لم أنسَه ولم ينسَني

  • 6/20/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أداء المسرحية تنطلق منه عناصرها (مؤلف، ممثل، مخرج، فني و.. إلخ)، فالمسرح شكل من أشكال الفنون يؤدى على خشبته شاملاً كل أنواع التسلية والترفيه من السيرك إلى المسرحيات للجمهور، والمسرح شكل من أشكال الفن يترجم فيه الممثلون نصاً مكتوباً إلى عرض تمثيلي، يؤديه الممثلون بتوجيه المخرج، وعادة ما يكون الحدث المسرحي الناجح عملاً مشوقاً لكل من المشاهد والممثل والفني، سواء بمسرح محترف أو مسرح مدرسي أو أي مكان يتم فيه العرض، بالنسبة لي بكل فخر أنتسب إلى جيل الطيبين مسرحياً، لاشك أننا كبرنا في العمر ولم نعد نبحث عن أصدقاء مسرحيين جدد أو حتى على أشخاص يحبوننا ونحبهم، كبرنا لدرجة أننا نرتدي نفس الملابس لأسبوع وأسبوعين متتاليين من دون أن نشعر بالحرج، كبرنا لدرجة أننا أصبحنا نخاف من المجهول بلا مبرر، توقفنا عن مناقشة أحد حتى وإن كنا على صواب فأصبحنا نترك الأيام تثبت صحة وجهة نظرنا، كبرنا ولم نعد نتحدث مع أحد عما يحدث معنا ولا عما يؤلمنا، وصرنا نداوي جراحنا بأنفسنا، كبرنا وصرنا نفرح بصمت ونبكي بصمت ونضحك بابتسامة، لم نعد نهتم بنوع الهاتف الذي نملكه ولا نوع السيارة أو رقمها، ولم نعد نتأثر بمعسول الكلام ولم نعد نستهزئ بالغير بل صرنا نقول: (الله يعين الناس)، كبرنا وعرفنا أنا المظاهر خداعة وتعلمنا أنه ليس كل ما يلمع ذهباً، صرنا نعرف من يضحك علينا بل ونتركه يصدق نفسه بأنه استغفلنا، صرنا نعرف متى نسامح ولا ننتقم ومتى نتغابى ومتى نكون (نعديها)، تعلمنا ألا ننتظر أي شيء من أحد ولا نتأمل بأحد، بل تعلمنا كيف نكتفي بأنفسنا، تعلمنا متى نثق وبمن نثق ولا نبحث عن سبب تلك الثقة، كبرنا ونحن من جيل الستينات الميلادي، بعضنا في رأسه عشر (فلقات) التأمت من نفسها! عشنا مع أمراض وشفانا الله منها، جيل عندما تطأ قدم أحدنا مسماراً يستخرجه بيده ويفرك قدمه بالتراب للتعقيم وسرعة الالتئام، أكل بعضنا أنواع الطيور والجراد و(عكرة الضب والجرابيع)، كان بعضنا ينام واللبان في فمه ويصحو وهو لاصق في شعره، وأنا من هذا الجيل كانت والدتي تقص شعر رأسي اللاصق به اللبان أو يحلقون شعري (صلعة)، كنت أتنفس الفليت وأنا متعلق بسيارة الفليت مع أصدقاء المرحلة والمرجلة والسائق لا يعلم، كنت آكل كل أنواع نباتات البر وأشرب الماء من (الغضارة) بعد ضيوف والدي - رحمه الله -، كنت أضع على رأسي قطعة كرتون أو خيشة وأمشي في المطر والشمس، وإذا رجعت للبيت بعد لعب الكرة، ولوني أشهب وصدري كله تراب ورموشي شهباء، أنضرب من أحد الوالدين ومن أبي أكثر، جيل لم يكن عنده ماكدونالدز ولا هرفي ولا بيتزا، لم يسمع كلمة الدلع (أوكيه) ولم يشرب كوفي (لاتيه) بدعوى التمدن، يسموننا جيل الطيبين، أمدنا الله بالصحة والعافية وأطال في أعمارنا على طاعته، كبرت ونسيت أشياء كثيرة لكن المسرح لم أنسه ولم ينسني.

مشاركة :