وساطة لوكاشينكو تنهي تمردا فاغنر وتجنب روسيا حمام دم

  • 6/24/2023
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

موسكو/فورونيج (روسيا) - أنهت وساطة قادها رئيس روسيا البيضاء ألكسندر لوكاشينكو التمرد المسلح الذي قاده يفغيني بريجوجن رئيس مجموعة فاغنر شبه العسكرية الذي من المقرر أن ينتقل إلى بيلاروس بموجب اتفاق الوساطة وهي اتفاق أسقطت بموجبه موسكو ملاحقة بريجوجن، وفق ما أعلن مساء السبت دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين. ووفق هذه التطورات من المفترض أن تكون مجموعة فاغنر التي بدأت بالانسحاب من مدينة روستوف بعد الاستيلاء عليها لساعات، قد أوقفت الزحف نحو العاصمة الروسية موسكو. وقال بيسكوف، إن لوكاشينكو عرض التوسط للتوصل إلى اتفاق، بناء على موافقة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لأنه على معرفة شخصية ببريجوجن منذ نحو 20 عاما، مضيفا أنه سيتم إسقاط القضية الجنائية التي رُفعت ضد رئيس فاغنر بتهمة التمرد المسلح وأن مقاتلي المجموعة شبه العسكرية الذين شاركوا في "مسيرته من أجل العدالة" لن يتعرضوا لأي إجراء تقديرا لهم عما قدموه من خدمات لروسيا في السابق. وبالنسبة للمقاتلين الذين لم يشاركوا في المسيرة فسوف يوقعون عقودا مع وزارة الدفاع التي تسعى لوضع جميع القوات المتطوعة المستقلة تحت سيطرتها بحلول الأول من يوليو/تموز. ورغم تعهد بوتين في وقت سابق بمعاقبة من شاركوا في التمرد، قال بيسكوف إن الاتفاق له "هدف أسمى" وهو تجنب المواجهة وإراقة الدماء. وأحجم عن الإفصاح عما إذا كان قد تم تقديم تنازلات لبريجوجن بخلاف ضمانات بسلامته، وهو أمر قال إن بوتين تعهد به، وبسلامة ورجاله لإقناعه بسحب جميع قواته، واصفا الأحداث التي وقعت اليوم بأنها "مأساوية". وقبل الاتفاق كان مقاتلو مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة المؤلفة من مرتزقة، قد قطعوا نصف المسافة من روستوف صوب مدينة موسكو بعد الاستيلاء على مدينة في جنوب البلاد خلال الليل. وفتحت طائرات تابعة للجيش الروسي النار عليهم لكن يبدو أنها عجزت عن إبطاء تقدمهم الخاطف. وفي مواجهة أول تحد خطير لحكمه المستمر منذ 23 عاما، تعهد الرئيس فلاديمير بوتين بسحق تمرد مسلح شبهه بالحرب الأهلية الروسية التي وقعت منذ قرن. وقطع مقاتلو مجموعة فاغنر التي يرأسها حليف بوتين السابق يفغيني بريجوجن بالفعل معظم الطريق إلى العاصمة بعد استيلائهم على مدينة روستوف وانطلاقهم في سباق طوله 1100 كيلومتر صوب موسكو. وشاهدت رويترز ناقلات جند وشاحنة على متنها دبابة مرت بالقرب من مدينة فورونيج، بعدما قطعت أكثر من نصف الطريق إلى موسكو، حيث أطلقت عليها طائرة هليكوبتر النيران، لكن لم ترد تقارير عن مواجهة المتمردين أي مقاومة كبيرة على الطريق السريع. وقال مصدر مقرب من قيادة الجزء الخاضع لسيطرة روسيا من منطقة دونيتسك الأوكرانية، إن قافلة مقاتلي فاغنر التي تقترب من ضواحي موسكو تضم نحو خمسة آلاف مقاتل بقيادة القائد الكبير في المجموعة دميتري أوتكين، وإن نفس العدد من المقاتلين موجود بمدينة روستوف بجنوب البلاد. وأضاف المصدر الذي أثبت أنه محل ثقة في السابق، أن فاغنر لديها في المجمل أقل من 25 ألف رجل تحت تصرفها، مضيفا أن خطة فاغنر بالنسبة لموسكو هي اتخاذ مقاتليها مواقع في منطقة مكتظة بالسكان. وخارج