنت أن اسم المشروع "أوفا"، يعد اختصارا لعبارة "On For All, All For One"، وهي "الجميع للواحد والواحد للجميع". وذكرت أن الفريق أنجز لوحات بعضها جسّد "التراث، وبعضها كانت لوحات فنية تدخل في تصاميم الديكور الخارجي والداخلي". وأشارت إلى أن ارتفاع تكلفة وإنتاج هذه اللوحات أثرت على سعرها، حيث تعرض للبيع بثمن مرتفع مقارنة مع غيرها من اللوحات الفنية. وعبّرت عن آمال الفريق في توسعة هذا المشروع في المستقبل القريب والتركيز على قضايا معينة لتجسيدها.​​​​​​​ الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.

مشاركة :