اعتبر وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام، أن المبادرات المناطقية والطائفية تعتبر من أسوأ المشاكل تواجه الشعب اللبناني، مشيراً إلى أن الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة أدت إلى عدم وجود مشاريع جديدة، رغم محاولات الهيئات الاقتصادية اللبنانية معالجة الموضوع وإرسال رسائل إيجابية وافتتاح مكتب تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية - الخليجية دون أن يتم تفعيله. عنوان الأزمة وأكد أمين سلام، في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد»، أن تدهور سعر صرف الليرة «عنوان الأزمة» الاقتصادية التي تدخل عامها الرابع، ما أدى إلى أزمة في القطاع المصرفي والمصرف المركزي وحجز أموال المودعين، بالإضافة إلى تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وخطة الإصلاحات التي يجب أن تتخذها الحكومة وقطاع المصارف. وأضاف أن توزيع الخسائر يعتبر عقبة أمام تنفيذ الإصلاحات، مشيراً إلى أن خسائر الانهيار متراكمة منذ قبل عام 2019 تكبر يوماً بعد يوم، والأطراف المعنية بأن تتوزع عليها هذه الخسائر هي الدولة ومؤسساتها وقطاع المصارف والشعب على اختلاف فئاته الاجتماعية، وهذه الأطراف سلطات بحد ذاتها، وبالتالي من الصعب أن تقبل كل واحدة منها بأن تتحمل خسائر الانهيار دون التوافق الذي تسير عليه الأمور. الفراغ السياسي وأشار الوزير أمين سلام إلى أن لبنان يعاني الفراغ السياسي ووجود حكومة تصريف أعمال، ما يعرقل إقرار القوانين وتنفيذ الخطط، بالإضافة إلى أن شروط صندوق النقد تدور حول إعادة هيكلة الدين العام، ووضع موازنة تتضمن توسيع شبكة الأمان الاجتماعي والحوكمة، وإصلاح القطاع العام المتمثّل بالمؤسسات المملوكة للدولة، وكلها غير واردة في ظلّ وجود السلطات التشريعية والتنفيذية الموجودة حالياً، باعتبار أن من يتحكم بها هي السلطات نفسها قبل الأزمة من جهة، وباعتبار أن حلّ هذه السلطات الوحيد أن يكون هنالك رئيس للجمهورية وحكومة متجانسة. وكشف سلام عن أن عقبات القطاع المصرفي ترتبط أولاً بالإفصاح عن حجم خسائر البنوك وهو لم يحصل، ومسألة رفع السرية المصرفية التي تتعلق بالكشف عن الفاسدين، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وهو ما لم يبدِ القطاع حولها أي إيجابية، بل على العكس فإن أي قرار أو مناقشة لموضوع القطاع المصرفي سرعان ما تواجهه المصارف بالإضرابات والإغلاق، عدا ارتباط هذا القطاع ببعض الأطراف السياسية، ويشاركها مصالحها. أزمة المصارف وبالنسبة للعقبات المتعلقة بعملاء المصارف، اعتبر الوزير اللبناني، أنها تتمثل في عدم وجود ما يطمئنهم من الحكومة والمصارف حول ودائعهم ومصيرها أو الأمان الاجتماعي والاقتصادي، سواء كانوا من الأثرياء والتجار أم من الطبقات الاجتماعية الأقل قدرة اقتصادية، وبالتالي فهم الحلقة الأضعف. تعثر القرض وقال وزير الاقتصاد اللبناني، إن قيمة قرض صندوق النقد الدولي 3 مليارات دولار، ويتعثّر رغم بقاء شروط صندوق النقد كما هي، وتعاقب حكومات عدة تتفاوض على أساسها، وتقدّم التقارير والخطط نفسها مع بعض التعديلات التي تجريها على شكل حذف فقرات من هنا، وتجاهل بنود من هناك واقتصاص خطط، وهو ما لا ينطلي على منظمة دولية. مشاكل أسوأ وأضاف وزير الاقتصاد اللبناني لـ«الاتحاد»، أن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والأمنية تبدو أسوأ خاصة في موضوع البطالة، وتراجع قطاع الأعمال والتجارة وفقدان الثقة بالاستثمار وغياب المشاريع التنموية، بالإضافة إلى تنامي الحلول الفردية والمبادرات ذات الطابع المناطقي وأحياناً الطائفي في هذه القطاعات، لتركز فقط على الخدمات والمرافق البدهية، كل ذلك وسط انعدام الحديث عن قطاع إنتاجي كونه الحل الطبيعي لأي أزمة اقتصادية. الشغور والحلول وأكد الوزير أن ملء الشغور الرئاسي لا يكفي لحل الأزمة إذا لم تكن هناك خطة اقتصادية تتماشى مع حجمها، أي خطة إنتاجية من جهة وإصلاحية تستهدف الهدر والفساد، بالإضافة إلى تغيير في النظام المصرفي والنظام الاقتصادي الريعي. ولا يمكن إغفال دور رجال الأعمال والاغتراب اللبناني في تحقيق تغيير على مستوى القطاع الاقتصادي، الذي لعبوه وما يزالون في استمرار وصمود المجتمعات المحلية والأعمال والمؤسسات، رغم الانهيار الحاصل واستثمار هذا الدور في المرحلة المقبلة عبر المبادرات والشراكات والمشاريع وتحويل الأموال بالعملة الصعبة. وأضاف أن «لبنان يحتاج للعبور من الأزمة إلى أن ينفذ الاستحقاقات الانتخابية، وينجز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وإشاعة جو الاستقرار والاستثمار، يسبق ذلك الإرادة لدى الأطراف اللبنانية بالانفتاح على الأطراف الخارجية، تحديداً العربية، وإعادة بناء الثقة داخلياً وخارجياً، لا سيما أن الأجواء حالياً تختلف عن أجواء 2019 إقليمياً وعنوانها أيضاً اقتصادي».
مشاركة :