موسكو، أقامت عربات عسكرية مدرعة حواجز على الطرق. وبثت وسائل إعلام روسية صورا لمجموعات صغيرة من الشرطة تحرس مواقع للمدافع الرشاشة في الضواحي الجنوبية لموسكو وطلبت السلطات في منطقة ليبيتسك إلى الجنوب من العاصمة من السكان البقاء في منازلهم. وطلب رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين أيضا من السكان عدم القيام برحلات في أنحاء المدينة قدر الإمكان نظرا لإعلان عملية لمكافحة الإرهاب، قائلا إن الوضع "صعب". وأضاف سوبيانين في بيان أن يوم الاثنين سيكون يوم عطلة من العمل مع بعض الاستثناءات وذلك من أجل "تقليل المخاطر". وهناك انتشار أمني متزايد في شوارع المدينة وتم إغلاق الساحة الحمراء بحواجز معدنية. ويحاول أكثر من 100 من رجال الإطفاء إخماد حريق نشب في مستودع للوقود في فورونيج. وأظهرت مقاطع مصورة حصلت عليها رويترز اندلاع كرة نارية بعد فترة وجيزة من تحليق طائرة هليكوبتر. واتهم بريجوجن الجيش الروسي بقصف أهداف مدنية من الجو في أثناء محاولته إبطاء تقدم مقاتليه. ويقول بريجوجن إن رجاله في "مسيرة من أجل العدالة" للتخلص من القادة الفاسدين وغير الأكفاء الذين يلومهم على فشل الحرب الروسية في أوكرانيا. وقال بوتين في خطاب نقله التلفزيون من الكرملين إن هناك تهديدا يحيق بوجود روسيا. وقال "إننا نناضل من أجل أرواح شعبنا وأمنه، من أجل سيادتنا واستقلالنا، من أجل الحق في بقاء روسيا، هذه الدولة التي يمتد تاريخها لألف عام"، مضيفا "كل من سلك عمدا مسار الخيانة من دبر تمردا مسلحا... من سلك طريق الابتزاز والأساليب الإرهابية. سيعاقب لا محالة وسيكون تحت طائلة القانون وشعبنا". وذكرت وكالة الإعلام الروسية أن بوتين وقع في وقت لاحق قانونا يسمح بالحبس لمدة 30 يوما لمن ينتهك الأحكام العرفية في المناطق التي فُرضت بها. وقال بريجوجن في خطاب حمل نبرة تحد إنه ورجاله لا يعتزمون تسليم أنفسهم، مضيفا في رسالة صوتية "الرئيس يرتكب خطأ فادحا عندما يتحدث عن الخيانة. ولاؤنا لوطننا، قاتلنا ونقاتل من أجله... لا نريد أن تستمر البلاد في العيش لفترة أطول في الفساد والخداع والبيروقراطية". وقال بريجوجن الذي خاضت مجموعته أكثر المعارك دموية في أوكرانيا حتى في الوقت الذي ظل فيه على خلاف مع كبار قادة الجيش لعدة أشهر، إنه استولى على مقر المنطقة العسكرية الجنوبية الروسية في روستوف دون إطلاق رصاصة واحدة. وفي روستوف التي تمثل المركز الرئيسي للإمداد والتموين لقوات الغزو الروسي، أخذ السكان لقطات عبر هواتفهم المحمولة لمقاتلين من مجموعة فاغنر وهم يركبون عربات مدرعة ودبابات قتالية ويتمركزون على بعض المواقع. وكُتب على إحدى الدبابات "سيبيريا" بطلاء أحمر على الجهة الأمامية، في إشارة واضحة إلى عزمهم اجتياح روسيا بأكملها. وشهدت موسكو تواجدا أمنيا متزايدا في الشوارع. وأُغلق الميدان الأحمر بحواجز معدنية. وسألت امرأة من روستوف المرتزقة الذين استولوا على المدينة "هل ستكون هناك حرب أهلية؟". وأجاب أحد المقاتلين "لا، كل شيء سيكون على ما يرام". وفي سلسلة من الرسائل الحادة خلال الليل، طلب بريجوجن من وزير الدفاع سيرغي شويجو ورئيس هيئة الأركان العامة فاليري جيراسيموف القدوم إليه للقائه في روستوف. وقالت عواصم غربية إنها تتابع الوضع عن كثب في روسيا المسلحة نوويا. وتحدث الرئيس الأميركي جو بايدن مع قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا بينما تحدث وزير الخارجية أنتوني بلينكن مع نظرائه من دول مجموعة السبع. وقالت وزارة الدفاع البريطانية "يمثل هذا أكبر تحد للدولة الروسية في الحقبة الحديثة"، مضيفة "على مدار الساعات المقبلة، سيكون ولاء قوات الأمن الروسية وخاصة الحرس الوطني الروسي، مهما لتحديد المسار الذي ستمضي فيه هذه الأزمة". وقد تتوقف قدرة بوتين على الاحتفاظ بالسلطة على ما إذا كان يستطيع حشد ما يكفي من القوات الموالية له لمحاربة المرتزقة وذلك في وقت تنتشر فيه معظم القوات الروسية على الجبهة في جنوب أوكرانيا وشرقها. وحث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره الروسي بوتين على التصرف بعقلانية، وذلك في مكالمة هاتفية لبحث آخر المستجدات. كما يهدد التمرد بغرق قوات الغزو الروسي في أوكرانيا في حالة من الفوضى، بينما تشن كييف أقوى هجوم مضاد لها منذ بدء الحرب في فبراير/شباط من العام الماضي. ونشر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رسالة على وسائل التواصل الاجتماعي قال فيها "ضعف روسيا واضح. ضعف تام... كلما أبقت روسيا قواتها ومقاتليها المرتزقة على أراضينا لمدة أطول، زادت الفوضى والألم والمشكلات التي ستجنيها على نفسها لاحقا" وبريجوجن مدان سابق وحليف طويل الأمد لبوتين ويقود جيشا خاصا يضم آلاف السجناء السابقين الذين تم تجنيدهم من السجون الروسية. وخاض رجاله أعنف المعارك خلال الحرب الدائرة بأوكرانيا منذ 16 شهرا، مثل المعركة التي استمرت طويلا للسيطرة على مدينة باخموت بشرق البلاد. ووجه بريجوجن انتقادات على مدى أشهر لكبار ضباط الجيش النظامي واتهمهم بعدم الكفاءة ومنع الذخيرة عن مقاتليه. وتحدى هذا الشهر أوامر بتوقيع عقد يضع قواته تحت قيادة وزارة الدفاع. وشن تمردا على ما يبدو أمس الجمعة بعد أن اتهم الجيش بقتل عدد كبير من مقاتليه في غارة جوية. ونفت وزارة الدفاع ذلك. وقال "هناك 25 ألف منا وسنكتشف سبب حدوث الفوضى في البلاد"، متعهدا بتدمير أي نقاط تفتيش أو قوات جوية تعترض طريق فاغنر. وقال في وقت لاحق إن رجاله دخلوا في اشتباكات مع جنود نظاميين وأسقطوا طائرة هليكوبتر. دمشق/لندن - يشيع تمرد مجموعة فاغنر شبه العسكرية على القوات الروسية إلى انعطافة خطيرة ليس فقط في مسار الحرب في أوكرانيا لكن أيضا في مناطق انتشار هذه المجموعة في سوريا وافريقيا وهي التي تضم في صفوفها عشرات آلاف المقاتلين المدججين بالسلاح واعتمدت عليها موسكو في السنوات الأخيرة في سياق تمددها الخارجي وفي قيادة العديد من العمليات. وينذر هذا التمرد بسيناريوهات قاتمة خاصة في سوريا حيث ينتشر عشرات آلاف من مقاتليها المسلحين تسليحا جيدا، وسط مخاوف من أن يتمردوا على القوات الروسية وقوات النظام السوري في احتمال قد يعيد خلط الأوراق في منطقة لا تزال مضطربة وقد يوقظ أيضا حربا اعتقدت دول عربية وأخرى غربية أنها باتت أقرب من نهايتها. وتشهد سوريا من فترة إلى أخرى توترات واشتباكات مسلحة لكنها محدودة جدا مع انحسار نفوذ الجماعات المقاتلة المعتدلة والمتطرفة فيما استعاد النظام السوري بدعم روسي وإيراني السيطرة على معظم الأراضي وعلى وقع مصالحة عربية سورية أعادت دمشق إلى حضنها العربي. وتراقب دمشق المعنية بأي تأثير لتمرد فاغنر على أمنها، تطورات الوضع في روسيا مع إعلان موسكو الاستنفار