إن ما تسعى إلى تحقيقه قمة الميثاق الجديد للتمويل العالمي التي تستضيفها باريس خلال الفترة من الـ22 إلى الـ23 من حزيران (يونيو). لكن بقدر أهمية هذا التجمع، فإنه محفوف بالمخاطر أيضا. فإذا كانت نتيجته الوحيدة إعلانا سياسيا أجوف، فقد تفقد جهود الإصلاح الأوسع مصداقيتها. لهذا السبب، يتعين على الحاضرين تسليم مخطط ملموس يتسم بالطموح، لكنه أيضا واقعي وعملي. تطرح القمة الأسئلة الصحيحة، وهي تقدم الفرصة للجميع للتفكير الإبداعي حول حلول جديدة لتحديات اليوم غير المسبوقة. ويجب أن تركز المناقشة على ثلاثة آفاق زمنية. الأول هو يوم التجمع، عندما يكون لزاما على الحكومات أن تتفق، على سبيل المثال، على تعليق التزامات خدمة الديون المستحقة على الدول التي تواجه أحداثا مناخية كارثية، كما حدث في أوج جائحة كوفيد - 19. يمتد الأفق الزمني الثاني على مدى الأشهر الـ18 المقبلة، عبر الوقت المتبقي من رئاسة الهند، ثم رئاسة البرازيل، لمجموعة العشرين. ولأن ستة أشهر فقط مرت منذ الإعلان عن قمة باريس، فلم يكن الوقت كافيا للتفاوض بشأن اتفاقيات نهائية حول قضايا سياسية حرجة. مع ذلك، لا يزال بوسع القمة أن تصنع القوة الدافعة اللازمة لعملية التفاهم حول مثل هذه الاتفاقيات في الأشهر المقبلة مع توصل الحكومات إلى الطرق الكفيلة بتمكينها من التغلب على العقبات المحلية التي تحول دون اتخاذ تدابير أكثر قوة. على سبيل المثال، من الممكن أن يساعد اتفاق تمهيدي لتحسين كفاءة العملية التي تنشر بها بنوك التنمية المتعددة الأطراف رأس المال المتاح في فتح الباب أمام مساهمات رأسمالية أكبر من قبل الدول المانحة في المستقبل. يغطي الأفق الزمني الثالث الأعوام القليلة المقبلة، عندما تنشأ الحاجة إلى إدخال إصلاحات بعيدة المدى على النظام المالي العالمي. لتمهيد الطريق، ينبغي للقمة أن تستكشف الخيارات المتاحة لحشد أنواع مختلفة من الجهات المانحة والاستفادة من مصادر تمويل جديدة، مع التأكيد على إنشاء آليات ضريبية دولية جديدة. هذا من شأنه أن يساعد على توسيع نطاق الحوار بما يتجاوز تمويل التنمية رسميا. ليس الأمر أن النظام المالي الحالي لا يزال يحابي الاستثمارات الكثيفة الكربون مفضلا إياها على المشاريع المستدامة فحسب، بل إنه يحابي أيضا المضاربة البحتة "على أدوات مالية غامضة والعقارات عادة" على حساب الاستثمارات الإنتاجية في الدول الأكثر فقرا. إدراكا منه لمدى عمق هذه المشكلات، اقترح أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، أخيرا، إنشاء برنامج شامل للتدابير الرامية إلى إعادة توجيه التمويل "غير المنتج وغير المستدام"، وإعادة موازنة أشكال التنافر البنيوي التي تعيب النظام الاقتصادي العالمي. ينبغي لقمة باريس أن تساعد على إطلاق هذا الحوار حتى يحقق نتائج ملموسة -بما في ذلك تخصيص الأموال العامة لدعم الدول النامية- في الأشهر والأعوام المقبلة. هذه هي اللحظة الملائمة لوضع أجندة إصلاح واضحة المعالم تتسم بالقدر الكافي من الطموح، وتمنح الجنوب العالمي أملا حقيقيا في المستقبل. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2023.
مشاركة :