تستقبل مراكز الاقتراع في إيران انطلاقًا من فجر اليوم المشاركين في الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس خبراء القيادة التي تعتبر الأولى بعد التوصل إلى اتفاق نووي مع الدول الست الكبرى. وأعلن أمس المتحدث باسم الداخلية حسين علي أميري، جاهزية الوزارة لإجراء الانتخابات، ونقلت وكالة «مهر» الحكومية عن أميري قوله، إن 55 مليون إيراني مؤهلون للمشاركة في الانتخابات. كما كشف رئيس لجنة الانتخابات التابعة للداخلية، محمد حسين مقيمي، عن انسحاب 1480 مرشحًا عشية الانتخابات من أصل 6333 مرشحًا وافق على طلبات ترشحيهم مجلس صيانة الدستور. ومن المقرر أن يخوض 4844 مرشّحًا المعركة الانتخابية لشغل 290 مقعدًا في البرلمان الإيراني العاشر. وفي السياق نفسه، أعلن رئيس لجنة الانتخابات في العاصمة طهران، أن ثمانية ملايين و500 ألف يملكون شروط الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات. ويشار إلى أن بعض الفائزين من طهران في البرلمان الحالي حصلوا على 200 ألف صوت فحسب في الانتخابات السابقة، مما يظهر ضعف الإقبال على الانتخابات. في هذه الأثناء، أعلن وزير الداخلية الإيرانية، رحمان فضلي، أن وزارته لم توافق على نقل الناخبين من نواحي العاصمة إلى مكاتب الاقتراع وسط طهران، بعد تداول تقارير تفيد بنقل نحو مليون ناخب من المناطق المجاورة. من جهة أخرى، تتسم انتخابات مجلس خبراء القيادة التي تجري بموازاة مع الانتخابات البرلمانية هذا العام بأهمية بالغة نظرًا لاحتمال انتخاب خليفة علي خامنئي، المرشد الأعلى، في السنوات الثمانية المقبلة من عمر المجلس، في ظل الحديث عن تدهور صحته. ويتنافس هذا العام 166 من فقهاء الدين على 88 مقعدًا، أبرزهم ممثلو خامنئي ومدرسو المدارس الدينية في قم. في سياق متصل، قال المساعد الأول للرئيس الإيراني، إسحاق جهانغيري، إن الإيرانيين سيدلون بأصواتهم لاختيار أهم ركنين في النظام الإيراني. في غضون ذلك، أفادت وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية، بأن الأجهزة المختصة في «الجرائم الإلكترونية» حجبت عددًا من المواقع الإخبارية بسبب «تجاوزات» انتخابية. وكانت وسائل إعلام تناقلت تقارير في الأيام الأخيرة كشفت عن نيات أجهزة الأمن حجب مواقع التواصل الاجتماعي، أبرزها «تيليغرام»، عشية الانتخابات، في حين ذكرت مصادر إعلامية حجب نشرات وكالة «إيرنا» الرسمية التي تنشر عبر رسائل الهاتف التنقل من قبل شركة الاتصالات الإيرانية. فيما حجبت مواقع أبرزها وكالة «مهر» و«انتخاب» بسبب تغطيتها المتواصلة للتطورات الانتخابية. واحتدم الخلاف بين كبار المسؤولين الإيرانيين المنتمين إلى تيارين مختلفين في الفترة الأخيرة، كما شهدت الأجواء الانتخابية تبادل الاتهامات حول الفساد الاقتصادي والتجاوزات الإدارية بين أنصار ومعارضي الحكومة الإيرانية الحالية. وجاءت الخلافات في أيام الانتخابات في إطار ما شهدته إيران من انقسام عميق حول الاتفاق النووي. ويرهن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، تنفيذ وعوده الانتخابية السابقة من إصلاحات داخل إيران بتغيير تركيبة البرلمان الحالي الذي تسيطر عليه غالبية معارضة لسياسات الحكومة. ويرى المراقبون أن الانتخابات البرلمانية الحالية تعتبر بمثابة مفتاح روحاني للوصول إلى دورة رئاسية ثانية. من جانبه، كان خامنئي قد طالب الإيرانيين بالمشاركة في الانتخابات حفاظا على النظام، ونفى في آخر خطاب له قبل 48 ساعة من موعد الانتخابات أي انقسام بين الدوائر الإيرانية، فيما هاجم استخدام المصطلحات التي شهدت رواجا في الفترة التي سبقت الانتخابات، والتي انقسمت وفقها التيارات إلى «متشدد ومعتدل» في إيران. ووجه خامنئي اللوم إلى المسؤولين الذين يستخدمون تسميات مستوحاة من «قاموس الأعداء»، وعدّ تداول الحديث عن انقسامات في إيران «انقسامات مزيفة»، وكرر اتهاماته الأخيرة إلى بريطانيا وأميركا بالتدخل في الشؤون الداخلية. وبعد ساعات من خطاب خامنئي، رد روحاني بطريقته على تلك التصريحات وقال إن الحديث عن تدخل أجنبي في الانتخابات «يسخر من عقول المواطنين». أمّا حفيد الخميني، حسن الخميني، فدعا المواطنين الإيرانيين إلى المشاركة الواسعة في الانتخابات، واعتبر الخميني عزوف الإيرانيين عن التصويت في الانتخابات يساهم «في تراجع أجيال من الإيرانيين إلى الوراء». وكان حفيد الخميني من أبرز الشخصيات التي أعلن مجلس صيانة الدستور إقصاءهم من انتخابات مجلس خبراء القيادة. وتباينت مواقف الصحف الإيرانية في أعدادها الصادرة صباح أمس حول الانتخابات، في الوقت الذي أبرزت فيه أغلبها مقتطفات من خطاب خامنئي الأخير حول الانتخابات. في سياق متصل، أعلن نجل مهدي كروبي زعيم الحركة الخضراء المحتجز منذ خمس سنوات، محمد تقي كروبي أن والده يريد الإدلاء بصوته في الانتخابات حفاظا على «جمهورية النظام»، ونقل موقع «كلمة» عن نجل كروبي قوله، إن الداخلية تنوي إحضار صندوق متنقل للانتخابات حتى يتمكن كروبي من التصويت. وتفرض السلطات على كروبي ومير حسين موسوي وزوجته إقامة جبرية منذ خمس سنوات عقب احتجاجه على نتائج الانتخابات الرئاسية في 2009 ودورهما في انطلاق احتجاجات الحركة الخضراء. إلى ذلك، أظهرت نتائج استطلاعات مواقع إيرانية، احتمال هزيمة رئيس البرلمان الحالي، علي لاريجاني المرشح من دائرة قم الانتخابية. وذكرت مواقع محلية في قم أن لاريجاني قد يكون أبرز الخاسرين في الانتخابات إثر دعمه للاتفاق النووي في البرلمان. وكانت وسائل إعلام إيرانية تناقلت تصريحات الجنرال قاسم سليماني التي دافع فيها عن لاريجاني بوصفه من أكثر الشخصيات الإيرانية تأثيرا على تطورات المنطقة في السنوات الأخيرة. وجاءت إشادة سليماني بدعم لاريجاني لنشاطات «فيلق قدس» في وقت يعاني لاريجاني من ضغوط كبيرة بسبب اقترابه من حسن روحاني.
مشاركة :