العسكري والأمني خاصة في قلب العاصمة وأمام المؤسسات السيادية تحسبا لأي طارئ، بينما أعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمارس مهامه من مقر الرئاسة وعلى اتصال بالقيادات العسكرية. وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت إلى وجود أعداد كبيرة من مقاتلي فاغنر في الأراضي السورية وكثير منهم من الجمهوريات السوفييتية السابقة، إلى جانب آلاف المقاتلين السوريين المجندين بصفوف المجموعة شبه العسكرية داخل البلاد وخارجها، وسط تساؤلات عن مصيرهم وعن رد فعلهم. وبحسب المرصد تنتشر قوات فاغنر في مناطق حقول نفط في البادية السورية بالإضافة لتواجدها ضمن المنطقة التي تخضع لتفاهمات تركيا وروسيا والتي تعرف بمنطقة خفض التصعيد. كما يتواجد معهم أكثر من 3000 سوري مجندين تحت إمرة قيادة فاغنر بالإضافة لآخرين تم تجنيدهم وإرسالهم لخارج البلاد أيضا. وقد لعبت المجموعة الروسية شبه العسكرية دورا محوريا في المكاسب الميدانية التي حققتها القوات النظامية السورية طيلة السنوات الماضية. واعتمد الجيش الروسي في سوريا بشكل على تلك المجموعة من المرتزقة في العمليات البرية بينما كان دوره يقتصر على الإشراف العسكري والقصف الجوي. وينتشر عناصر شركة فاغنر أيضا في أكثر من بلد إفريقي ضمن سياسة موسكو الجديدة المبنية على "الحرب الهجينة" في مناطق النزاع والتوتر. وتقول تقارير إنه من المتوقع أن تملأ الفراغ الأمني الذي خلف الانسحاب الفرنسي من مالي بعد أن طالب المجلس العسكري برحيل القوات الفرنسية ضمن مهام قوة برخان من البلاد والتي أنهت وجودها بالفعل في الأشهر الماضية. ورغم أن موسكو لا تعترف رسميا بنشاط مجموعة المرتزقة التي اكتسبت شهرة عالمية واتهمت مرارا بارتكاب انتهاكات واسعة، إلا أن الأخيرة تنشط تحت عدة مسميات سواء كشركات للتعدين عن الذهب والماس أو كمدربين عسكريين أو شركات متخصصة في الحرب السيبرانية. وتقول وكالة بلومبرغ الأميركية استناد إلى مصادر لم تسمها، إن مرتزقة فاغنر يتمركزون حاليا في عشر دول إفريقية منها: السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وليبيا وزيمبابوي وأنغولا ومدغشقر وغينيا وغينيا بيساو وموزمبيق وربما في جمهورية الكونغو الديمقراطية. لكن المؤكد أن فاغنر تنتشر في ليبيا وجمهورية إفريقيا الوسطى والسودان وموزمبيق، بهدف تدريب الجيوش المحلية وحماية كبار الشخصيات أو مكافحة الجماعات المتمردة أو الإرهابية وحراسة مناجم الذهب والماس واليورانيوم في المناطق الساخنة. وفي المقابل تحصل الشركات التابعة لفاغنر على امتيازات وتراخيص لاستغلال هذه المعادن والثروات وتوريد أسلحة وتقنيات وخدمات عسكرية. وأهم الدول الإفريقية التي تنشط بها شركة فاغنر في إطار التصور الجيواستراتيجي لروسيا لبسط نفوذها في القارة السمراء، هي مالي حيث تدعم المجلس العسكري الحاكم وتعمل على التمدد مع تراجع النفوذ العسكري الغربي في المنطقة. وينتشر مرتزقة فاغنر في ليبيا وتحديدا في سرت (شرق طرابلس) والجفرة (جنوب شرق طرابلس)، ويتمركزون بقاعدة القرضابية الجوية ومينائها البحري، بالإضافة إلى قاعدة الجفرة الجوية. وتقدر مصادر أميركية وأممية عدد مرتزقة فاغنر في ليبيا بنحو ألفي عنصر غالبيتهم من روسيا وشرق أوكرانيا وصربيا، بالإضافة إلى مرتزقة سوريين موالين لها جندتهم المجموعة من شركتين أمنيتين