أميركا وروسيا مطالبتان بحماية المدنيين السوريين

  • 2/26/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يلقى أعداد صادمة من المدنيين مصرعهم ويصابون بجروح في سوريا، مع محدودية بالغة في مساءلة الدول الضالعة في ذلك، وبصفة خاصة مجلس الأمن الدولي الذي تؤيد غالبية أعضائه أطرافاً متنافسة في الحرب، وفي لعبة تبادلات اللوم الدبلوماسية يبرز نوع جديد من سباق التسلح، وفي الماضي كانت قوى الحرب الباردة تحرص على الزعم بأن:قنابلي أقوى من قنابلكم، أما اليوم فإن هذه القوة نفسها تتجادل حولها أيها لديه القنابل الأكثر ذكاء. تحفل السماء فوق سوريا بتحالفين عسكريين مختلفين هما الحكومة السورية مدعومة من قبل روسيا، والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الذي يشمل عضوين إضافيين في مجلس الأمن هما بريطانيا وفرنسا. وما من طرف في الصراع يبدي استعداداً لتحمل المسؤولية عن دمار المدارس والمستشفيات وغيرها من المرافق المحمية، ولكنها تتعرض للدمار على أساس منتظم بشكل فظيع، والحاجة ماسة لهيئة تحقيقية تحسم الحقائق. وفي سوريا يزعم التحالفان كلاهما أنهما يقلصان عدد الضحايا من المدنيين بينما يزيدان الحد الأقصى من العسكريين القتلى في صفوف الخصوم. وفي غضون ذلك، يسود الافتقار إلى الثقة فالولايات المتحدة تظل مقتنعة بأن تركيا قد تعاملت في بعض الأوقات على امتداد الحرب مع تنظيم داعش، ومكنته من الصعود من خلال تراخي قبضتها على الحدود وإغفالها السوق النفطية السوداء عبر الحدود. وبينما انضمت تركيا إلى التحالف ضد التنظيم الإرهابي فإن عدد هجماتها الجوية التي تشنها ضد حزب العمال الكردستاني ووحدات الحماية الشعبية يظل أكبر بكثير من الهجمات التي تشنها على داعش. ومع دخول الحملة الجوية التي تشنها روسيا في سوريا شهرها الخامس، فإنها تبدي اهتماماً محدوداً بـداعش كذلك، بينما تواصل قصف جماعات المعارضة التي تقاتل الرئيس السوري بشار الأسد. وفي الوقت الحالي يواصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تسيير دفة الحرب والتلاعب بالأكراد ودعم الأسد. وفي غضون ذلك فإن المستشفيات التي تدعمها منظمة أطباء بلا حدود تظل بلا حماية لأن الحكومة السورية مررت في 2012 قانوناً مناهضاً للإرهاب جعلت من غير المشروع تقديم المساعدة الإنسانية بما فيها المعالجة الطبية للمعارضة، الأمر الذي أجبر معظم البنى الصحية على النزول تحت الأرض والعمل دون تسجيل طبي حكومي، ومن هنا فإن الأطراف الضالعة في القصف الهمجي يمكنها الزعم بأنها لم تكن تدرك أن هذه المنشآت هي مستشفيات فيما تمضي في قصفها. وتكشف البيانات الطبية التي تقدمها المنشآت التي تدعمها منظمة أطباء بلا حدود كخسائر بشرية هائلة ناجمة عن الصراع، فهناك 155 ألف جريح بسبب الحرب تم تقديم الرعاية الطبية لهم على امتداد سبعين مستشفى، وهو ما يغطي مساحة محدودة نسبياً من سوريا، وما يتراوح بين 30 و 40% من جرحى الحرب من النساء والأطفال، وهو مؤشر واضح على أن المدنيين لا يحظون بالرعاية. ويقدم أربعة من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن قواتهم الجوية باعتبارها قوات تقاتل الإرهابيين، ويتعهدون باستخدام القوة الجوية نفسها التي تلقي القنابل في إلقاء الطعام أيضا، ولكن الناس في المناطق المحاصرة يموتون في المقام الأول من جروح الحرب ومن الافتقار للرعاية الطبية. ومن الناحية العملية فإن إلقاء الطعام من الجو لا يعدو أن يكون ممارسة للعلاقات العامة. المدنيون يقتلون والمستشفيات تدمر بينما أولئك الذين يحاولون الهرب يقعون في مصيدة مناطق محاصرة في سوريا ويجدون أنفسهم مقابل الحدود التركية والأردنية. إن الأعضاء الأربعة دائمي العضوية في مجلس الأمن الذين يشاركون في الصراع لا بد لهم جميعا من احترام القرارات التي أصدروها هم أنفسهم وضمان أن عسكرييهم وكذلك حلفاءهم سيشرعون في تنفيذ هذه القرارات التي أقروها بالإجماع. وفي غضون ذلك فإن المراقبين الدوليين يلاحظون أنه ما من طرف من الأطراف في هذا الصراع الذي لا تبدو له نهاية قريبة في الأفق يبدي الحد الأدنى من الاستعداد لتحمل المسؤولية عن الدمار الهائل الذي تتعرض له المدارس والمستشفيات بصفة خاصة في مختلف أرجاء سوريا. ويشدد هؤلاء المراقبون بصفة خاصة على أن كلا من روسيا والولايات المتحدة لا بد لهما من أن تتحملا المسؤولية عن حماية المدنيين في سوريا خاصة في ضوء الأعداد الهائلة من القتلى والمصابين الذين تؤكد الإحصاءات الموثقة أنها تتزايد بوتيرة متصاعدة مع استمرار الصراع. قنابل في وقت سابق من الشهر الجاري لم يتردد وزير الخارجية الأميركي في القول إن سوريا تستخدم قنابل غبية في سوريا، وهو ما يعني ضمناً أن الضربات الجوية الأميركية تستخدم فيها قنابل أكثر ذكاء وبالتالي لا يحتمل أن تكون قد تسببت في سقوط ضحايا من المدنيين، ولكن هذا أمر لا يمكن القبول به على علاته، فمن الثابت أن ضربات جوية أميركية قد أسفرت عن تدمير مستشفيات تحظى بدعم منظمة أطباء بلا حدود، وقد قدمت هذه الكوارث على أنها أخطاء، وهو الأمر الذي يشير إما إلى افتقار إلى الدقة، أو هو أسوأ من ذلك أي افتقار لاحترام المنشآت الصحية.

مشاركة :