لا أدري إذا كانت الشدائد التي تمر بها الأمة في هذه المرحلة تستحق الشكر الوارد في قصيدة الإمام الشافعي: جزى الله الشدائد كل خير... عرفت بها عدوّي من صديقي! أم لا؟!.. والواضح أن الأمة التي تقود الآن حربًا باسلة دفاعًا عن هويتها العربية، لم تعد تعرف على وجه الدقة من هو العدو ومن هو الصديق، خاصة فيما يتعلق بالأعداء المخفيين، لا الظاهرين! والحق أنه في السابق قبل أن تتكالب الأمم الأخرى علينا لسلب العروبة عن بعض بلداننا وصبغها بصبغة فارسية وغير فارسية، كان لنا عدوّ واحد اسمه إسرائيل.. ولأنه عدوّ ظاهر يُثبت عداوته كل عام على الأقل! فقد تربّت الأجيال العربية على كراهيته، حتى بات منتهى كل طالب أن يلتحق بأحد الجيوش العربية لمواجهة هذا العدو الغاشم! ثم دارت الأيام واستدارت فظهر لنا أعداء آخرون، تعددت مهامهم وتنوّعت أساليبهم وتكاثرت تدخلاتهم، بل وجرائمهم، حتى شغلونا وشغلوا جيوشنا العربية عن مهامها الأساسية في مواجهة إسرائيل! تخيل معي الآن لو أن مصر هادئة وجبهتها الأساسية في سيناء مستقرة، ولو أن سوريا مطمئنة وجبهتها الأساسية في الجولان حرة! وقس على ذلك في غالبية الدول العربية بما فيها المملكة التي تقود الآن ملحمة دفاع تاريخية عن هوية الأمة، وعن كرامة العرب والمسلمين. أعود فأسأل عن عدوي وعن صديقي، في ظل اختلاف مواقف أو تصريحات الأصدقاء الذين نراهم كذلك في الصباح، ثم نُفاجأ بهم مختلفين في المساء! عن مَن يُصنِّفهم البعض أعداء، فيُفاجئوننا في الصباح بتصريحات تقترب من مواقف الأصدقاء! هذا عن الذين ليسوا من العرب؛ من القوى الكبرى وغير الكبرى، الذين لا يثبتون على موقف واحد لمدة أسبوع واحد!! أما عن بعض العرب فحدِّث ولا حرج! إنهم الحائرون، والتائهون والهائمون في صحراء العلل!! إنهم الرافضون للانخراط في إيقاظ أمة كادت تحتضر! إنهم الكارهون لإعادة ما ضاع من هيبة الأمة وما انحسر!! لقد كان من المفترض -بل ما يزال- أن تكون «معرفة العدو من الصديق» خاصة بغير العرب، لكننا في الحقيقة -وكما نشاهد كل يوم- نرى أقوامًا أقرب وألصق في عُرَى النسب..! أخشى أن يكون الآن -في هذا الزمان- بيننا عرب بائدة! فالذي أعرفه ويعرفه الجميع أن هذا النوع قد اندثر قبل الإسلام! أخشى أن يكون التعريف قد تحوّل من عرب بائدة، وعرب عاربة، وعرب مستعربة، إلى عرب «شكلًا»، وعرب «مضمونًا»، وعرب «بلا شكل ولا مضمون»!. sherif.kandil@al-madina.com
مشاركة :