تشرف عليهما في سوريا وهما "صائدو داعش" و"سند للحراسة والخدمات الأمنية". وتتمتع فاغنر بتسليح جيد، فمن الطائرات المسيرة الخفيفة المخصصة للمراقبة وتوجيه المدفعية، إلى القناصة ومنظومات 'بانتسير' الصاروخية المضادة للطائرات، وصولا إلى مقاتلات 'ميغ 29' الحديثة متعددة المهام' وقاذفات 'سوخوي 24'. وأزاحت روسيا فرنسا من موقعها كأكثر الدول نفوذا في جمهورية إفريقيا الوسطى التي تعاني من تردي أوضاعها الأمنية منذ 2013، وتمثل فاغنر إحدى أوجه التعاون الخفية في البلاد. ومنذ 2018، يتواجد بجمهورية إفريقيا الوسطى، المئات من الجنود الروس وعناصر فاغنر (نحو 450 عنصر) تحت اسم "مدرب عسكري"، لكن موقع "ذي أفريكا ريبورت" قدر عددهم بأكثر من ألف مدرب عسكري وفرتهم شركة فاغنر. وتكفل فاغنر أمن المؤسسات المختلفة، وتلعب دورا رائدا في تدريب الحرس الرئاسي والجيش، (نحو 1300 عنصر) ويحرسون الرئيس فوستين أرشانج تواديرا، من المجموعات المتمردة التي تسيطر على نحو ثلثي مساحة البلاد. كما يحمي عناصر فاغنر مناجم الذهب والماس ويحصلون على نسبة من العائدات، اذ تقع معظم هذه المناجم شمال شرقي البلاد، منها مناجم قرب مدينة بامباري في مناطق نفوذ تحالف متمردي سيليكا وغالبيتهم من المسلمين. وحصلت شركة 'لوباي إنفست سارلو' الروسية في صيف 2018، على التراخيص اللازمة للتنقيب عن الذهب والماس بعد أشهر من إرسال موسكو شحنات أسلحة إلى بانغي تضمنت أسلحة رشاشة وقاذفات صواريخ وأيضا مدرعات ثقيلة. وبدأت فاغنر نشاطها في السودان منذ 2017 تحت غطاء عدة شركات منها "ميروغولد" و"أم إنفست" للتنقيب عن الذهب، بحسب وسائل إعلام سودانية وغربية. وتولت تدريب أفراد من الجيش السوداني وأيضا قوات الدعم السريع في إقليم دارفور. وكانت تنشط في عدة مدن سودانية من ميناء بورتسودان إلى الخرطوم ودارفور وتزعم وسائل إعلام غربية ومحلية أن فاغنر نقلت أسلحة وأفرادا من السودان إلى جمهورية إفريقيا الوسطى عبر مطاراتها أو عبر الحدود بين البلدين من منطقة أم دافوق. وهذا ما دفع الولايات المتحدة لإدراج شركة "آم أنفست" الروسية، في قائمة العقوبات في 15 يوليو/تموز 2020، باعتبارها غطاء لشركة فاغنر. وينتشر مرتزقة فاغنر كذلك في شمال موزمبيق وبالضبط في مقاطعة كابو ديلغادو الغنية بحقول الغاز الطبيعي والتي تشهد نشاطا متزايدا لتنظيم "أنصار السنة" الذي أعلن بيعته وولاءه لتنظيم الدولة الاسلامية الإرهابي في 2018. لكن فاغنر لا تبلي بلاء حسنا في موزمبيق وخسرت 10 من عناصرها على الأقل في مواجهات مع "داعش وسط إفريقيا"، ما دفعها لتغيير تكتيكها في هذه المنطقة الواقعة قرب خط الاستواء والمعروفة بغزارة أمطارها وكثافة غاباتها، ما يصعب من مهمة المجموعة الروسية. وتحاول وزارة الدفاع الروسية حاليا احتواء التمرد مراوحة بين استهدف وحدات من فاغنر في مناطق انتشارها في أوكرانيا والعمل على تطويقها في الأراضي الروسية وبين دعوة مقاتليها للاستسلام للجيش الروسي أو الاتصال بسلطات إنفاذ القانون. وقالت في بيان "لقد أدرك العديد من رفاقكم خطأهم بالفعل من خلال طلب المساعدة للعودة بأمان إلى مكان انتشارهم الدائم، وقد تم تقديم هذه المساعدة لجميع المحاربين والقادة الذين تقدموا بطلبات". وأكدت أن سلامة الجميع مضمونة من خلال مطالبة المرتزقة بتوخي الحذر والاتصال بممثلي وزارة الدفاع الروسية أو