عراقيون محاصرون بين جبهتين يجسدون محنة البلاد

  • 2/26/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يعيش أكثر من 500 رجل وامرأة وطفل محصورين بين عالمين، الأول يريدهم الرحيل عنه، والثاني لا يسمح لهم بالدخول. على مدى ثلاثة أشهر عاش هؤلاء المئات في أرض حرام في شمال العراق محصورين بين مرمى نيران القوات الكردية من ناحية ومقاتلي تنظيم داعش من الناحية الأخرى. وتجسد ورطتهم المحنة الأوسع التي يجد العرب السنة أنفسهم فيها في النظام الجديد، الذي بدأ يظهر من هذا الصراع الذي شرد الملايين وبدأ يعيد رسم الحدود الداخلية في كل من العراق وسوريا. وتريد المجموعة العالقة بين جبهتين في منطقة سنجار من العرب السنة الرحيل عن مناطق تنظيم داعش، لكن الأكراد يرفضون السماح لهم بالمرور بعد أن أمنوا منطقتهم في الشمال وأصبحوا يخشون تسلل خصومهم عبر صفوفهم. وفي مقابلات هاتفية مع رويترز قال ثلاثة رجال من قرية واحدة بينهم أحد شيوخها إنهم إذا عادوا فسيقتلهم تنظيم داعش لمحاولتهم الهروب. واستقرت المجموعة على مسافة 500 متر تقريباً من المواقع الكردية ونصبت خياماً من الأجولة الفارغة وحفرت خنادق مؤقتة، تحتمي بها عندما يطلق مقاتلو تنظيم داعش قذائف المورتر على قوات البشمركة الكردية. وقال مزارع يدعي محمود عمره 48 عاماً المورتر أفضل من الجوع. فالمورتر يمكنك الاختباء منه أما الجوع فلا يختفي. وقال الثلاثة إن طفلاً وامرأة مسنة ماتا بسبب البرد وسوء التغذية ونقص الرعاية الطبية في شهور الشتاء، ولقي رجلان مصرعهما في انفجار لغم. وقال عدد من أفراد المجموعة إن مولوداً آخر توفي خلال ولادته الأسبوع الماضي. ويعاني البعض من إصابات جلدية بسبب عجزهم عن الاستحمام، كما أن ما يشربونه من مياه الآبار في الأرض الحرام ملوث، ولذلك يرصون أوعية لجمع مياه المطر عندما يسقط. وفي أول شهرين كان الطعام يهرب لهم من داخل أراضي تنظيم داعش، لكن مقاتلي التنظيم قاموا بتلغيم مسار التهريب. وأصبحت المجموعة تعتمد الآن على ما تجود به العشائر العربية التي تعيش على الجانب الكردي من الخطوط الأمامية، واشترت في الآونة الأخيرة مؤناً أساسية سمح مقاتلو البشمركة بمرورها. ويكمل أفراد المجموعة غذاءهم بما يتيسر من نباتات تؤكل تنمو حولهم. وفي بعض الأحيان يقدم مقاتلو البشمركة الخبز من مؤنهم للأطفال بين النازحين عندما يتجولون وهم جوعى حتى الساتر الترابي الخاص بهم، لكنهم يقولون إنه لا يمكنهم السماح بمرور أحد عبر الخط الأمامي ما لم يتلقوا أوامر بذلك من قياداتهم. وقال قائدهم ويدعى فريق جمال إن قرار تحديد من يستبعد ليس بيده لكن كل من يوجد في المنطقة التي يوجد فيها الإرهابيون مشبوه. وفي لقاء مع الصحافيين في جنيف الأسبوع الماضي حض ناطق باسم لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان السلطات الكردية على ضمان سلامة المجموعة وحصولها على المساعدات الإنسانية الأساسية. وقال روبرت كولفيل إذا كان لدى السلطات الكردية مخاوف أمنية بشأن مجموعة بعينها فيجب أن تتحقق من الناس على أساس فردي في موقع آمن وبشفافية كاملة بما يتفق مع القانون. واستقبلت المنطقة الكردية نحو نصف 3.3 ملايين عراقي نزحوا عن ديارهم داخل البلاد خلال العامين الأخيرين الأمر الذي فرض عبئاً ثقيلاً على مواردها. ومن المنتظر أن يزيد العدد عندما تهاجم القوات الكردية تنظيم داعش في معاقلها الباقية. وظلت هذه المجموعة من العراقيين عالقة منذ أن فر أفرادها من قرية جولات عندما هزمت القوات الكردية مقاتلي تنظيم داعش وأخرجتهم من منطقة سنجار في نوفمبر الماضي. ويقول النازحون إنهم حتى إذا استطاعوا العودة إلى قريتهم فهم يخشون أن يتعرضوا لاعتداءات من جانب اليزيديين المحليين الذين يتهمونهم بالتواطؤ فيما ارتكبه تنظيم داعش من فظائع بحق طائفتهم. وكان مقاتلو تنظيم داعش طاردوا الأقلية اليزيدية إذ يعتبرونها من عبدة الشيطان وقتلوا وأسروا الآلاف من أفرادها عندما اجتاحوا منطقة سنجار في صيف 2014. ويصر النازحون العرب على أن شخصاً واحداً فقط من قريتهم انضم لتنظيم داعش ويقولون إنه الآن في الموصل. وقال محمود لو أن بيننا أحداً من داعش لأعدمناه بأنفسنا. كل واحد منا سيطلق رصاصة على رأسه.

مشاركة :