لم تعتمد نتائج زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى الصين مبدأ «كل شيء أو لا شيء»، بل نقطة ما بينهما، عبر عنها الرئيس الصيني شي جين بينغ بتعبير «أرضيات تفاهم»، كما عبر عنها بلينكن بالقول إن «التواصل المستمر على المستويات العليا أفضل طريقة لإدارة الخلافات». ولكن النتائج الحقيقية تعتمد على ما الذي يريده الطرفان من هذه المباحثات؟ والأصح ما الذي يريده الجانب الأمريكي، لأنه هو الذي أرسل بلينكن إلى بكين، في أول زيارة لمسؤول أمريكي للعاصمة الصينية منذ خمس سنوات، وهو الذي قام بما يشبه الاستدارة وتلطيف المواقف، ومن ذلك استباق الرئيس الأمريكي جو بايدن زيارة وزير خارجيته لبكين بتبرئة القيادة الصينية من «النوايا التجسسية» في واقعة المنطاد الذي أسقطه سلاح الجو الأمريكي بعدما قطع الأجواء كلها فوق الولايات المتحدة، يناير الماضي. أرضيّات تفاهم وبالعودة لأجواء المحادثات، أكّد الرئيس الصيني إثر لقائه بلينكن أمس، أنّ البلدين أحرزا تقدّماً على صعيد تحسين علاقاتهما الثنائية وتوصّلا إلى أرضيّات تفاهم، ولكن من دون أن يحلا أيّاً من الخلافات الجذرية بينهما. جين بينغ عدّ في لقاء نصف الساعة أن إحراز الطرفين تقدّماً وتوصلهما إلى أرضيّات تفاهم على نقاط محدّدة، أمر جيّد. أما بلينكن فقال في كلّ اجتماع، شدّدتُ على أنّ المشاركة المباشرة والتواصل المستمر على المستويات العليا هما أفضل طريقة لإدارة الخلافات بمسؤولية وضمان عدم تحول المنافسة إلى صراع. وأضاف سمعت نفس الشيء من نظرائي الصينيين. كلانا متّفق على الحاجة إلى استقرار علاقاتنا. ولكي لا تنبت أوهام في شأن النتائج قال بلينكن هناك الكثير من القضايا التي نختلف في شأنها بشدة، وأصر على أن بايدن لا يسعى إلى تقويض اقتصاد الصين عبر حظر واشنطن الشامل صادرات أشباه الموصلات، إذ وضع هذا الإجراء في خانة ليس من مصلحتنا تزويد الصين تكنولوجيا قد يتم استخدامها ضدنا. أسلحة لروسيا أما في الموضوع الأوكراني فقال بلينكن إن الصين جدّدت تعهّدها عدم تزويد روسيا أسلحة فتّاكة. وتابع لم نرَ أيّ دليل يتعارض مع ذلك. ما لدينا مخاوف مستمرة في شأنه هو الشركات الصينية التي قد تقوم بتوفير التكنولوجيا التي يمكن لروسيا استخدامها في أوكرانيا. ورغم الحديث عن طلب بلينكن من الصين الضغط على حليفتها كوريا الشمالية في شأن تجاربها الصاروخية المتكررة وموضوعات أخرى، يرى مراقبون أن كلمة السر للزيارة والاستدارة الأمريكية نحو بكين التي استمرت يومين وشهدت محادثات زادت مدّتها مجتمعة على عشر ساعات، تتمثل في محاولة واشنطن إبعاد بكين عن موسكو ، مع وصول التوتر بين روسيا والغرب إلى مستويات غير مسبوقة، وتزايد احتمالات التصعيد إلى مستويات أخطر. الخط الصيني في دار ضيافة في حدائق دياويوتاي القديمة، خيّر كبير مسؤولي الشؤون الخارجية الصيني وانغ يي ممثل الدبلوماسية الأمريكية بين التعاون والخلاف. ورغم الابتسامات أمام الكاميرات رسم الدبلوماسي الصيني خطاً أمام ضيفه الأمريكي مفاده: يجب على الولايات المتحدة أن تحترم فعلاً مبدأ الصين واحدة واحترام سيادة الصين وسلامة أراضيها. وإذا كانت الصين أكدت أنها لا تزود روسيا أسلحة فتاكة، وأنها لن تفعل ذلك مستقبلاً، فهل هذا فقط ما تريده واشنطن من بكين إزاء موسكو، بل أكثر من ذلك؟ تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :