الحرة تسبب الخلاف حول المياه في اندلاع أعمال عنف على الحدود الإيرانية الأفغانية خلال الأسابيع الأخيرة، حسبما ذكرت شبكة "سي أن بي سي" الإخبارية. واشتبك حرس الحدود الإيراني والأفغاني في 27 مايو، بإطلاق نار كثيف أسفر عن مقتل حارسين إيرانيين وجندي من طالبان وإصابة عدد آخر. ويتبادل الطرفان الاتهامات بشأن إثارة القتال، الأمر الذي دفع بقضايا المياه في المنطقة مرة أخرى إلى دائرة الضوء. وتقول طهران إن حكومة طالبان الأفغانية تتعمد حرمان إيران من إمدادات المياه الكافية من أجل تعزيز مواردها المائية. لكن طالبان تقول إنه لم يعد هناك ما يكفي من المياه بسبب انخفاض معدل هطول الأمطار مما انعكس على مستوى المياه في النهر. جفاف شبه كامل في الشهر الماضي، حذرت إيران من أنها "تحتفظ بحقها في اتخاذ التدابير اللازمة" في ظل تصاعد حدة نزاعها مع أفغانستان بشأن السد على نهر هلمند. وينبع نهر هلمند من وسط أفغانستان في المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، ويجري لمسافة أكثر من ألف كيلومتر حتى بلوغ بحيرة هامون عند الحدود بين البلدين. وبعد سنوات من التوتر تعود لخمسينيات القرن، أبرمت إيران وأفغانستان اتفاقا في العام 1973 حول تقاسم مياه النهر التي شكلت مصدر توتر لعقود، يتاح بموجبه للجمهورية الإسلامية باستخدام 850 مليون متر مكعب سنويا، بحسب فرانس برس. وتؤكد طهران أن كابل لا تحترم هذه الحصة. وسبق أن قال الناطق باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، في تغريدة إن كابل "متمسكة بالإيفاء بالتزاماتها"، لكنه أشار إلى أن منسوب المياه تراجع نتيجة "الجفاف الشديد". وأضاف أن "التصريحات غير المناسبة" الصادرة عن الجانب الإيراني في هذا الصدد يمكن أن تضر بالعلاقات بين البلدين وبالتالي ينبغي "عدم تكرارها". وأدت مشاريع تحويل المياه وعوامل الجفاف الحاد في جنوب إيران، إلى جفاف شبه كامل في بحيرة هامون التي كانت مساحتها تناهز أربعة آلاف متر مربع وتعتمد بشكل أساسي على نهر هلمند وذوبان الثلوج في الجبال المجاورة. خطر الاحتجاجات ويهدد الوضع بزعزعة استقرار جزء فقير بالفعل ومحروم من المياه في إيران، حيث اندلعت احتجاجات خطيرة ضد الحكومة خلال السنوات الأخيرة. في حديثه لـ "سي أن بي سي"، قال محلل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة الاستشارات الاستراتيجية " فيريسك مابليكروفت"، توربيورن سولتفيدت، "إن النزاع على المياه مع أفغانستان ليس شيئا يمكن لإيران أن تستخف به". وأضاف أن "الموارد المائية في إيران تتعرض لضغوط شديدة وكان الإجهاد المائي سببا لاضطراب مدني واسع النطاق في السنوات الأخيرة". في صيف عام 2021، بدأت الاحتجاجات في محافظة خوزستان غربي إيران بسبب نقص المياه وانقطاع التيار الكهربائي لاحقا بسبب نفاد إمدادات الطاقة الكهرومائية. وسرعان ما امتدت المظاهرات، التي أطلق عليها اسم "انتفاضة العطشان"، إلى عدة مدن في جميع أنحاء إيران بما في ذلك العاصمة طهران، مما جعل السلطات ترد بحملة قمع حكومية شديدة انتهت بإصابات بين الشرطة والمدنيين على حد سواء. وفي مواجهة العقوبات الأميركي والاقتصاد الضعيف بشدة واستمرار حركة الاحتجاج المناهضة للحكومة، تخضع إيران بالفعل لضغوط كبيرة. وقال سولتفيدت: "مع استمرار مكافحة السلطات من أجل كبح جماح الاحتجاجات على مستوى البلاد، فإن أزمة الأمن المائي في شرق إيران تأتي في وقت سيئ للغاية". ومنذ منتصف سبتمبر، اندلعت احتجاجات شعبية في إيران بعد وفاة الشابة، مهسا أميني، 22 عاما، التي اعتقلت بحجة انتهاك قواعد اللباس الإيراني للمرأة. وهذه الحركات الاحتجاجية التي هزت السلطات الدينية في البلاد، تراجعت خلال الأشهر الأخيرة، لكنها ما زالت مستمرة بشكل متقطع. حدود "ضعيفة" وتمتد الحدود بين البلدين إلى ما يزيد عن 900 كيلومتر، وهي مليئة بالثغرات ونقطة عبور للجرائم. وعانت أفغانستان من عدم الاستقرار والحروب لعقود من الزمن، وحكومة طالبان الحاكمة تستمد جزءا كبيرا من إيراداتها من التجارة غير المشروعة، بحسب الشبكة الأميركية. وقال الزميل البارز بالمجلس الأطلسي، كمال علم، "لطالما كانت الحدود الإيرانية الأفغانية هي الأكثر ضعفا". وأضاف أن الحدود بين البلدين تشهد "عددا من القضايا بما في ذلك تهريب المخدرات والاتجار بالبشر والإرهاب"، لكنها في الوقت نفسه مصدر مهم للغاية للمياه. وتابع: "منذ معاهدة المياه لعام 1973 بين البلدين، اقتربا من الحرب عدة مرات بسبب استخدام مختلف الحكومات الأفغانية لضعف إيران المائي كأداة ضغط في القضايا الثنائية".
مشاركة :