الخرطوم - اتهمت قوات الدعم السريع اليوم الاثنين الجيش السوداني بخرق هدنة الثلاثة أيام التي انطلقت الأحد، مؤكدة أنه شنّ هجوما استهدف مجموعة من عناصرها أثناء تحركهم مرفوقين ببعثة الصليب الأحمر لإجلاء عشرات الجرحى. وهي ليست المرة الأولى التي تنهار فيها هدنة مؤقتة بين طرفي النزاع، بينما تتصاعد التحذيرات من التداعيات الكارثية للحرب. وقالت في بيان نشرته على صفحتها بموقع فيسبوك إن "مليشيا البرهان الانقلابية نفذت صباح اليوم هجوما غادرا على قواتنا أثناء تحركها برفقة بعثة الصليب الأحمر الدولي لإجلاء 35 جريحا من قوات الانقلابيين متواجدين بالمستشفى العسكري بحري"، مؤكدة أن "الهجوم أسفر عن إصابة أحد الضباط المشرفين على عملية الإخلاء وتعريض حياة أفراد البعثة للخطر". وتابعت "بحسب اتفاق مسبق بين وفد قوات الدعم السريع وفلول الانقلابيين في منبر جدة وبعثة الصليب الأحمر الدولي بإجلاء جرحى قوات الانقلابيين، تحرك وفد من قواتنا برفقة المنظمة وعند آخر نقطة في مناطق سيطرة قواتنا التي كان مقررا أن يتوجه بعدها وفد الصليب الأحمر لبدء عملية الإخلاء حسب الاتفاق، أطلق الانقلابيون النار بكثافة على الوفدين في مشهد مخالف لقانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني إلى جانب كونه يشكل انتهاكا صارخا لوقف إطلاق النار والهدنة الإنسانية المعلنة". وأدانت ما أسمته "التصرف الغادر". وختمت بالقول "نضع المجتمع الدولي والاقليمي أمام مسؤولياته حيال هذا الهجوم البربري الذي يعضد ما ظللنا نشير إليه بوجود عدد من مراكز اتخاذ القرار داخل قيادة الانقلابيين وإلا كيف يتم تفسير هذا الفعل رغم الاتفاق والترتيب المسبق لعملية الإخلاء والتنسيق حول كافة الاجراءات اللازمة وتحديد موعد التنفيذ بعلم جميع الأطراف بما في ذلك الوساطة السعودية الأميركية" وفي سياق متصل رفضت الخرطوم الدعوة التي وجهتها كينيا لعقد اجتماع اليوم الاثنين يضم وزراء خارجية دول لجنة المنظمة الحكومية للتنمية بشرق إفريقيا "إيغاد" المعنية بإنهاء القتال ومعالجة أزمة السودان. وذكرت الخارجية السودانية في بيان أن "وزير خارجية كينيا الفريد موتوا وجه الدعوة لوزراء خارجية الآلية الرباعية لعقد اجتماع بعد ظهر اليوم الاثنين 19 يونيو/حزيران 2023". وأوضح البيان أن "وزارة الخارجية تفيد بعدم ترحيب واعتراض حكومة السودان على عقد هذا الاجتماع وأن السودان غير معني بمخرجاته لأنه لا يزال في انتظار رد من رئاسة إيغاد حول اعتراض حكومة السودان علي رئاسة كينيا للآلية". وفي 12 يونيو/حزيران الجاري، أعلنت "إيغاد" خلال انعقاد قمتها الـ 14 بجيبوتي عن تشكيل لجنة رباعية برئاسة كينيا ودولة جنوب السودان وعضوية إثيوبيا والصومال لإنهاء القتال ومعالجة الأزمة المندلعة في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، غير أن الخرطوم اعترضت على وجود كينيا في رئاسة هذه اللجنة. وأفاد بيان الخارجية السودانية بأن "التسرع الذي تبديه الحكومة الكينية في معالجة هذا الملف والتصريحات التي تصدر من مسؤوليها والتي تشير إلى استرشادها بالمبادرات الدولية لا يخدم مبدأ الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية". وأضاف "تؤكد حكومة السودان رفضها القاطع لاختزال الحكومة الكينية في دعوتها لاجتماع الرباعية توصيف الصراع في السودان بأنه قتال بين جنرالين وفي ذلك تسمية مخلة بين مؤسسة القوات المسلحة الوطنية والمجموعة المتمردة عليها". وأشار البيان إلى أن "تعاطي الحكومة الكينية مع ملف الوساطة بهذه الطريقة يتنافى مع المبادئ الاساسية لإيغاد والمتمثلة في احترام سيادة الدول". وفي سياق متصل حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم الاثنين من أنّ السودان يغرق في الموت والدمار بسرعة غير مسبوقة. وقال غوتيريش أمام المشاركين في مؤتمر تستضيفه جنيف لتنسيق إيصال المساعدات إلى السودان إنّ "حجم وسرعة غرق السودان في الموت والدمار غير مسبوق. من دون دعم إضافي قوي يمكن أن يصبح البلد بسرعة مكاناً لانعدام القانون ولنشر عدم الأمان في أنحاء المنطقة". ويشهد السودان منذ 15 نيسان/أبريل معارك بين الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو "حميدتي" على إثر خلاف بينهما في النزاع على السلطة. ووجّهت الأمم المتحدة نداءين لمعالجة الأزمة عبر الاستجابة الإنسانية داخل السودان والاستجابة لاحتياجات اللاجئين في الدول المجاورة، معلنة عن حاجتها إلى 3 مليارات دولار هذا العام لم تحصل سوى على أقل من 17 في المئة منها. وتدفّقت الأموال استجابة لنداءات الأمم المتّحدة الخاصة بأوكرانيا في غضون أسابيع بعد الغزو الروسي في فبراير/شباط 2022، لكنّ الاستجابة الدولية كانت بطيئة في ما خصّ الأزمة في السودان التي مضى عليها الآن أكثر من شهرين. ومؤتمر جنيف الذي يعقد عبر الفضاء الافتراضي إلى حدّ كبير هو محاولة لحثّ المجتمع الدولي على تلبية نداءات السودان. وقال غوتيريش إنّ "الوضع في دارفور والخرطوم كارثي. القتال محتدم والناس يتعرضون لهجمات في منازلهم وفي الشوارع... خلال أكثر من شهرين بقليل، أُرغم مليونا شخص على ترك ديارهم بحثًا عن ملاذ في مناطق أكثر أمانًا في السودان أو خارج الحدود، وعبَر ما يقرب من نصف مليون شخص الحدود إلى البلدان المجاورة". وأضاف "قبل اندلاع هذا النزاع، كان السودان يعاني بالفعل من أزمة إنسانية. وتصاعد هذا الأمر الآن إلى كارثة أثّرت على أكثر من نصف سكان البلاد. ومن الضروري منع الوضع من التدهور أكثر من ذلك". وتمّ الإعلان عن عدد من الهدنات لكنها لم تصمد ولم توقف الحرب التي أودت بحياة أكثر من 2000 شخص وشردت مليونين آخرين من ديارهم، بينهم ما لا يقلّ عن 528 ألفًا لجأوا إلى بلدان الجوار. وقال غوتيريش إنّ السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة هو العودة إلى السلام وعودة الحكم المدني عبر الانتقال إلى الديموقراطية. وقالت سامانثا باور مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إن الولايات المتحدة تتعهد بتقديم مساعدات إضافية قدرها 171 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الإنسانية في السودان. وتنظّم مؤتمر جنيف وكالتا الأمم المتحدة للإغاثة واللاجئين، إلى جانب مصر وألمانيا وقطر والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي.
مشاركة :