تباينت وجهات النظر حول دور الاستشراق في الندوة التي نظمها فرع جمعية الثقافة والفنون بالباحة يوم امس الأول احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، حيث استهل الندوة عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الباحة الدكتور وليد الزهراني، مثنيًا على أهمية الحوار مع المخالف وتبني الموضوعية في نقده والانطلاق من التفاؤل وحسن النوايا. مؤكدًا على أهمية الشراكة بين الجامعة والجمعية بما يحقق الإسهام في ثقافة ووعي المجتمع لافتًا إلى أن الثقافة الجيّدة تفرض نفسها، كما أقر المسرحي محمد ربيع بفضل المستشرقين على العرب والمسلمين مبديًا تحفظه على ما وصفه بالشطحات. وأرجع رئيس قسم اللغة العربية الدكتور عبيد المالكي عالمية اللغة العربية إلى ارتباطها بالقرآن الكريم، مشيرًا إلى أن الجامعة شريك فاعل مع المؤسسة الثقافية للوصول إلى خدمة المجتمع من خلال فضاءات مجتمعية تتيح مساحة للحوار وتبادل وجهات النظر. وذهب أستاذ اللسانيات في جامعة الباحة الدكتور جمعان بن عبدالكريم إلى أهمية المنهجية عند قراءتنا للاستشراق، مؤكدًا على آلية الانصات للآخر وإن اختلفنا معه، لافتًا إلى أن مناهج أغلب المستشرقين لم تخضع للأدلة والأحكام المسبقة كونهم موضوعيين في قراءتهم ونقدهم. وذهب الدكتور السيد أحمد إلى أن ادوارد سعيد مفكّر قضية ولذا خلط بين الاستشراق والحركات الاستعمارية مشيرًا إلى إشكالية الصورة النمطية التي جعلت الغرب دائمًا في موضع المتميز والأفضل كونهم اشتغلوا على مراكز البحث والتأليف والترجمة ودوائر المعارف، واصفًا الشعوبيين بالمتشدقين باللغات الأجنبية والمباهين بإتقان لغة الآخرين متناسين خطر التجرد من الهوية الإسلامية. فيما يرى أستاذ النقد الدكتور سعيد الجعيدي أن الاستشراق ينقسم إلى قسمين ما قبل الاستعمار وما بعده، واصفًا دراسات المستشرقين المابعدية بالموضوعية كونها هدفت إلى البحث عن المعرفة خصوصًا في الجانب السردي عوضًا عن الشعر، مؤكدًا أن بعض الدراسات ترى عدم أصالته وأنه مستنسخ عن الغرب، مستشهدًا بكتاب «طفولتي» لمستشرق سويدي وصفه بعدم التحيز كونه استقرأ 20 نصًا عربيًا حاورها وفق منهج بنيوي تحليلي واستدلالي أشاد فيها بنماذج السيرة الذاتية العربية وإن تأثرت بالغرب إلا أنها لم تُستلب. وأشار الناقد الدكتور محمد الواقدي إلى أن المستشرقين تجرأوا على الكتاب والسنة وكانت لهم قاعدتان تنصيريتان في لبنان وتهويدية في فلسطين. ولم ير أستاذ الحديث الدكتور محمد حسن الشهري أي ملمح إيجابي في دراسات المستشرقين كونهم خطرا على البلاد والعباد، مؤكدًا استعداده قبول ما وافق الكتاب والسنة وإلقاء ما خالفهما عرض الحائط. ووصف الناقد الدكتور محمد عمر المعرفة بالسلطة، لافتًا إلى ربط محمود شاكر بين الاستعمار وبين الاستشراق والتبشير، مشيدًا بدراسة الآخر الحضاري للأنا الحضاري لادوارد سعيد، ودعا أستاذ الأدب الدكتور عوض القرني إلى اعتداد العربي بنفسه من خلال دينه ولغته ومنهج حياته، فيما أبدى الناقد الدكتور وحيد موافي استغرابه من نقد البعض للغرب والمستشرقين وإرسال أولادهم للدراسة في الغرب، داعيًا إلى قراءة تصالحية لا تصادمية وإلى التخلص من عقدة عداء الغرب، متطلّعًا إلى التخلص من خطابات القرن التاسع عشر وسوء النوايا تجاه الآخر. ويرى أستاذ التاريخ والسيرة الدكتور خميس بن صالح الغامدي أن الدراسات الاستشراقية تقوم على مناهج علمية صارمة دون أخذ في الاعتبار أن القرآن والسنة جزء من عقيدة المسلمين، مرجعًا جرأتهم في الدراسة والبحث إلى منطق القوة والتفوق الاقتصادي والعسكري، مطالبًا العرب بدراسات «استغرابية» موضوعية عن الآخر مثلما قام هو بدراسة تاريخنا وموروثنا، مشيرًا إلى ان بعض المستشرقين روحانيون ويميلون إلى التصوف في قراءتهم لتاريخ المسلمين. وفي ختام الندوة وعد وكيل جامعة الباحة للدراسات العليا والبحث العلمي الدكتور سعيد صالح باستكمال تقديم أوراق عمل الندوة الاستشراقية وتقديمها في الجمعية من خلال ورش عمل دورية.
مشاركة :