قال شهود إن المدنيين السودانيين الفارين من مدينة الجنينة في دارفور يلقون حتفهم بأعداد متزايدة، أو يتعرضون لإطلاق النار، خلال محاولات الفرار سيرا على الأقدام إلى تشاد منذ منتصف الأسبوع الماضي. وقال شهود ونشطاء إن أعمال العنف في الجنينة على مدى الشهرين الماضيين كانت بفعل مليشيات من قبائل البدو العربية إلى جانب أفراد من قوات الدعم السريع التي تخوض صراعا على السلطة مع الجيش السوداني في العاصمة الخرطوم. وحاول عدد كبير من الأشخاص التماس الحماية بالقرب من مقر للجيش في الجنينة في 14 يونيو حزيران، لكن هذه الحماية لم تُمنح لهم، حسبما قال رجل يدعى إبراهيم، وهو أحد السكان الذين وصلوا إلى بلدة أدري التشادية على بعد نحو 27 كيلومترا من الجنينة. وقال لرويترز عبر الهاتف مستخدما اسمه الأول فقط إن ميليشيات داهمتهم فجأة وأطلقت الرصاص عليهم، مضيفا أنهم أُخذوا على غرة وأن هناك من لاقوا حتفهم دهسا بالأقدام أثناء محاولات الفرار. وتحدثت رويترز إلى ثلاثة شهود أصيبوا بطلقات نارية أثناء محاولتهم الهرب من الجنينة وتحدثت أيضا مع أكثر من عشرة شهود قالوا إنهم شاهدوا أعمال عنف على الطريق من المدينة. ولم يتضح عدد الأشخاص الذين قتلوا في الأيام القليلة الماضية أثناء المغادرة. وقالت منظمة أطباء بلا حدود أمس الاثنين إن نحو 15 ألف شخص فروا من غرب دارفور على مدى الأيام الأربعة السابقة، ونقلت عن كثيرين من الوافدين قولهم إنهم رأوا أشخاصا أُصيبوا بالرصاص ولاقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من الجنينة. كما رصدت منظمة أطباء بلا حدود حالات اغتصاب. وقال أحد السكان لمنظمة أطباء بلا حدود من تشاد إن “سكان الجنينة اتخذوا قرارا جماعيا بالرحيل” وإن معظمهم فروا سيرا على الأقدام صوب الشمال الشرقي من الجنينة، لكن كثيرين منهم قُتلوا على الطريق. وقال الرجل الذي يدعى إبراهيم إن قرار الفرار جاء بعد مقتل والي غرب دارفور في 14 يونيو حزيران، بعد ساعات من اتهامه لقوات الدعم السريع بارتكاب “إبادة جماعية” في مقابلة تلفزيونية. وأضاف إبراهيم أن “الناس بعد أن علموا بخطف الوالي وقتله قرروا مغادرة المدينة”. واكتشف إبراهيم فيما بعد أن ثمانية من أفراد عائلته لقوا حتفهم من بينهم جدته، وأن والدته تعرضت للضرب. وجاء في بيانات للأمم المتحدة أن الحرب التي اندلعت في أبريل نيسان تسببت في نزوح نحو 2.2 مليون شخص، معظمهم من العاصمة ومن دارفور التي عانت بالفعل من عقدين من الصراع والنزوح الجماعي. وتشير البيانات إلى أن أكثر من 500 ألف عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة، من بينهم أكثر من 115 ألفا فروا من دارفور إلى تشاد. وقال شهود إن الاضطرابات في دارفور تصاعدت، مع احتدام الحرب في العاصمة، واتخذت طابعا عرقيا على نحو أكثر وضوحا حيث يستهدف المهاجمون السكان غير العرب مستدلين عليهم بلون بشرتهم. قتل “منهجي” وقالت الأمم المتحدة إن فظائع دار فور أودت بحياة أكثر من 300 ألف شخص وأدت إلى نزوج 2.5 مليون. وقال زعيم قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) اليوم الثلاثاء إن قوته ستحقق في أحداث الجنينة. واتهم الجيش بإذكاء الاضطرابات من خلال تسليحه القبائل، بينما وجه الجيش الاتهام لقوات الدعم السريع بقتل والي غرب دارفور وأعمال عنف أخرى في المنطقة. وقال سلطان سعد بحر الدين زعيم قبيلة المساليت، التي تشكل العدد الأكبر من سكان الجنينة، إن عمليات قتل منهجية وقعت في الأيام الماضية. وأضاف لتلفزيون الحدث أن الجثث ملقاة على الطريق بين الجنينة ومدينة أدري التشادية بأعداد كبيرة لا قبل لأحد بإحصائها، مشيرا إلى الصعوبة البالغة لرحلة الفرار إلى تشاد. وقال عبد الناصر عبد الله، الذي وصل إلى تشاد في 15 يونيو حزيران، لرويترز إن منزله كان واحدا من منازل كثيرة في حيه تعرضت للاقتحام وإن ابن عمه قتل بينما كان يختبئ فوق السطح. وأضاف أنهم لا يبحثون فقط عن المساليت ولكن عن أي شخص أسود، مشيرا إلى أن الجثث تملأ شوارع المدينة، ومنها جثث نساء وأطفال. وقال إنه واجه العديد من المشكلات خلال رحلته سيرا على الأقدام إلى تشاد ومنها تعرضه للضرب وإطلاق النار والإهانة، مشيرا إلى أن من يفعلون ذلك ينتمون لقوات الجنجويد بعضهم يرتدون زي قوات الدعم السريع وآخرون في ملابس مدنية وأن جميعهم يضعون اللثام على وجوههم.
مشاركة :