واصلت أسعار النفط تراجعها، أمس، مدفوعة بقلق حول مخاوف زيادة المعروض وسط تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، على الرغم من أن زيادة الطلب على البنزين الأميركي ساعد على الحد من الخسائر. وفي ظل غياب آلية ملزمة لتنفيذ اقتراح الدول الكبرى المنتجة للنفط الأسبوع الماضي بتجميد الإنتاج عند مستويات يناير (كانون الثاني)، فإن الضغوط تتزايد على الأسعار، خصوصًا أن المقترحات تشترط «التزام الآخرين». وتقدم بالاقتراح كل من المملكة العربية السعودية وروسيا وفنزويلا وقطر، فيما وصفت إيران ذلك القرار بـ«المزحة»، بينما أقر العراق - أكبر المساهمين في ارتفاع إنتاج «أوبك» - بتأيدها للتجميد، إلا أن إنتاجها ما زال آخذًا في الارتفاع. وانخفضت أمس أسعار العقود الآجلة لخام برنت بنحو 37 سنتًا، ليصل إلى 34.04 دولار للبرميل، بينما وصل خام تكساس 31.67 دولار للبرميل منخفضا بنحو 48 سنتًا، في تمام 2:45 دقيقة بتوقيت غرينتش. كما انخفضت العقود الآجلة للخام الأميركي بنحو 2 في المائة، لتواصل الخسائر منذ بداية جلسة تداولات أمس، وبحلول الساعة الثالثة وثماني دقائق بتوقيت غرينتش، وصل إلى 31.52 دولار للبرميل، منخفضا بنحو 63 سنتًا. وقال ريك سبونر، كبير محللي أسواق النفط في مؤسسة «سي إم سي» في تصريح له لوكالة رويترز، إن الموقف المهيمن الآن على سوق النفط يكمن في تفوق الإنتاج العالمي على الطلب بفارق كبير. وفي مؤشر ذي صلة بارتفاع الفائض من المعروض، ارتفعت مخزونات الخام الأميركي بنحو 3.5 مليون برميل الأسبوع الماضي، ليصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق فوق 507 ملايين برميل، وفقًا لما أعلنته إدارة بيانات الطاقة أول من أمس. وأظهرت بيانات الإدارة ارتفاع مخزونات الخام الأميركي إلى مستوى قياسي جديد فوق نصف مليار برميل، ولكن أيضًا أوضحت الأرقام انخفاض الإنتاج المقترح لنحو 9.1 مليون برميل يوميا وهو المستوى نفسه في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2015. غير أن مخاطر تباطؤ الاقتصاد العالمي تؤثر على معدلات الطلب على النفط، مما يؤثر على الأسعار واستمرار انخفاضها. وفي سياق ذي صلة، خفضت مجموعة سيتي بنك الأميركية توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي إلى 2.5 في المائة من توقعات سابقة بلغت 2.7 في المائة. وقالت المجموعة في بيانها الصادر أمس، إن «آفاق النمو للاقتصاد العالمي تتراجع، مع تدهور في معدلات نمو الاقتصادات المتقدمة، إلى جانب ضعف سابق في الأسواق الناشئة». من ناحية أخرى، قال مسؤولون بوزارة الطاقة التركية أمس، في تصريح لوكالة رويترز، إن شركة غازبروم عملاق الطاقة الروسي خفضت إمداداتها من الغاز الطبيعي إلى شركات القطاع الخاص التركي بنسبة 10 في المائة بسبب خلاف بشأن الأسعار. وأضاف المسؤولون أن الخفض جاء بعد أن رفضت الشركات التركية سداد فاتورة جديدة أرسلتها غازبروم بـ«أسعار أعلى»، بعد إلغاء اتفاق مبدئي يتضمن خفضا قدره 10.25 في المائة في الأسعار. وقالت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء، إن الخفض بدأ سريانه في العاشر من فبراير (شباط) الحالي، وتشتري ست شركات تركية خاصة بإجمالي بلغ 10 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي من روسيا سنويًا، فيما امتنعت «غازبروم» عن التعقيب. وتعتمد تركيا على روسيا في أكثر من نصف وارداتها من الغاز الطبيعي لكن خلافًا نشب بين البلدين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عندما أسقطت أنقرة طائرة حربية روسية بمحاذاة الحدود بين تركيا وسوريا قائلة إنها انتهكت مجالها الجوي. وقال مصدر بقطاع الطاقة في أنقرة في تصريح سابق، إن تركيا لم تطلب إمدادات إضافية من الغاز من أي مصدر آخر بعد تخفيض الإمدادات من غازبروم. وأضاف قائلاً: «في الوقت الحالي لا توجد أي مشكلات فيما يتعلق بتلبية الطلب على الغاز». وقالت تركيا العام الماضي إنها توصلت إلى اتفاق مبدئي يمنحها خصما قدره 10.25 في المائة في أسعار الغاز من غازبروم، لكن التوقيع النهائي على الاتفاق تأجل، مما دفع شركة بوتاش المشغلة لخطوط الأنابيب والمملوكة للدولة إلى تقديم شكوى إلى غرفة التجارة الدولية. وتعد روسيا هي أكبر مورد للغاز إلى تركيا بمبيعات تبلغ ما بين 28 إلى 30 مليار متر مكعب سنويا، قيمتها نحو 6.5 مليار دولار. وتستورد تركيا بنحو 60 في المائة من حاجاتها من الغاز و35 في المائة من حاجاتها من النفط من روسيا.
مشاركة :