سلطات إنفاذ القانون في أقرب وقت ممكن. وصباح السبت، أعلن قائد فاغنر يفغيني بريغوجين وصول قواته إلى مدينة روستوف الروسية ومحاصرة مقر المنطقة العسكرية الجنوبية. وأظهرت مشاهد تم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاتلي فاغنر منتشرين حول مبنى المقر التابع لوزارة الدفاع الروسية مع عربات مدرعة ودبابات. وتعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمحاسبة "الخونة" من مجموعة فاغنر بعد أن هدد قائدها بالإطاحة بقادة الجيش الروسي. ودعا قائد مجموعة فاغنر إلى انتفاضة على قيادة الجيش الروسي. وبث سلسلة من الرسائل من ليل الجمعة إلى السبت قال فيها إنه دخل مع قواته إلى مدينة روستوف بجنوب روسيا، مؤكدا سيطرته على مواقع عسكرية فيها. ومنذ أشهر يخوض بريغوجين صراعا على السلطة مع قيادة الجيش الروسي التي اتهمها بقتل عناصره في شرق أوكرانيا. وفي مناسبات عدة، اتهم كبار الضباط بعدم تجهيز قواته بما تحتاجه من العتاد وتعطيل تقدمها لأسباب بيروقراطية، بينما تنسب لنفسها جميع الانتصارات التي حققها مقاتلو فاغنر. والجمعة قال بريغوجين بنبرة ملؤها الغضب إن قادة الجيش الروسي أمروا بشن ضربات على معسكراته وقتلوا العشرات من عناصر مجموعته، مؤكدا أنه سيتم توقيف ضباط بارزين في الجيش الروسي، متعهدا بأن "يذهب حتّى النهاية". وقال لاحقا أن قواته أسقطت مروحية عسكرية روسية. وبعد ساعات، أكد قائد مجموعة فاغنر السيطرة على المواقع العسكرية في روستوف، المدينة الواقعة في جنوب روسيا والتي يقع فيها المقر العام للقيادة الجنوبية للجيش الروسي حيث يتم تنسيق العمليات العسكرية في أوكرانيا. ثم أكد بعد الظهر سيطرة قواته على المقر العام "من دون إطلاق رصاصة واحدة". وقال الكرملين ليل الجمعة إلى السبت إن "الإجراءات اللازمة" ضد التمرد تمّ اتّخاذها. وعززت السلطات الروسية الإجراءات الأمنية في موسكو وفي عدة مناطق مثل روستوف وليبيتسك. وحذر بوتين السبت من "التهديد القاتل" ومن خطر "الحرب الأهلية" اللذين يمثّلهما قائد مجموعة فاغنر بتمرده على القيادة الروسية. وحث البلاد على الوحدة. ووصف بوتين الذي قال الناطق باسمه إنه يعمل من الكرملين، تمرد مجموعة فاغنر بأنه "خيانة" مؤكدا أن المتمردين "سيعاقبون حتما". وانخرطت قوات مرتزقة فاغنر بالفعل سابقا في نزاعات في الشرق الأوسط وإفريقيا، على الرغم من نفيها ذلك، لكن بريغوجين أقر العام الماضي أنه أسس المجموعة بتجنيده الكثير من عناصرها في السجون الروسية مقابل وعد بالعفو. في شرق أوكرانيا، شكلت قوات فاغنر رأس الحربة في المعارك. وكان مرتزقتها في الصفوف الأولى للهجوم الذي دام عدة أشهر على مدينة باخموت التي سيطرت عليها روسيا بعد أن تكبدوا خسائر فادحة في صفوفهم. ويمثل تمرد فاغنر أخطر تحد حتى الآن لحكم بوتين الطويل ويمهد لأخطر أزمة أمنية منذ توليه السلطة في أواخر عام 1999. ويأتي فيما تشن كييف هجوما مضادا لاستعادة أراضيها. وقال الجيش الأوكراني إنه "يراقب" الخلاف الناشئ بين بريغوجين وبوتين. واعتبرت وزارة الدفاع الأوكرانية أن التمرد "فرصة" لأوكرانيا. وحذرت موسكو من جانبها، من أن جيش كييف يستغل الفرصة لتجميع قواته وشن هجمات في منطقة باخموت، بينما أثار التمرد أيضا ردود أفعال عدة زعماء في العالم. وقالت واشنطن وباريس وبرلين وروما إنها تراقب التطورات عن كثب.

مشاركة :