سفر جميل ورشيق في ثنايا رحاب الحرف الذي لا يخفت بريقه، يأتي بوجهه المشرق ليسعد القلوب بالجمال، فهناك العديد من الكُتُب ترى وأنت تغرق في بحر قراءتها ما بين المدِّ والجزر أن عنوان الكتاب كان معبراً تماماً عن مضمونه، يشعل جذوة الفكر، مبلوراً ما احتوت صفحاته وهذا الوصف ينطبق على كتاب: "تذوق الجمال في فن الخط العربي"، للباحث علي بن سليمان الوهيبي؛ وقد يكون الأول الذي يطرح مثل هذا الموضوع في وقت يعد فيه الخط في أمس الحاجة لإعادته إلى المكانة التي يستحقها في زمن الكتابة الرقمية. ويتكلم هذا الكتاب عن جمال الخط العربي وأنواعه وأبرز الخطاطين حول العالم، وصور من أعمالهم الرائعة، وبعض طرق تعلّم الخط العربي؛ كما يقدم نظرة فريدة يغوص فيها في أعماق الخط وفلسفة وأسرار جماليته والدعوة إلى تذوقه. فكرة الكتاب لكل كتاب قصة، تبدأ من فكرة في مخيلة المؤلف حتى تنتهي، وعن فكرة الإصدار يقول الوهيبي: "لما لتذوق فن الخط العربي والكشف عن جماليته من أهمية بالغة، قد قمت بتأليف هذا الكتاب الذي يعد إضافة جديدة للمكتبة العربية، والذي اشتمل على بعض القضايا والموضوعات المهمة في فن الخط العربي وعلاقاته المختلفة، والتي صيغت بشكل جديد، متضمناً في صدارته التذوق الفني والتربية الجمالية، ففي فصله الأول تعرّض الكتاب إلى مفهوم الخط وعلاقاته المختلفة، ومفهوم التذوق الفني، وتعرّض لعدد من الموضوعات، مثل: تعلّم التذوق، مراحل تذوق الخط، تذوق الخط والتأمل، العوامل المؤثرة على تذوق الخط، الإسلام وفلسفة الجمال، الجمال عند الفلاسفة المسلمين، الجمال عند فلاسفة الغرب، الإبداع والأصالة في الخط، تذوق الخط والأخلاق، الخط بين المهارة والموهبة، الخط بين العلم والفن، الخط بين التقليد والتجديد، الخط والاتجاه نحو الحداثة، الخط والفنون المعاصرة، الفنان والخط العربي، الخط العربي الرقمي، الثقافة البصرية والخط. وفي فصله الثاني، يستعرض أنواع الخط وصوره، بشكل مختصر، للتعرف طبيعته، وما ينفرد به كل نوع من سمات تميزه وأما في الفصل الثالث، فيتعرض إلى معايير الجمال في الخط، وأسس نقده، مع ذكر عدداً من المصطلحات وما ورد في مخطوطات الأولين التي تتضمن صفة وقيم الجمال في الخط، وهذه المعايير والأسس التي يتم بموجبها تقويم العمل، وعلى ضوئها يتم النقد والتفضيل الجمالي. كما استعرض الكتاب في فصله الرابع، بعض مشاهير الخط، الذين لهم الباع الطويل في تحسينه، والابتكار فيه ووضع قواعده، للتعرف على سِيَرهُم، اعترافاً بفضلهم، وليتعرف النشء وهواة الخط وطلابه، على من يأخذ عنهم الخط، وعلى أي نماذج يتدرب لمن يريد لكتاباته أن تستقيم. هذا، وقد أفردت مساحة خاصة، لعدد من الخطاطين الشباب، من أصحاب الموهبة الرفيعة، الذين سيحملون بإبداعاتهم، راية الخط من السلف إلى الخلف. ثم تعرضنا في الفصل الخامس لتعليم الخط بين ماضيه وحاضره، والأدوار التي مر بها عبر تاريخه، ودوره في عملية التذوق الفني. واستعرض أيضاً، النظريات والقوانين التي اتبعت في تعليمه، علاوة على التدريب واكتساب المهارة فيه، ودور الفهم والبصيرة، والممارسة الكلية أم الجزئية، وخصائص الفعل الماهر، ومظاهر نجاح أو فشل أسلوب التدريب، وأسرار تعلم الخط وتقنياته. أما الفصل السادس، ففيه قراءة نقدية تحليلية ومقارنات في الفنون الخطية، وتسليط الأضواء على العديد من المسائل والقضايا المتعلقة بالخط وتذوقه، وينهي هذا الفصل بمقاله بأدب النقد والنقاد، ويركز على سلبيات النقد وسلوك الناقد. وفي الفصل الأخير، العديد من الأسئلة، للتذكير والمراجعة لما ورد في الكتاب. أخيراً، فقد جمع الكتاب بين دفتيه، عدداً ليس قليلاً من اللوحات الخطية، وانتقينا أكثرها وضوحاً، مع الاهتمام بنشر لوحات الشباب الجدد الذين يملكون موهبة رفيعة ويسيرون على منوال عمالقة الخط وسيرى القارئ والمشاهد، كم من الجهد المبذول في اختيار أفضل اللوحات وأكثرها وضوحاً، ولا سيما أن عدداً كبير منها ربما ينشر لأول مرة".
مشاركة :